مهنا: فلسطين هي البوصلة القومية وعلى جميع القوى إعادة التموضع والتجذّر في خيار المقاومة

أقامت منفذية الكورة في الحزب السوري القومي الاجتماعي مهرجاناً خطابياً حاشداً، دعماً للمقاومة في فلسطين وتنديداً بالعدوان الصهيوني على غزّة وما يرتكبه العدوّ من مجازر وجرائم ضدّ أبناء شعبنا الفلسطيني.

المهرجان أقيم على أرض الملعب البلدي في فيع، وحضره وفد من قيادة الحزب ضمّ نائب الرئيس توفيق مهنا، عميد المعلوماتية جورج ضاهر، ناموس المجلس الأعلى جورج ديب، المندوب السياسي في الشمال زهير حكم، منفذ عام الكورة الدكتور باخوس وهبة وأعضاء هيئة المنفذية، وعدد من أعضاء المجلس القومي والمسؤولين عن الوحدات الحزبية في المنطقة وحشد من القوميين والمواطنين.

وحضر الوزير السابق فايز غصن ممثلاً بالمحامي رامي لطوف، وفد من حزب الله ضمّ عضوَيْ المجلس السياسي غالب أبو زينب ومحمد صالح ومسؤول قطاع الشمال الشيخ رضا أحمد، وفد من التيار الوطني الحر ضمّ المنسّق العام الدكتور بيار رفول وعضو الهيئة التأسيسية جورج عطا الله ومنسق التيار في الكورة نبيل حريكي، وفد من تيار المرده ضمّ عضو المكتب السياسي فيرا يمّين ومسؤول التيار في الكورة بربر معراوي، رئيس اتحاد بلديات الكورة المهندس كريم بو كريم، رؤساء بلديات: أميون وفيع وبترومين وبرسا وكفرصارون، إضافة إلى مختارين، ومأمور نفوس الكورة سعاد العمود، الرئيس السابق لجمعية مصارف لبنان عبد الله الزاخم، الأب شارل قصاص وشخصيات وفاعليات المنطقة الاجتماعية والأهلية وحشد من المواطنين.

استهلّ الحفلّ بالنشيد الوطني اللبناني والنشيد القومي، وبالوقوف دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء فلسطين والأمة، ثمّ ألقى ناظر الإذاعة والإعلام في منفذية الكورة الدكتور هنيبعل كرم كلمة رحّب فيها بالحاضرين، وقال شعراً باللهجة المحكية عن التضامن مع غزّة.

رفّول

وألقى المنسّق العام للتيار الوطني الحرّ بيار رفول كلمة قال فيها: «نلتقي في هذه المناسبة، والمنطقة العربية مشتعلة من المشرق إلى المغرب، من فلسطين إلى العراق إلى سورية إلى اليمن إلى ليبيا وتونس. نلتقي لنتضامن مع أهلنا في غزّة، ولنعلن وقوفنا إلى جانبهم في مقاومة «إسرائيل»، هذا العدو الذي لا يحلو له إلا أن يتلذذ بقتل الأبرياء من الأطفال والشيوخ والعزّل، والسباحة في بحر دمائهم».

وأضاف: «إن ما يجري من جرائم ودمار في غزّة، يتمّ بمباركة من الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها من أغراب وأعراب، إذ لم يستنكر أيّ من المراجع الدولية والأمم المتحدة هذا الاعتداء على الأرض الفلسطينية وعلى شعب فلسطين وهويته، بل على العكس، يشجعون «إسرائيل» على الاستمرار في العدوان، بعدما اعتمدوا تصنيفات تحوّل الظالم إلى مظلوم، وتعتبر الفلسطينيين المظلومين شعباً معتدياً وإرهابياً».

وتابع رفول: «إنه العار في هذا الزمن الرديء الذي تفصّل فيه القوانين والمواثيق على قياس «إسرائيل» ومصالحها. وهي التي تعمل على طمس الهوية الفلسطينية. فيما تنظيم «داعش» ربيب «إسرائيل» وأميركا والأعراب يلتزم إنهاء الوجود المسيحي، وتشويه صورة الإسلام من أجل «إسرائيل» العنصرية».

وأكد أنّ ما يحصل في غزّة جريمة موصوفة ضدّ الإنسانية، فيما عرب أميركا لا يرفّ لهم جفن. ويا أبطال غزّة لا تلوموا هؤلاء الحكام لأنّ عقولهم قد صدأت على التنبلة وجنزرت همَمهم وانقطع شريان الكرامة لديهم، لأنهم عبيد أسيادهم.

وأشار إلى أنّ فلسطين عام 1948 لم تسقط ولم تستسلم بل بيعت على يد أسلاف هؤلاء الحكام، لقد دفع لهم الغرب آنذاك ثمن فلسطين مالاً وسيطرة على شعوبهم. وها هم اليوم يردّون لأسيادهم المال أضعافاً آملين منهم الاستمرار في حماية عروشهم والحفاظ عليهم وعلى منابع ثرواتهم. ولنتذكر معاً عبارة قالها معلم فكري وسياسي نهضوي هو أنطون سعاده: «إنّ العبد الذليل لا يمكنه أن يمثل أمة حرّة لأنه يذلّها».

ولفت رفول إلى أنه منذ 66 سنة، ومقاربة «إسرائيل» هي مقاربة الحرب والإجرام والدمار والقتل، ومع ذلك لم تستطع أن تقتل في وجدان شعبها القلق والخوف من المصير المجهول. فـ«الإسرائيلي» يولد ويموت في الحرب، وقد قطع أيّ أمل بـ«الأرض الموعودة» والحياة الهانئة والمستقرة. كما بدأت في داخله الانشقاقات، وأصبح خطّ الهجرة من الكيان الصهيوني مزدهراً… وهذا بفضل المقاومة التي قويَ ساعدها وبدأت تتمدّد على هذه الأرض المروية بعرق الأبطال البواسل وبدماء الشهداء وتضحياتهم.

وركّز رفول على أنّ صمود غزّة يشكل مفترقاً جديداً، فكما كانت حرب تموز 2006 تحوّلاً سيئاً في حياة «إسرائيل»، هكذا الآن المقاومة الفلسطينية ستحوّل هذه الحرب باتجاهٍ إيجابي لمصلحة القضية الفلسطينية.

وأكد أنّ ما أخذ بالقوة لا يستردّ إلا بالقوة وبوحدتنا وعزيمتنا وثقتنا بقدرتنا وإيماننا بالانتصار. ونحن في زمن الفصل العمودي بين محورين: محور المقاومة والممانعة ومحور الارتهان والإذعان والاستسلام، ولن تكون الغلبة إلا لمحور المقاومة والممانعة، وقد لاح انبلاج الفجر. وإذا كان حبل الصرّة في بطن الأم يعطي الحياة للجنين، فغزّة الجهادية المقاومة الصامدة هي حبل صرّة الأمة التي ستعطي الحياة لفلسطين حرّة أبية مستقلة عاصية على الطامعين والغزاة.

يمّين

وألقت عضو المكتب السياسي في تيار المرده فيرا يمّين كلمة استهلّتها بالقول: «إنّ فلسطين هي الهدف وهي القضية، وكلّ كلام أو حلم لا يشرق إلا من بندقية. وفي حين نعدّ السنوات ونرثي الشهداء ونرفع الصلاة ونحترف مجالس العزاء، ونراهن على عرب باعوا الأرض والعرض في سوق البغاء والغباء. إلا أن الأرض استفاقت اليوم وسقطت كلّ المسميات، لا جبهة لا جهاد، لا فتح ولا حماس، باتت غزّة قوية على مقياس المقاومة. والكلّ ارتقى إلى مصاف المقاومة لتصبح فلسطين مقاومة. ومن أرض غزّة المحترقة ينبلج من النار نور ويتحوّل الدخان إلى بخور».

وردّدت يمّين شعار «فلسطين لستِ وحدك»، وأردفت قائلة: «إنه شعار رُفع تضامناً معها، صحيح لستِ وحدك ولكن مَن معك؟ لنكن واقعيّين، لستِ وحدك… فكلّ نفَسٍ مقاومة معك، وسورية المنتصرة معك، وإيران الملتزمة قضيتك معك، لستِ وحدك…

فلسطين لستِ وحدك اليوم، جئناك بكلمة ولو أنّ كلّ كلام يبدو باهتاً أمام أحمر دمائك، وكلّ صوت يبدو مخنوقاً أمام صوت الرصاص الذي ينخر أجساد أطفالك. ولكن… ولأن في البدء كان الكلمة، نستلّها سيفَ حق نشهره في وجه مُدّعي العروبة، ومُشوّهي الأديان، وراسمي الخرائط، في وجه الصهيونية المتفشية في جسد المنطقة تحت مسمّيات مختلفة وكلها في النهاية تصبّ في خانة واحدة… التكفير».

وأكدت يمّين الالتزام بفلسطين الهوية، بالقضية، بأرض المهد والإيمان. ملتزمون بفلسطين زيتوناً وبنادق، حجراً وبشراً، إيماناً وعقيدة، ولن نسمّيك إلا بِاسمك كما أوصانا الرئيس سليمان فرنجية.

وختمت يمّين كلمتها بالقول: «اغفري لهم يا حبيبة على ما اقترفوه بحقك من الداخل أو من الخارج، واعتبريهم أبناء ضالين، عسى أن يعودوا نهائياً عن ضلالهم النفطي ليتوضّأوا بماء انتمائهم إليك».

أبو زينب

وألقى عضو المجلس السياسي في حزب الله غالب أبو زينب كلمة حزب الله واستهلّها قائلاً: «من هذا المنبر المقاوم، الذي اعتاد أهله المقاومة التي عاشوها في كلّ مراحلها، في مراحل المرارة وفي مراحل النصر. من هذا المنبر نريد أن نقول وإياكم أنّ غزّة هي فلسطين، وأنّ فلسطين هي غزّة، وأننا بدأنا نغيّر وجه التاريخ».

وأضاف: «بدأت المقاومة التي كانت جنيناً، وخجولة، والتي راكمت بفعل الشهداء منذ احتلال فلسطين إلى الآن انتصارات، وأتت هذه الانتصارات لتقول إنّ هذا الخيط الرفيع، الذي يربط الأمة ويعيدها إلى جادة الصواب بفعل الدماء الطاهرة وعذابات المقاومين، قد أصبح حبلاً متيناً، ونجاة الأمة من خلال التمسك به، وإنْ كانت هذه الأمة بعيدة عن المقاومة ستسقط لا محالة».

وأشار إلى أننا اليوم نشهد في غزّة مشهداً آخر، نعرف معنى أنّ تقصف الطائرات الصهيونية الأهل والأحبة، أن تخطف الأطفال، ونعرف تماماً تلك الأيدي القوية التي تمتشق السلاح، ونعرف تلك النفوس العامرة بالإيمان بقضيتها، وتقدّمها قرباناً على مذبح الشهادة. نعرف أنّ كلّ ذلك له طريق واحد هو طريق النصر، لذلك فالطريق التي تخطها غزّة على رغم كلّ الأثمان التي تدفع وأرقام الشهداء هي طريق زوال «إسرائيل» لا محالة.

وقال: «لقد كانت البداية الواضحة عام 1982 حينما أراد القضاء على المقاومة الفلسطينية، هذا الاندفاع كان بداية النهاية لأنه أشعل المقاومة في لبنان، وقد استطعنا عام 2000 معاً أن نهزم هذا العدو بطريقة مختلفة تماماً، وفي 2006 استطعنا أن نقول أنّ هذا الطريق الذي انتهجه العدو الصهيوني قد انتهى إلى غير رجعة، وتوازن الرعب الذي أقامته المقاومة حمى لبنان والكثير من غير اللبنانيين. ولكن ما لم يدركه هذا العدو وما ظنه، أنّ الأمور سوف تقف عند هذا الحدّ وأنّ ثمة شيئاً لم يستطع أن يكتشف العمق فيه هو في غزّة. لقد ظنّ البعض من المفترين أنه عندما تتحدّث المقاومة في لبنان عن فلسطين ودعمها، أنها تريد أن يكون هناك إشعال للبنان في حدوده وغير ذلك، ولم يدرك أنّ المقاومة تتسرّب إلى غزّة، ولم يعلم أنّ هناك تواصلاً روحياً ومادياً مع غزّة وغيرها، لم يكن يعلم أنّ خبرات المقاومة كانت تنتقل بهدوء تامّ وبروح وثابة إلى عمق فلسطين لتعيد المشهد الذي كان في لبنان».

وأكد أبو زينب أنه كما هزمناه في لبنان، نرى هزيمة هذا الصهيوني مرّة أخرى في غزّة، نرى البدايات، ونرى طبعاً في غزّة كلّ فلسطين، ونرى في فلسطين أصل الوجود لهذه المنطقة، ونعلم أنّ بقاء احتلال فلسطين أصل كلّ بلاء في هذه المنطقة، لذلك نحن لا نستطيع أن نرى فلسطين إلّا من البحر إلى النهر، لا نستطيع أن نراها إلا ببيروت وبغداد ودمشق والقاهرة وكلّ البلاد العربية. لا نستطيع أن نكون مع فلسطين إلا أن نكون مع أنفسنا ولا نستطيع أن نكون مع أنفسنا إلّا إذا كنّا مع فلسطين.

هذه هي المعادلة التي لا خروج عليها، ما ترونه من وجوه متعدّدة للصهيونية سواء في الداعشية أو في جبهة النصرة أو في النفط العربي وأولئك الذين يرحّبون ويبتسمون عندما يجلسون مع الصهاينة… كلّ هؤلاء يشكلون النقيض لفلسطين وتحريرها. ولذلك يشدّون على أيدي المحتلّ الصهيوني ويتمنّون لو أن المقاومة لا تستطيع أن تفعل شيئاً، لا بل يتآمرون على المقاومة في غزّة، كما تآمروا على المقاومة في لبنان عام 2006، يتآمرون ويدفعون نحو أن تسلّم المقاومة وتوقف إطلاق النار من دون أدنى شرط. كان يحلم البعض بأن تنتهي المقاومة في غزّة في ظلّ تفكك العالم العربي وإغراقه في مذهبياته وانقساماته للقضاء على تنوّعه. إلا أنّ هناك ما يمنع تحوّل هذه المنطقة إلى مذهبيات متقاتلة وهو المقاومة. ويريدون القضاء على المقاومة في غزّة ليكون لهم باب إلى المقاومة في لبنان وغيره. لذلك دفعوا باتجاه التغطية الكاملة للعدو «الإسرائيلي» على رغم أنّ عدد الشهداء ناهز الـ600 شهيد. هؤلاء يريدون القضاء على المقاومة لتعيش «إسرائيل» في هدوء، وأن تفعل ما تشاء في المنطقة، لذلك لم يكن عبثاً أن هناك من هجّر المسيحيين من الموصل.

واعتبر أبو زينب أنه إذا كان هؤلاء الداعشيون يقولون إنهم من أهل السلفية، فالإسلام منذ نشأته في العراق أصيل فيها، إلا أنّ هناك مخططاً، وما يجري أنّ هناك أيدي تخدم الصهيونية سواء عرفت ذلك أم لم تعرف. أقول ذلك لأنني مؤمن بأنّ خيار المقاومة على رغم كلّ العذابات، وعلى رغم ما نقدّمه من تضحيات، فإننا نرى خيار المقاومة يتقدّم… لا ليحرّر فلسطين، إنما ليحرّر كل النفوس العربية.

وختم أبو زينب: «إلى ذلك الحين نحن مستعدّون أن نقدّم الغالي والنفيس، وأن نبقى على ما نحن عليه من جهوزية تامة، لمقارعة العدو الصهيوني ومجابهة كلّ أذناب هذا العدو. أما أولئك الذين يتحرّكون في الداخل لا قيمة لهم أمام المشاريع الكبيرة، إننا ننظر إلى فلسطين لنرى أنفسنا فيها، ونقول إننا نستحق أن نعيش ونبقى من أجل فلسطين والقدس والمقاومة».

مهنا

وألقى نائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي توفيق مهنا كلمة مركز الحزب وجاء فيها: «يوم عودة سعاده من مغتربه القسري في الثاني من آذار عام 1947، وعلى أرض الضاحية الجنوبية لبيروت، خاطب اللبنانيين قائلاً: لعلكم ستسمعون من يقول لكم إنّ إنقاذ فلسطين هو حيف على لبنان واللبنانيين، أما أنا فأقول لكم إنّ إنقاذ فلسطين هو أمر لبنانيّ في الصميم وهو أمر شاميّ في الصميم وعراقيّ في الصميم، هو أمر قوميّ بالصميم.

وأضاف مهنا: ها نحن على أرض الكورة، نتفيّأ بزيتونها، بنور النهضة السورية القومية، نحيّيك يا زعيمي في ذكرى استشهادك، اغتيالك، إعدامك، لأنّ القرار الذي صدر بقتلك كان يستهدف قتل روح المقاومة في الأمة ونبض هتاف الجراح في العزّ القومي. من أرض الكورة نحيّي شعبنا المقاوم وكورتنا قلعة مقاومة، في أرضها نما جيل مقاوم، في أرضها حملت مخيمات التدريب أبطالاً قوميين اجتماعيين من أجل تحرير لبنان من الاحتلال «الإسرائيلي»، ومن أجل فلسطين التي كانت وستبقى على الدوام بوصلة نضالنا القومي مع عدوّ نعتبره، ويتأكد هذا الاعتبار، انه عدو وجودنا ومصيرنا القومي. لذلك خاطبنا سعاده منذ زمن قائلاً: اتقوا الله واتركوا الحزبيات الدينية، كلنا مسلمون لرب العالمين، منا من أسلم لله بالإنجيل ومنا من أسلم لله بالقرآن ومنا من أسلم لله بالحكمة وليس لنا من عدو يقاتلنا في أرضنا وديننا ووطننا إلا اليهود.

وقال مهنا: «هذا هو سعاده، وهذه كورة سعاده، وهؤلاء رفقاء سعاده، نحن في شهر تموز الذي هو في تراثنا الحضاري، السوري، الضارب في عمق هذه الأرض، تموز شهر الحصاد، عرق المزارعين، حصاده غلة وافرة بحجم الجهد والتعب والعرق. وتموز دم المقاومين، حصادهم حرية وكرامة وانتصارات بحجم التضحيات والشهداء والجرحى والمشرّدين والمقهورين، هذا هو تموز الذي انتصر وانطلقت منه المقاومة الوطنية اللبنانية بقرار من الحزب في 21 تموز 1982، تموز الذي انتصرت فيه المقاومة في الـ2006، وتموز الذي سيشهد انتصار المقاومة في غزّة وفي فلسطين. هذا هو شهر تموز شهر العطاء ونبع القوة والعنفوان ونبع المجد الذي آمنا أن نكتبه بدم الأحرار».

وأشار مهنا إلى أنّ العدوان البربري على غزّة المقاومة، جزء من حرب عدوانية تآمرية على خط المقاومة، في كلّ سوريا الطبيعية، هي حرب على الشام ولبنان والعراق، وهي حرب صهيونية أميركية مدعومة من قوى المعسكر الاستسلامي العربي الذي يتعرّى أمام تضحيات المقاومة التي تكشف ضعفه وتبعيّته وارتهانه.

وسأل مهنا: «ماذا يريد العدو اليوم من هذه الحرب الجديدة؟ يريد نزع سلاح المقاومة، تجريدها من ترسانتها الصاروخية. انظروا كيف حدّد جدول العدوان وأهدافه وتدرّج بفعل صمود المقاومة واستبسالها إلى أن يحدّد هدفاً هو تدمير الأنفاق».

وتابع مهنا: «هل يقدر العدو على تدمير أنفاق؟ أم أنّ المقاومة أدخلته في نفق يعرف كيف يدخل منه ولا يعرف كيف يخرج؟ يستفرد في غزّة ولكن كيف الردّ؟ الردّ صمود يفوق التصوّر لشعبنا في قطاع غزّة المحاصر، ولكن إرادة الصامدين تحوّل غزّة الأرض المنبسطة إلى أرض تشكل عقبة حقيقية في وجه العدوان، تحوّل غزّة من أرض فوق الأرض إلى أرض تحت الأرض يتسلل منها المقاومون ويضربون العدو في صدره، كما يتسللون ويضربونه من خلف خطوطه. وما يعلنه العدو من أرقام القتلى والجرحى ليست صحيحة، بل هي أكثر بكثير، إنما هو عدو جبان يخاف أن يعلن عن قتلاه… أما نحن فنعلن عن شهدائنا ونحملهم على الأكف والأكتاف لأنهم يفتحون أفق المستقبل. هؤلاء هم شهداؤنا لا نخفي أسماءهم وعناوينهم وأماكن استشهادهم. كيف نردّ؟ نردّ بتباشير انتفاضة نراها قريبة في الضفة الغربية، ونردّ أيضاً بدعوة صريحة لإعادة تموضع جميع القوى في محور المقاومة لتكون بوصلة المقاومة فلسطين فقط. ألم يحن الوقت لمغادرة المغامرات «الإخوانية» بامتدادها القطري والتركي واعتماد محور المقاومة ومعقلها سورية؟ من يدعم المقاومة ويسلّحها ويموّلها ويدرّبها ويشدّ أزرها؟ من يقوّي عضلها ويحميها في حضنه الدافئ؟ أليس هذا المحور الذي تقوده على أرض سورية الطبيعية دمشق الصامدة والمقاومة، المحور الممتدّ إلى العراق وإيران؟ لذلك ندعو إلى إسقاط التباينات وإعطاء الأولوية لدعم المقاومة».

وأردف: «كما نرى، إنه حق علينا وواجب أن ندعو لأن يصدح صوت المقاومة بكلّ فصائلها، خصوصاً حركة حماس، في دعوة صريحة واضحة لهذه التيارات الإسلامية التكفيرية التي تضرب في دول سورية الطبيعية والدول العربية إلى أن توقف إرهابها وقتالها من أجل إقامة دولة مرتجاة في أدبيات تسمّيها أحياناً «الدولة الإسلامية»، وأحياناً أخرى «الخلافة الإسلامية». أهذا هو زمن إقامة الدويلات على أساس ديني؟ أهذا هو زمن إعلان الخلافات أو الإمارات؟ أم هو زمن مقاومة العدو الصهيوني؟ والمحتلّ الذي يفتك بأرضنا وشعبنا ومقدساتنا في القدس وفي كلّ مكان؟ غريب أمر هذه الجماعات التي ترفع زوراً شعار الإسلام، وشعار الجهاد، هل يصبح الجهاد فرض عين في البصرة والموصل وفي صيدنايا ومعلولا، وفي الرقة والحسكة فتستهدف بحرابها وبسلاحها أماكن كانت على الدوام منارات تمجّد الله على الأرض وتدعو الإنسان إلى أن يرتقي إلى سدّة السماء. هل يكون هذا الإيمان المزوّر مدخلاً لها للفتك بالمؤسسات والمقامات والكنائس والجوامع والمساجد واغتيال العلماء؟ أين هي بوصلة الجهاد؟ أهي هنا أم باتجاه فلسطين وحدها؟ هل تعني لهم شيئاً؟ هل هي قضية؟ لماذا إذن هذه الحرب المجنونة التي تشنّ على كلّ الأقطار العربية… على جيوشها وشعوبها ومجتمعاتها؟ ولا تشنّ أبداً على العدو الصهيوني؟».

وأكد مهنا أنه حريّ بكلّ مقاوم أن يعلن بكلّ شفافية وصدق والتزام الوقوف مع الرئيس بشار الأسد في مقاومة هذه الغزوة الصهيونية. فها هو الرئيس بشار في خطاب القَسَم، على رغم ما تعانيه سورية من حرب مدمّرة، ومن سرطان يتفشى عبر هذه الجماعات الإرهابية المتخلفة في فكرها وثقافتها والمتوحشة في ممارستها، ها هو الرئيس الأسد يقول إنّ فلسطين هي قضية سورية، ونحن من أرض الكورة نقول: نريد رئيساً في لبنان ونريد رؤساء عرباً على مستوى هذه القامة والقيادة التي يمثلها الرئيس بشار الأسد.

ولفت مهنا إلى أنهم يحاولون أن يزوّرا حقيقة الصراع ويزيّفوها ليبرّروا جرائمهم وارتباطاتهم وتبعيتهم للاستعمار وللصهيونية. ومن الشعارات التي تروّج للتضليل أنّ هذه الجماعة تتصدّى لمشروع إيراني يبغي إقامة هلال شيعي. نحن على أرض الكورة جماعة آمنت بالهلال لا هو هلال شيعي ولا هو سني، آمنت به هلالاً خصيباً مقاوماً يمثل حقيقة الأمة السورية بكلّ مكوّناتها وحضارتها وعنادها. ونحن ننتمي إلى أمة حضارية جمعها سعاده في زوبعة واحدة مثلت وحدة الصليب والهلال… لأنّ هذه هي وحدة هويتنا وحقيقة أمتنا وليس صحيحاً أننا شعب يرضى أن يقع أسير هذه الفتن التي تقذف إلى قلبه من قبل أدوات مأجورة.

وختم مهنا كلمته بتوجيه التحية إلى الكورة، وقال: «إنّ الحزب الذي افتتح عهد المقاومة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة وخاض نضال معارك فلسطين منذ عام 1936 واستشهد على أرضها سعيد العاص وحسين البنا، وخاض الحرب على أرض فلسطين، وكان له باع طويل في المقاومة الفلسطينية منذ انطلاقتها حتى عندما غادرت منظمة التحرير لبنان بفعل الإرهاب الصهيوني والمؤامرة الدولية، كان الحزب السوري القومي الاجتماعي حزب المقاومة الرائد في تفجير المقاومة. لقد كان شعار مؤتمرنا في بولونيا عام 1984 «المقاومة قدر لا خيار». وبالنسبة إلينا، ما زال شعاراً مرفوعاً نمارسه على أرض الجنوب وفي كلّ مناسبة وفرصة لمقاتلة العدو، وهو اليوم ما يجسّده رفقاؤنا على أرض غزّة، ليبقى هتافنا يدوّي في العالم أجمع لتحيا سورية وليحيا سعاده.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى