24 ساعة حاسمة لمسار الحرب ومساعي الوساطة

كتب المحرر السياسي

جون كيري يغادر المنطقة الجمعة، كما تقول روزنامة مواعيده، ما لم يطرأ ما يستدعي تمديد زيارته المحددة بهدف عنوانه، لا عودة من القاهرة والمنطقة قبل إنجاز اتفاق لوقف النار في غزة، وهذا يعني أن التوصل لاتفاق يوقف الحرب «الإسرائيلية» اليائسة على غزة بات قريباً، والجيش «الإسرائيلي» يطلب من قيادته كما تقول المواقع المحسوبة عليه في الصحافة وشبكات التواصل، أن بنك الأهداف قد استنفد، وأن العمل البري يراوح مكانه والخسائر فيه تفوق المكاسب، وأن تبادل القصف صار مؤذياً معنوياً ومادياً «لإسرائيل» سواء في ما تتلقاه من صواريخ المقاومة أو ما تتلقاه بنتيجة قصفها للمدنيين الفلسطينيين.

صائب عريقات مسؤول ملف التفاوض الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية يتحدث عن تفاهم خلال ساعات من صباح اليوم، وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يعلن القبول بهدنة إنسانية لسحب الجرحى والشهداء وإيصال المؤن للمحاصرين وترك المجال لإصلاح أعطال الكهرباء والمياه والهاتف للأحياء التي طاول الدمار أوجه الحياة فيها، لكن مشعل يعلن تمسك حركة حماس وسائر فصائل المقاومة بفك الحصار كشرط لوقف نهائي لإطلاق النار.

جون كيري وزير الخارجية الأميركي ومعه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزراء أوروبيون، خصوصاً بريطانيا والنرويج، يشتغلون على حلول وسط ترتضيها جميع الأطراف بعدما نجحت التحركات الأميركية بترتيب العلاقة القطرية السعودية، وتنشيط التواصل التركي القطري مع حماس للوصول إلى نقطة في منتصف الطريق مع المبادرة المصرية المقبولة «إسرائيلياً» والقائمة على الفصل بين وقف النار وفك الحصار.

منتصف الطريق يدور بين عدة خيارات، منها خطة رئيس السلطة الفلسطينية الذي يضع جدولة زمنية لخمسة أيام تبدأ بوقف النار ضمن ضمانات دولية لفك الحصار من دون تحديد كيف ومتى لتتم مفاوضات برعاية وحضور الأطراف الدولية الراعية للعودة إلى تنشيط مسؤوليات السلطة الفلسطينية وفقاً للاتفاقات السابقة، بتوليها أمر المعابر، وقد شكل كلام وزير خارجية بريطانيا عن فك الحصار وحلول تعيد الحياة للمسارات التفاوضية بمثابة إشارة لماهية الحل وطبيعة وهوية الضمانات.

الصيغة الثانية المتداولة هي الإعلان عن هدنة إنسانية لمدة يوم واحد تتلوها عملية تمديد ليوم آخر، ويوم ثالث إذا اقتضت الضرورة ليتم الإعلان عن الاتفاق الكامل في غضونها، فتتحول الهدنة لوقف نهائي للحرب مع ما يرافق ذلك من خطوات لفك الحصار وهي صيغة مصرية «إسرائيلية» أميركية.

الصيغة الثالثة هي صيغة بريطانية نروجية تقوم على توقيع رسمي بين حكومة المصالحة الفلسطينية بضمانة الرئيس الفلسطيني وزعماء الفصائل الرئيسية من جهة والحكومة «الإسرائيلية» من جهة مقابلة وضمانة مصر وتركيا وقطر والسعودية من جهة واللجنة الرباعية بمكوناتها الأميركية الروسية الأوروبية الأممية من جهة مقابلة لاتفاق هدنة لعشر سنوات يتضمن توافقاً على إنهاء ظاهرة السلاح في غزة وحصرها بالسلطة وأجهزتها وفك الحصار بكل أشكاله والعودة للاتفاقات المعقودة من ضمن مندرجات اتفاقية أوسلو وتسلم السلطة المعابر والمناطق المحددة بـ أ وب و ج في الضفة والقطاع والدخول في مفاوضات سياسية برعاية الأطراف الضامنة للوصول لاتفاق سلام نهائي خلال سنة من تاريخه يجري تطبيق تفاصيلها خلال مدة سنوات الهدنة بما فيها الانسحابات «الإسرائيلية» والاعتراف الفلسطيني بحق «إسرائيل» بالأمن مقابل حق الدولة الفلسطينية بالوجود.

أربع وعشرون ساعة حاسمة بين خياري الحرب ووقفها، بعدما استهلك «الإسرائيليون» اندفاعاتهم وصارت حربهم عبئاً عليهم، ويريدون استباق يوم القدس ومفاجآته غداً، وبعدما بدت المقاومة ممسكة بزمام المبادرة على رغم فوارق الأثمان التي يدفعها كل من الفريقين الفلسطيني و «الإسرائيلي».

فصائل المقاومة التي تستعرض على مدار الساعة كل الصيغ المتداولة تنفي لـ «البناء» استعدادها للقبول بصيغة شاملة تتصل بربط وقف النار بمساعي التفاوض على اتفاق سلام، كما تنفي استعدادها للقبول بصيغة متلعثمة لفك الحصار، سواء عبر الهدنة الإنسانية أو سواها، وتؤكد اتفاقها بالإجماع على التمسك بوقف نار وفك حصار ونقطة أول السطر.

لبنان الذي يواجه استحقاقات داهمة في قطاعي المال والتربية مناصفة، سينعقد برلمانه يوم السبت تضامناً مع غزة والموصل، في خطوة تأخرت كثيراً عن موعدها، فأهل الموصل من المسيحيين تهجروا وصار التضامن معهم موقفاً أخلاقياً بلا فعالية، بعدما كانت الفكرة التضامنية قد ولدت يوم الإنذار الموجه للمسيحيين بترك منازلهم، والتضامن مع غزة ربما يحين موعده وقد بدأت مفاعيل وقف النار، وكانت الفكرة قد انطلقت مع أيام الحرب الأولى، في مشهد قد لا يصح القول فيه أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، بل ربما ما نفع أن تأتي «بعد خراب البصرة».

«14 آذار» وتكرار الرتابة حول الاستحقاق الرئاسي

داخلياً، لم يغيّر مشهد جلسة مجلس النواب أمس من حيث عدم اكتمال النصاب والتي كانت مخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية من تكرار الكلام الرتيب لرئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ونواب كتلته من مسؤولية الفريق الذي تنتمي إليه «القوات» عن التعطيل المتعمد للاستحقاق الرئاسي على رغم التبريرات الممزوجة لأطراف فريق «14 آذار» عن استمرار هذا التعطيل ودفع البلاد نحو الشلل الكامل في كل مؤسساتها.

أربعة استحقاقات داهمة

وبينما حدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري موعداً جديداً لجلسة انتخاب الرئيس في 12 آب المقبل، وأخرى تعقد يوم بعد غد السبت للتضامن مع قطاع غزة بوجه العدوان «الإسرائيلي» ومع مسيحيي الموصل ضد إرهاب التكفيريين طغت الهموم المعيشية والمطلبية والتربوية على مجمل حركة الاتصالات داخل مجلس النواب وخارجه، بالتوازي مع تصعيد الهيئات النقابية التربوية تحرّكها في الشارع استنكاراً لسياسة ضرب المؤسسات ومعها حقوق ومطالب لأكثر من مليون لبناني على المستويات كافة، وقد تمحورت هذه الحركة باتجاه أربعة استحقاقات هي:

ـ الأول: إخراج أزمة الأجور من «بازار» النفقات التي يريدها تيار المستقبل وحلفاؤه بما يؤدي إلى قوننة هذه الأجور وإعطائها الطابع القانوني بعيداً من سياسة «الدكنجية» التي يريدها فؤاد السنيورة.

الثاني: إخراج سلسلة الرتب والرواتب من حالة التسويف والمماطلة التي يعتمدها الفريق نفسه حيال حقوق المعلمين والموظفين والعسكريين حيث يسعى «المستقبل» لإعطاء تصحيح منقوص من جهة، ونهبها من جيوب الفقراء وأصحاب الدخل المحدود من جهة ثانية، عبر رفع القيمة على الضريبة المضافة.

الثالث: إنقاذ الامتحانات الرسمية لأكثر من 107 آلاف تلميذ من خلال الإفراج عن السلسلة لكي يتمكن المعلمون من تصحيح هذه الامتحانات وإصدارها.

الرابع: إخراج ملف الجامعة اللبنانية من منطق المحاصصة الذي يصرّ عليه حزب الكتائب بما يؤدي إلى الحفاظ على مسيرة الجامعة وعلى العام الدراسي لأكثر من 70 ألف طالب.

مخرج موقت لأزمة الرواتب

ويعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم في السراي الحكومية برئاسة الرئيس تمام سلام ستتناول الاتفاق المالي بين وزير المال علي حسن خليل وممثلي الكتل النيابية على دفع رواتب موظفي القطاع العام هذا الشهر وقبل عطلة عيد الفطر، وملف مجلس إدارة الجامعة اللبنانية وتفرغ اساتذتها.

وكان الاجتماع الذي ضم وزير المال علي حسن خليل، والرئيس فؤاد السنيورة، ووزير الصحة وائل أبو فاعور، والنائب جورج عدوان، والنائب غازي يوسف في مبنى مكاتب مجلس النواب، انتهى على اتفاق بدفع رواتب موظفي القطاع العام لهذا الشهر بتطبيق القاعدة الإثني عشرية على نفقات موازنة 2005 مضافاً إليها مخصصات القانون 238 على أن يستكمل البحث في هذه القضية وموضوع سلسلة الرتب والرواتب بعد عيد الفطر.

وجاء هذا المخرج على طريقة «لا يموت الديب ولا يُفنى الغنم» بمعنى أن الوزير خليل لن يوقّع أي شيء غير قانوني وأن المال سيأتي من احتياط الوزارات المتعلق بالإنفاق غير الضروري والمؤجل، بحيث يحوّل إلى رواتب الموظفين على أن تستكمل خطوات المعالجة لاحقاً من خلال سحب مشروع قانون الحكومة من مجلس النواب واستبداله بمشروع آخر لم تستكمل عناصره، مع أن تيار المستقبل يسعى إلى أن يكون صفقة كاملة يتجاوز عقدة الـ11 مليار دولار التي صرفت في عهد حكومة السنيورة.

وأشارت مصادر مطلعة إلى أن رئيس الحكومة سيسحب خلال الجلسة مشاريع القوانين التي تقونن الإنفاق في المجلس النيابي والتي كانت قد أقرتها لجنة المال والموازنة»، وأن مسألة رواتب الموظفين سلكت طريق الحل.

وأكد امين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان لـ«البناء» أن هذا «الحل موقت جداً ويؤثر سلباً في الإدارات والوزارات التي لن تستفيد بعد اليوم من الاحتياط لغياب الموازنة».

وأشار كنعان إلى أن «الحل الجذري يكون باستعادة المالية العامة إلى كنف الدستور وقانون المحاسبة العمومية الذي يمنع أي صرف غير مستند إلى قانون صادر عن المجلس النيابي، وإلا سنستمر في الدوامة نفسها بارتفاع العجز وبدين يتبعه بالوتيرة التصاعدية».

«المستقبل» يضع عراقيل جديدة أمام السلسلة!

وتضيف المعلومات أن هذا التوافق الأوّلي لم يَسرِ على موضوع سلسلة الرتب والرواتب، وقالت مصادر مطلعة إن تيار المستقبل لا يزال على موقفه متذرعاً بالاتفاق قبل الذهاب إلى الجلسة بدل أن تُترك الأمور إلى الجلسة العامة.

وهذا التصلب ظَهر أيضاً في اجتماع السنيورة ووفد «المستقبل» أمس مع الوزير خليل إذ تحدثت المعلومات أن السنيورة «وضع عراقيل جديدة أمام إقرار السلسلة تتمثل بتخفيضها 20 في المئة وإعادة النظر بتعرفة الكهرباء أي رفعها إضافة إلى زيادة واحد في المئة على ضريبة القيمة المضافة على كل السلع، ومعتبراً أن السلسلة لن تمر بالصيغة الحالية»، لكن السنيورة نفى عبر مكتبه الإعلامي أن يكون صدر عنه أي تصريح أو أعطى معلومات لكن ما جرى تناقله عنه لم ينقل عن رئيس كتلة المستقبل بل عن بعض الذين حضروا الاجتماع.

جنبلاط يبتعد عن المحاصصة الطائفية في ملف الجامعة

أما في ملف الجامعة اللبنانية وتحديداً ما يتعلق بتعيين العمداء وإقرار ملف التفرغ، وعلى رغم الاتصالات والمشاورات التي استمرت حتى ساعات متأخرة من ليل أمس بين وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب ووزير الاقتصاد ألان حكيم لإيجاد حل لملف العمداء إلا أن مصير الجامعة لا يزال مجهولاً في ظل تشبث «الكتائب» بموقفه القاضي بنسف اللائحة بالأسماء المفترضة لعمداء الجامعة، والمقترحة من صعب بحجة أن أكثرية الأسماء محسوبة على 8 آذار.

وأكد وزير التربية والتعليم العالي لـ«البناء» أن طرح النائب وليد جنبلاط بتخليه عن العميد الدرزي في كلية السياحة مقابل الإصرار على بيار يارد في عمادة الطب، هو طرح إيجابي لأنه غير مبني على محاصصة طائفية، ويتماشى مع قناعاتي، مشيراً إلى أن التفاوض النهائي متوقف على مطالب حزب الكتائب.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء أن حزب الكتائب طرح على الوزير بو صعب الحصول على حصة الحزب التقدمي الاشتراكي في كلية السياحة، مقابل بقاء العميد يارد في كلية الطب.

اعتصام للأساتذة المتعاقدين

وبالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء ينفذ الأساتذة المتعاقدون في الجامعة اللبنانية اليوم اعتصاماً عند العاشرة صباحاً في ساحة رياض الصلح.

لا إفادات للطلاب والحل قبل عيد الفطر

مطلبياً، نظمت رابطة موظفي الإدارة العامة اعتصاماً أمام مبنى وزارة الصناعة في بيروت، ضمن الإضرابات المقرر تنفيذها من قبل هيئة التنسيق النقابية يوم الأربعاء من كل أسبوع للمطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب بالإضافة للمطالبة بدفع رواتب موظفي القطاع العام.

كما نفذ طلاب الشهادات الرسمية في مرحلة التعليم الثانوي اعتصاماً أمام وزارة التربية وشارك في الاعتصام وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب الذي أكد للطلاب أنه من اليوم وحتى أيام العيد سيكون هناك قرار يسمح للطلاب بالدخول إلى الجامعات، مشيراً إلى أن إعطاء إفادات للطلاب يخل بالمستوى التعليمي في لبنان ويجب حصول معالجات مسؤولة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى