جعجع يترشح فينتخب الفراغ رئيساً ويخطف بعبدا إلى معراب

إعلان القوات اللبنانية ترشيح رئيسها لمنصب رئيس الجمهورية، لم يفتتح الانتخابات الرئاسية ويعبد الطريق أمام المزيد من الترشيحات، وبالتالي تمهيد الطريق لإجراء الانتخابات في موعدها عبر تقديم التنافس الديمقراطي الطبيعي.


ترشيح جعجع خطوة مدروسة، على رغم أن كل درس لفرصه الرئاسية يوصل إلى النتيجة صفر حظوظ، فلو تحقق نصاب الثلثين لجلسة الانتخاب الرئاسية على قاعدة إعطاء الأولوية لإجراء الانتخابات وترك المنافسة تأخذ مداها الطبيعي، لن يستطيع جعجع لو حصل على كل أصوات حلفائه في الرابع عشر من آذار العبور من ممر النصف زائداً واحداً في الجولة الثانية وما بعدها، فلا نواب الشمال في حلف الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد صفدي قادرون على منحه أصواتهم أمام تعقيد نتائج تورطه في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي، ولا على قاعدة الحسابات الواقعية لفرص فوزه، ولا نواب كتلة النائب وليد جنبلاط من الوارد أن يمنحوه أصواتهم ليتحقق له الأمل باجتياز عتبة الغالبية اللازمة للفوز في الدورة الثانية وما يليها، ولن يوجد بين نواب التيار الوطني الحر أو تكتل التغيير والإصلاح وبالتأكيد أيضاً ليس بين نواب الثامن من آذار من يمكن أن تتوقع القوات أن يمنح صوته لرئيسها.

إذا كان كل درس الحظوظ فوز جعجع يؤكد أنها صفر محقق فما هي الدراسة التي أجراها جعجع وفريقه وأدت لإعلان الترشيح؟

أول ما يخشاه جعجع هو ما يجري تداوله عن فرضية تحقق تفاهم بين تيار المستقبل برئاسة الرئيس سعد الحريري والتيار الوطني الحر برئاسة العماد ميشال عون، توليهما رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية لتحقيق توازن طائفي مريح للبلد واللعبة السياسية فيه، وما تحققه خطوة ترشيح جعجع هي وضع صدره أمام أي إندفاعة حريرية نحو مثل هذا التفاهم لإجهاضه، حيث لا يمكن الحريري الدخول في تفاهم رئاسي مع العماد عون بينما جعجع مرشح رسمي يجب التفاهم معه وإرضاءه لتأمين السير في فرضية التفاهم مع العماد عون رئيساً للجمهورية، فتكون النتيجة الأولى لترشيح جعجع وضع ترشيحه حاجزاً بوجه الحريري كحليف، يقول إن فريقه سيدعم مرشحاً من الرابع عشر من آذار، مما يعني أنه سيكون من الصعب بل شبه المستحيل على الحريري تخطي عقبة جعجع إلا برضا جعجع نفسه، وهذا الرضا إن حصل فسيحصل بشروط يضعها جعجع، وفي مقدمها استبعاد فرضية انتخاب العماد عون.

تحول جعجع في فريق الرابع عشر من آذار إلى صاحب الفيتو الوحيد في الاستحقاق الرئاسي مقابل تحول تيار المستقبل إلى الناخب الرئيسي، معادلة سيضمنها جعجع يوم يريد الإفراج عن الاستحقاق الرئاسي والسماح بإجرائه، لأن تيار المستقبل الضروري لتحقيق نصاب الثلثين في جلسة الانتخاب سيكون ممنوعاً عن ذلك بقوة ترشيح جعجع حتى يسترضيه، ويصير التفاهم كاملاً مع الفرقاء الآخرين على اسم المرشح العتيد وموافقة جعجع على الاسم تصير ضرورية لسحب ترشيحه، ليتحقق النصاب ويتم الانتخاب.

يتخطى جعجع عتبة إلقاء القبض على النصاب عبر تيار المستقبل، ليلقي القبض على الانتخاب واسم المرشح وموعد الانتخابات، وهي كل عناصر الاستحقاق الرئاسي.

يخطف جعجع بعبدا إلى معراب إلى أجل غير مسمى، ويمسك بيده مفاتيح الإفراج عنها طالما أن مفاتيح نصاب الثلثين بيد حليفه تيار المستقبل، الذي لن يجرؤ على تخطي عتبة معراب في الطريق إلى بعبدا.

المرشح جعجع ينتخب الفراغ رئيساً إلى أجل غير مسمى.

مصدر في «14 آذار»: جعجع لا يصلح ليكون رئيساً

في السياق ذاته، رأى مصدر وزاري في «14 آذار» أن ترشح جعجع لرئاسة الجمهورية شأن يعنيه، حيث إن من حقه الترشح كما من حق غيره. ولفت إلى أن هذه الخطوة لا تقطع الطريق على أحد، فمن يريد أن يترشح فهو لن يستحي من جعجع وسيقدم على هذه الخطوة، واعتبر المصدر أن جعجع لا يصلح لأن يكون رئيساً لهذه المرحلة مع وجود مرشحين آخرين تتوافر فيهم العناصر المطلوبة لمواكبة المرحلة في لبنان والمنطقة.

وإذا استبعد المصدر حصول الانتخابات في موعدها فإنه لفت إلى أن الولايات المتحدة تسعى لأن يتم هذا الاستحقاق والحؤول دون الفراغ، متسائلاً ما إذا كانت هذه الرغبة الأميركية ستتحقق أم لا، معتبراً أن النصف الأول من أيار المقبل ستظهر فيه صورة الاستحقاق الرئاسي بشكل أوضح. وقال وإن كان الاستحقاق الرئاسي انطلق فإنه من المستبعد أن تكون هناك ترشيحات قريبة كون أن بعض المعنيين يحبّذ قراءة ملامح المنطقة وتجميع المعطيات التي على أساسها يقرر الإقدام أو الانكفاء.

بدوره، قال نائب في تكتل التغيير والإصلاح إن العماد عون لا يريد المواجهة أم المنافسة مع أحد وهو عبر عن ذلك، مشيراً في الوقت نفسه إلى الحرص على أن يكون هدفه غير ذلك.

كرامي: إنه يوم أسود

وفي المقابل، وصف الوزير السابق فيصل كرامي ترشيح جعجع بأنه اليوم الأسود في تاريخ لبنان. أضاف: «لقد نجح قاتل رشيد كرامي في تقديم الصورة النموذجية لمدى الانحدار الأخلاقي الذي وصلت إليه أسس العقد الاجتماعي اللبناني والقيم التي تأسس عليها هذا الوطن».

السلسلة والانتخابات

أما في الشأن الداخلي، فقد طغى ملف سلسلة الرتب والرواتب على ما عداه من اهتمامات سياسية وأمنية بعد أن أصبح هذا الاستحقاق داهماً. وباتت كل الحكومة ومعها مجلس النواب أمام امتحان صعب لحل هذه الأحجية بعد طول انتظار لإعطاء أصحاب الحقوق حقوقهم وتفادياً لإدخال البلاد في مرحلة جديدة من التصعيد النقابي من إضرابات وتظاهرات وصولاً إلى الإضراب المفتوح ومقاطعة الانتخابات.

مصير السلسلة معلق حتى الاثنين!

إذن، في مجلس النواب لم تحسم اللجان النيابية المشتركة في جلستها أمس مصير سلسلة الرتب والرواتب وما إذا كانت ستدرج على جدول أعمال الجلسة العامة المقررة يومي الأربعاء والخميس المقبلين على رغم أن الرئيس بري حض النواب أمس أيضاً على تكثيف الجهد والاجتماعات لهذه الغاية حتى أنه كان يرغب بأن تنعقد اللجنة اليوم لإنجازها من أجل توزيعها من ضمن جدول الأعمال على النواب قبل 48 ساعة لكن اللجان وعلى رغم ما جرى من نقاش وسجال في الجلسة تمكنت من أخذ مسار جدي في مناقشة موضوع الإيرادات وأقرت سبع مواد وكلفت مادتين أساسيتين واحدة تتعلق بزيادة ضريبة الـ TVA من 10 إلى 15 في المئة على أجهزة الخليوي، وعلى السلامون والقريدس والكافيار وعلى السيارات المستعملة والجديدة وقطع الغيار والمراكب البحرية والألبسة والأحذية ومواد أخرى تندرج في إطار الكماليات أما الثانية التي علقت فتتعلق أيضاً بتعديل بعض الرسوم والضرائب لا تشكل أعباءً على الطبقة محدودة الدخل.

وأقرت اللجان مواد أخرى تتعلق بتوفير الإيرادات للسلسلة لكن الخلاف الذي نشب في الجلسة برز حول الفرق في أرقام السلسلة المقدرة من اللجنة المالية والمقدرة من وزير المال بـ2765 مليار ليرة وكذلك الإيرادات المقدرة من الوزير والمقدرة من اللجنة وتخلل هذا النقاش كلام حاد بين علي حسن خليل وإبراهيم كنعان حول تقدير الأرقام بالنسبة لإيرادات رخص البناء.

ويفترض أن يتركز النقاش في الجلسة المقبلة المتوقعة صباح الاثنين على عشرة مواد باقية تتعلق بالإيرادات باعتبار أن باقي المواد لن تكون موضع خلاف مهم.

وفي كل الحالات، فقد أكد النواب بعد الجلسة على جدية النقاش وجدية السعي لإقرار السلسلة وأحقيتها، وعبر عن ذلك الوزير خليل والنائب كنعان غير أن السؤال الذي يطرح نفسه والذي لم يحظَ بجواب من النواب هو هل يتمكنوا من إنجاز السلسلة الاثنين أم يحتاجوا إلى مزيد من الجلسات. هنا تبقى القطبة المخفية في مجلس النواب بين ما عبر عنه الرئيس تمام سلام أمام نقابة المحررين من أن الموضوع عند المجلس متجنباً تحمل مسؤولية هذه القطبة ومفضلاً الانتظار.

هيئة التنسيق تحذّر

وسبق جلسة اللجان اجتماع بين نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري وهيئة التنسيق النقابية حذر بعده رئيس الهيئة حنا غريب من أن تأجيل السلسلة سيؤدي إلى مزيد من التصعيد، مؤكداً أن الاتجاه نحو التظاهر والاعتصام والإضراب المفتوح وصولاً إلى مقاطعة الامتحانات إذا لم تقر السلسلة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى