اسألوا التاريخ… إنها لعنة دمشق على الذين تآمروا

جمال رابعة

الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس المملكة المتحدة بريطانيا العظمى بدأت تغرب شمسها حتى عن الجزيرة المغلقة وصولاً إلى بريطانيا الصغرى كما يقولون ساخرين.

من مطبخها حيكت المؤامرات والانقلابات وأنشئت الممالك والإمارات والكيانات، وتنظيمات الإسلام السياسي من الإخوان المسلمين والوهابية الفاشية وغيرها.

ذات المطبخ زرع الخنجر في قلب المنطقة العربية من بلفور وزير خارجيتها لإنشاء كيان صهيوني في فلسطين، ومرة أخرى وبوزير خارجيتها مضافاً إليه وزير خارجية فرنسا رسمّت المنطقة العربية بخطوط وعلى خرائط أقرّت في ما يسمّى اتفاقية سايكس ـ بيكو وفق المحدّدات الحالية لجغرافية المنطقة العربية.

باختصار أسباب بلاء ومصائب وابتزاز وتردّي الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بوقف وتعطيل برامج التنمية وخسائر الشعوب وتحديداً المنطقة العربية التاج البريطاني .

العقل المدبّر والفاعل المؤثر والحقيقي لكلّ مآسي الشعوب والمحرك والمخطط لنجاح كلّ مشاريع الإدارة الأميركية بتفوّقها المتميّز بالجانب العسكري كلّ ذلك مردّه بفعل المطبخ البريطاني، وما يملكه جهاز مخابراتها من بنك معلومات عن مكونات المجتمعات العربية والإسلامية مكّن واشنطن بفرض سيطرتها وسطّوتها على المجتمعات العربية والإسلامية خاصة، والعديد من الدول العالم في أوروبا وآسيا وأفريقيا وأميركا.

في كتاب العلاقة السرية بين بريطانيا وجماعات الاسلام السياسي يقول الكاتب مارك كورتيس: «إنّ إسهام بريطانيا في صعود التهديد الإرهابي الذي تبرّر به تدخلاتها في العالم العربي يتجاوز كثيراً مفهوم الكارثة بالنسبة لدول الشرق الأوسط حالياً، فالحكومات البريطانية من العمال والمحافظين على حدّ سواء، سعّت لتحقيق ما يسمّى بـ«المصلحة الوطنية في الخارج على المدى البعيد بالاعتماد على القوى الإسلامية الأصوليّة التي تواطأت معها لعقود طويلة، بما في ذلك التنظيمات الإرهابية التي تسترّت عليها وعملت إلى جانبها ودرّبتها وسلّحتها وموّلتها بغية الترويج لأهداف محدّدة تخدم سياستها الخارجية، في محاولة يائسة للحفاظ على قوة بريطانيا العظمى التي عانت أوجه ضعف متزايدة في مناطق أساسية من العالم».

ويضيف الكاتب بقوله إنّ استغلال الثالوث غير المقدس، أميركا وبريطانيا والسعودية لجماعات الإسلام السياسي وتحالفهم معها في تنفيذ استراتيجيتهم، لكن السحر انقلب على الساحر في كثير من الأحيان…

هذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك وبالدليل الارتباط العضوي والوظيفي بين الاسلام السياسي والذي كان من مخرجاته هذه العصابات الإرهابية الوهابية بين الثالوث الغير مقدس البريطاني والأميركي وبني سعود، أنتجت هذه العلاقة جملة من الحروب أدخلت المنطقة بنفق مظلم خدمة لتنفيذ استراتيجية الفوضى الخلاقة التي اطلقتها كونداليزا رايس، فكانت حرب افغانستان والسطو المسلح على العراق مروراً بالحرب على ليبيا واليمن، وصولاً إلى الحرب الظالمة والقذرة التي شنّت على الشعب والدولة السورية.

كان التميّز للمشاركة البريطانية عنوانا عريضاً بشكل مباشر أو غير مباشر عبر أجهزة استخباراتها، واستيلاد جيوش تقاتل بالإنابة قوامها من تنظيمات الإسلام السياسي عمودها الفقري الإخوان المسلمين والوهابية الفاشية، تستمدّ قوتها ونقطة ارتكازها الأساسي القوة العسكرية الأميركية لتحقيق الأهداف والمخططات والمصالح الاقتصادية والسياسية، وتعميم حالة اللااستقرار والفوضى، لكن اندحار الإسلام السياسي وفشله في مصر وتونس بعد تسلّمه السلطة وهزيمة الجيش الأميركي في العراق وافغانستان، وفشل بني سعود في حربهم الفاشلة على اليمن، وتلاشي أحلام دكتاتور أنقرة بأخونة المنطقة لتحقيق حلمه لجهة قيام امبراطورية عثمانية، والفشل الأكبر والصاعق الذي وقع على رؤوس المخططين والمتآمرين، تجلى بأوضح صوره في صمود وصلابة الشعب السوري والدولة السورية، وللسنة السادسة بثلاثية الشعب والجيش وقائد مقدام صلب الرئيس بشار الاسد، لهذا الفشل كان لا بدّ من ارتدادات سياسية في المحيط الإقليمي والدولي.

وفقاً لصحيفة «الغارديان» فقد أنشأت المملكة المتحدة في نهاية عام 2013 خلية دعاية «بروباغندا» تسيطر في الغرب على كلّ المعلومات المتعلقة بسورية يدعمها التاج البريطاني بموازنة سنوية قدرها 3 مليون جنيه استرليني، وربما البيت الأبيض بمبلغ مماثل أيضاً.

انكسار الاتحاد الأوروبي في أوكرانيا، وانهزامه في سورية تراجع لدوره الوظيفي في البعد الاقتصادي والجيوسياسي لجهة، فقد هذا المشروع الأوروبي قدرته على استقطاب دوله بعد أن تلاشى مخططهم في الحصول على الغاز والنفط الرخيص، حينها بدأت أحجار الدومينو تتساقط، وأول الغيث خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وهذا يستتبع مطالبات ديمقراطية لانفصال اسكتلندا وايرلندا وجزر الفوكلاند، وعودة جبل طارق إلى أسبانيا حتى انفصال ويلز عن انكلترا، أما على الصعيد الأوروبي ستتعزز مطالب إقليم الباسك عن فرنسا وإسبانيا، وعالمياً ستعلو أصوات انفصال العديد من الأقاليم والتجمّعات في أميركا وآسيا وإفريقيا وأوروبا.

لا أبالغ بالقول، إنّ صمود الدولة السورية وشعبها وقيادتها، هو الذي استولد وعزز الثبات والصلابة والقوة والعزيمة لدى القيادة الروسية في التصدّي والمواجهة لملف أوكرانيا وضمّ القرم إلى روسيا.

هذا التطور بالمشهد الأوكراني قضى على حلم الاتحاد الأوروبي بالسيطرة على أوكرانيا، وتلاشي الأمل بالحصول على الغاز والنفط الرخيص، في معادلة تفرض على روسيا تنعكس ايجاباً على أوروبا بعد أن فقدوا الأمل بمرور خطوط النفط والغاز من سورية قادمة من الخليج وإغلاق طريقي التجارة من الصين أحدهم يعبر أوكرانيا إلى أوروبا والآخر عبر طريق الحرير وصولاً لسورية.

إنها لعنة دمشق على هؤلاء الذين تآمروا على قلب العروبة النابض، فتساقطوا ويتساقطون، اتحادات ودول وسياسيين.

عضو مجلس الشعب السوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى