الشهادة ضمانة بقاء وشرف

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

يُقال عن شهداء حزب الله الذين يسقطون في سورية كلام كثير، بعضه عن حسن نية والأكثر عن حقد وعمى بصيرة.

ولكن معظم المتكلمين والمعلقين تمنعهم الحجب النفسية والسياسية عن رؤية ما ينطوي عليه دافع الإقدام للقتال.

ظلّ هؤلاء بعيدين عن الواقعية وفهم ما يحصل من متغيّرات على صعيد المنطقة كلها. ظلّوا متمسكين بأدبيات وقواعد لا يلتزم بها أحد في العالم حتى هم أنفسهم عندما كانت الحملة على سورية في ذروتها، كانوا يريدون للبنان أن يكون مقداماً واللبنانيين شهداء في معركة تحرير دمشق! لكن عندما اكتشفوا أنّ الهدف الذي يريدون إصابته أبعد من مدى مرماهم لجأوا إلى النيل من كلّ مقاتل في حزب الله يذهب لقتال التكفيريين الإرهابيين الذين تدعمهم دول معروفة العداء لخط المقاومة وتعمل في الليل والنهار لإنهاء القضية الفلسطينية وترتيب المنطقة وفق خرائط تلائم مصالح الاستكبار وعملائه تماماً، كما في التقسيم الأول المعروف بـــــــ سايكس بيكو .

إذا كان من محاسن لقتال هؤلاء الشباب في سورية، فهي:

1- حفاظهم على استقرار معقول يكفي ليعيش الناس بأمن وسلام.

2- حفاظهم على التنوّع والتعددية، حيث النسيج الاجتماعي والطائفي ما زال قائماً.

3- منع تحويل لبنان إمارات تكفيرية إرهابية، وبمعنى آخر منع فكرة التقسيم التي كانت مطروحة بقوة إبان الحرب الأهلية اللبنانية.

4- بقاء الدولة قائمة، رغم كلّ الترهّل البادي عليها.

5- لم يهاجر الشعب اللبناني إلى بلاد الاغتراب ولم يمت آلاف منه في المياه، كما حال السوريين الذي أرادوا عبور البحر إلى أوروبا.

6- لم يتخذ الشعب اللبناني في الأرض جحوراً له خوفاً من التوحش التكفيري الذي قتل الناس على دينهم تارة، وعلى موقفهم السياسي تارة أخرى.

7- لم يحدث أن تعرّض اللبنانيون جميعاً يوماً لقصف الجماعات التكفيرية أو غزواتهم، بل كانوا في منعة وحصانة.

ألا تكفي هذه الأشياء وحدها ليُشكَر كلّ مقاتل في حزب الله على ما يفعله من أجل لبنان واللبنانيين؟

ألا يكفي الأمان الذي ننعم به والاستقرار الذي نعيشه والحرية التي نمارسها والدولة التي تظللنا لنتأكد من أنّ ما يقوم به حزب الله هو مصلحة كبيرة لكلّ اللبنانيين؟

لكن للأسف الشديد هناك من لا يتعامل بالحكمة وليست لديه المروءة الكافية ليميّز الخبيث من الطيب وليفرّق بين الصالح والطالح. يبقى على تشدّده ومواقفه المتصلبة من دون أن يُقدّم بديلاً يمنحنا الشرف الذي يمنحنا إياه حزب الله ويتعهّدنا بالأمن والاستقرار، كما يتعهّدنا حزب الله.

ربما لا يصلح الإنسان أن يكون مواطناً إلا إذا عرف قيمة الوطن.

ولا يصلح أن يكون سيداً إلا إذا قاوم شهواته ونزواته التي تذلّه.

ولا يصلح أن يكون شهيداً إلا إذا عرف مَن هو الله ومَن هو الشيطان!

نعم، لا يسقط شهيد إلا ويزداد إحساسنا أننا نعيش بين عظماء بشهادتهم تُفتح لنا أبواب الكرامة والنصر.

الشهادة ضمانة بقاء وضمانة حياة وضمانة شرف في أمة بات شعور الذلّ فيها مستحكماً وعميقاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى