المقاومة… وإرهاب المُحلِّلين

نظام مارديني

لم تكد تردُّدات التفجير الإرهابي الذي ضرب منطقة فردان في بيروت بالقرب من بنك لبنان والمهجر، تصل إلى عيون المواطنين وآذانهم، حتى بدأت التحليلات المشبوهة في التصويب على «حزب الله» والمقاومة، وليس غريباً هنا أن تمارس بعض وسائل الإعلام اللبنانية وظيفة التشهير، مستحضرة محللين كانوا قد تخرّجوا من الأبواب الخلفية لبعض السفارات الأجنبية، بهدف ضخّ خطاب الشائعات، منطلقة من مقولة «إذا أردت أن تقضي على شخص فاطلق عليه شائعة»، لكنّ القضية هنا ليست فردية بل هي قضية مقاومة، حركة حياة وحركة أجيال.

عدم الغرابة ينطلق، إذاً، من طبيعة المواجهة القائمة بين محورين، ومن تأثير معطياتها العسكرية والرمزية على مستوى هوية الصراع الذي يصطنع بعضهم صورته الطائفية الإيهامية، وعينه على مستوى الخبرة والفاعلية التي بدأت تكتسبها المقاومة، وهي خبرة تُقلق العدوّين المشتركين، الصهيوني والتكفيري، خصوصاً بعد التأثير الذي فرضته المواجهة القائمة في كلّ من سورية والعراق على معطيات الصراع، وعلى مشاركة فصائل مقاومة من «حزب الله» و»نسور الزوبعة» في المشاركة بتفكيك جبهة العدوان المدعومة من قبل الوهّابية بفروعها القائمة في مملكة السواد، السعودية، وتركيا وقطر.

انطلقت خطورة الترويج للأوهام من وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وخلف ذلك، حتماً، مؤسسات ومراكز أبحاث ومرجعيات مخابراتية لها حسابات وحساسيات في تداول مفاهيم السيطرة والرقابة وإخضاع قوى المقاومة لمنطقها أو عبر دفعها للسقوط في المحظور، وهو ما تنبّهت له المقاومة و»حزب الله» وهما يعملان على استيعابه وتفتيته ودفعه إلى اللاشيء.

ولكن هل بات الصراع مكشوفاً بعدما كان موارباً؟

لا شك أنّ أية قراءة تتجاوز حيثيات هذا الصراع بين المقاومة والمشروع الوهّابي القائم، عبر أدواته اللبنانية، ستقع في الوهم، وتدرك تلك الأدوات عن سابق إصرار خطورة العبث بتوصيف هذا الصراع، أو تغيير معادلاته السياسية. فما جرى من تفجير يُراد منه بدء معركة جديدة مع المقاومة برمزها «حزب الله»، وهو ما تحاول وسائل الإعلام أن تُروّج له، أو أنْ تضعه في السياق الطائفي المجرد، حتى أنّ رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ اعتبر تغطية بعض القنوات للانفجار «مُهينة» وليست «مهنية»، وأقرب إلى الحالة «الإسرائيلية».

فالحرب الإعلامية تُعتبر اليوم من أقوى الأدوات التي تستعملها الدول ضدّ أعدائها، فآل سعود وحلفاؤهم يستعملون هذه الحرب لوضع المقاومة في خندق الإرهاب، وقد نجحوا في فرض الكثير من الأمور على دول العالم، وهذا ما جعل الحرب خاضعة لحسابات السيطرة والرقابة الأميركوغربية، التي تنظر إلى المقاومة باعتبارها منظومة أمنية متكاملة استطاعت أن تضع العصي في دواليب المشروع الجهنمي الذي وضع لمنطقتنا.

بقراءة باردة، وأعصاب باردة… وحتى بأصابع باردة، لن تسمح المقاومة للآخرين بتعديل قواعد الاشتباك… والذين قرأوا قانون العقوبات الأميركي على «حزب الله» يعرفون «خطورة النصوص» التي هي أشدّ وقعاً من المفخخات التي بدأت أولى بوادرها قرب «لبنان والمهجر».

البعض كان قد وصف القانون بـ«تسونامي»، لكونه أثار الهلع ولا يزال… ويُقال إنّ الإعصار سيزعزع أموالاً تُقدّر بـ50 مليار دولار، وسيدخل لبنان في النفق المالي والمصرفي.

نحن أمام مواجهة بأشكال جديدة، وها هم العرب واليهود في سلة واحدة مليئة بالعقارب بهدف تسميم مفهوم المقاومة…

هي لوثة الحرب التي لا تفارق آكلي الجراد… والكاوبوي!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى