أميركا تخوض حرب «إسرائيل» العاجزة

حسين حمود

ربما صدفةً أو بقصد ديبلوماسي، وصلت السفيرة الأميركية الجديدة في لبنان إليزابيث ريتشارد لتسلّم مهامهما بالتزامن مع الذكرى العاشرة لانتصار لبنان، بثلاثية الجيش والمقاومة والشعب، على العدوان «الإسرائيلي» الغاشم والذي استمر 33 يوماً ابتداءً من 12 تمّوز 2006.

وبصرف النظر عن «التوقيت» الديبلوماسي لتولي ريتشارد مهامها، فقد كان مضمون تصريحاتها فاضحاً بشكل وقح وربما غير مسبوق في العلاقات الديبلوماسية بين الدول ذات السيادة على أرضها وشعبها ومكوِّناتها السياسية والحزبية والاقتصادية وغيرها من الشؤون الداخلية. فقد كشفت سفيرة الدولة الأكثر تشدّقاً بالحريات وحقوق الإنسان وتقرير مصير الشعوب، أنّ مهمتها الأساسية في لبنان هي شلّ قدرات حزب الله ضاربة عرض حائط الأصول واللياقات والأعراف الديبلوماسية التي تشدّد على عدم التدخل في شؤون أيّ بلد في كلّ الأمور والمواضيع والقضايا التي هي ضمن صلاحيات السلطات المركزية في أيّ بلد لا غير.

لكن أوساطاً سياسية لم تستغرب تصريح السفيرة الأميركية التي بدأت جولاتها البروتوكولية على المسؤولين اللبنانيين من دون أن يسألها أحد في العلن، عن مغزى كلامها الذي يستهدف شريحة كبيرة جداً من اللبنانيين وممثلة في مجلس النواب والحكومة.

وفسّرت الأوساط عدم استغرابها لهذا التصريح بأنّ السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط عموماً ترتكز على ثابتتين: الحفاظ على مصالحها النفطية وضمان أمن «إسرائيل».

وتساءلت الأوساط ما إذا كان كلام السفيرة يعني تولي واشنطن الحرب على حزب الله نيابة عن تل الربيع المحتلة، بأساليب غير عسكرية، ما يكشف عجز «إسرائيل» عن خوض حرب مباشرة مع المقاومة في لبنان.

وفي هذا السياق تؤكد الأوساط أنّ الكيان الغاصب، بالفعل غير قادر في هذه المرحلة وفي المدى المنظور على فتح الجبهة الشمالية لاعتبارات عديدة، أبرزها:

1 – عدم جاهزية ما يُسمّى بالجبهة الداخلية «الإسرائيلية» لتحمّل تداعيات ترتدّ عليها يستجرّها أيّ عدوان على لبنان. ولا سيما أنّ الأمين العام لحزب الله كان صريحاً وواضحاً في ذكر «بعض» الأهداف الخطيرة التي ستصيبها صواريخ المقاومة في حرب مقبلة مع «إسرائيل»، ومن هذه الأهداف معامل ومخازن الأسلحة الكيميائية والنووية، بحيث ستتحوّل قدرات صواريخ المقاومة عند سقوطها في تلك المخازن إلى ما يشبه القنابل النووية. وهذا معروفة نتائجه بشرياً وعمرانياً واقتصادياً وعسكرياً وكلها في غير مصلحة المحتلين كمستوطنين وكيان.

2- السبب الثاني، وهو من النوع الخبيث، إذ تحاذر «إسرائيل» إعادة مجابهة حزب الله مباشرة، لأنّ ذلك سيطيح كلّ الخطط الهادفة إلى تشويه صورة الحزب، وبدلاً من ذلك فإنّ أيّ معركة ضدّه ستعيده إلى المكانة العالية، لبنانياً وعربياً وإسلامياً ودولياً، التي اكتسبها بعد تحرير جزء كبير من الجنوب المحتلّ عام 2000 وزادت بعد انتصار تموز عام 2006.

3 – انشغال الولايات المتحدة بانتخاباتها الرئاسية المقرّرة في الخريف المقبل، وبالتالي عدم منح «إسرائيل» الضوء الأخضر للقيام بأيّ عمل عسكري خارجي، من الآن وحتى انتهاء الانتخابات وتولّي الرئيس الجديد منصبه.

ومع ذلك تشدّد الأوساط على ضرورة الحذر من عدو غادر قد يُقدم على أيّ مغامرة في أيّ لحظة. ووسط «التطمينات والمحاذير»، يبقى التحرك الأميركي على الساحة اللبنانية في إطار الحرب المعلنة، بكلّ الأشكال، على المقاومة وهذا ليس سرّاً بعدما أفصحت عنه الولايات المتحدة على لسان سفيرتها في لبنان.

فهل ستردّ الدولة هذا العدوان؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى