«علي لبنان» يعود مذبوحاً إلى عكار ممثل مقبل وقهوجي: الجيش مستعد لبذل المزيد من الدماء

تحول التشييع الرسمي والشعبي الحاشد للشهيد الرقيب أول في الجيش علي السيد إلى عرس وطني وسط الزغاريد ونثر الرز والزهور والدموع التي انهمرت على جثمانه في كل بلدة توقف فيها الجثمان في رحلته الأخيرة من المستشفى العسكري في بيروت إلى بلدته فنيدق – قضاء عكار، ليتحول اسمه إلى «علي لبنان» كما سمّاه والده المفجوع بولده المذبوح على أيدي إرهابيي «داعش» والذي اعتبره «شهيد الوطن»، فيما أكد ممثل وزارة الدفاع والمؤسسة العسكرية أنّ «الجيش مستعد لبذل مزيد من الدماء لحماية لبنان».

التشييع

ومنذ الصباح الباكر، بدأت التجمعات الشعبية شمالاً لاستقبال جثمان السيد، فكانت القلمون محطة الاستقبال الشعبية الأولى لموكب الجثمان، حيث رفعت صوره وردّدت الشعارات الداعية إلى تحرير العسكريين الأسرى، ونثر الرز والورود على جثمانه الذي حملته الحشود على الراحات وسط صيحات التكبير.

وبعد وقفة في مدينة طرابلس، وصل جثمان الشهيد إلى مدخل عكار المحمّرة العبدة، حيث كانت في استقباله حشود شعبية قرب خيمة اعتصام أهالي العسكريين المحتجزين، فيما سجّل إطلاق نار كثيف في الهواء ومفرقعات، كما علا التصفيق والزغاريد، إضافة إلى صيحات الغضب المطالبة بتحرير العسكريين الآخرين، كما رفعت أعلام الجيش والعلم اللبناني. وعلى مقربة من مخيم نهر البارد الذي قاتل فيه الشهيد 3 أشهر مردّداً أمام أقاربه أنّ «روحي لن تكون أغلى من أرواح رفاقي»، وجه أحمد السيد، والد الشهيد السيد، كلمة إلى الحشود، قال فيها: «أشكر أهالي البلدات المجاورة على الحضور الكثيف لتشييع إبني، وأطالب الجميع بعدم إطلاق الرصاص، وإبني شهيد الوطن، وهذا شهيد كل عكار وفنيدق ولبنان، وأتمنى عودة جميع الأسرى، وإذا كان إبني قد افتدى رفاقه وسيطلق سراحهم، فأنا سأقبل بما حلّ به».

ودعا عم الرقيب الشهيد إلى «ثورة الكرامة والشرف لفكّ أسر حماة الشرف»، وقال: «لن نسكت حتى عودة الأسرى سالمين، فقد سئمنا من الدولة ومن المسؤولين وستندمون».

فنيدق

وبعد أن تمّ إيقافه في أكثر من منطقة حيث أقيمت له احتفالات أشبه بأعراس، شقّ موكب الشهيد بصعوبة طريقه إلى مسقط رأسه في فنيدق التي اتشحت بالسواد، حيث أقيم له استقبال حاشد واصطف الأهالي على جانبي الطريق قبل أن يسيروا بالمئات وراء نعشه الملفوف بالعلم اللبناني والمحمول على الراحات، وسط أزيز الرصاص وصيحات التكبير وإطلاق المفرقعات ورفع أعلام الجيش. وقد سجي الجثمان في مسجد البلدة الكبير حيث أقيمت له جنازة استثنائية. وحضر إلى البلدة معزياً، النائب قاسم عبدالعزيز ممثلاً الرئيس سعد الحريري والذي نقل التعازي الحارة إلى أهالي عكار وعائلة الشهيد. كما شارك في التشييع النائبان خالد زهرمان ونضال طعمة والنائب السابق وجيه البعريني ورئيس هيئة «علماء المسلمين» الشيخ مالك جديدة.

وخلال التشييع، ألقى ممثل وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي العقيد الركن وليد الكردي كلمة أعلن فيها أنّ «دماء شهدائنا التي حمت لبنان أمانة في أعناقنا جميعنا ليبقى لبنان كما أردناه واحداً موحداً»، مؤكداً: «عزم الجيش على الحفاظ على لبنان». وإذ لفت إلى أنّ الشهيد علي السيد «ابن عائلة وطنية، وقد أخطأ الإرهابيون بفعلتهم لأنهم لا يستطيعون ترهيب الجيش»، أشار إلى أنّ الجيش «مستعد لبذل مزيد من الدماء لحماية لبنان، متقدماً من عائلة السيد بالتعازي».

وقال النائب زهرمان: «كلفني أهل الشهيد أن أؤكد أنّ عائلته لا تتبنى بعض المواقف غير المسؤولة التي صدرت نتيجة الانفعال وهي تؤكد أنّ شهيدها شهيد الوطن». أما والد السيد فأشار إلى أنّ ابنه لم يعد «علي السيد، بل أصبح علي لبنان وهو شهيد كل الوطن»، لافتاً إلى أنّ اليوم عرس ابنه وليس جنازته، شاكراً كل من وقف إلى جانبهم في مصابهم».

وأشار مفتي عكار زيد زكريا بدوره، إلى أنّ تشييع السيد «عرس حقيقي، وعلي هو شهيد كل الوطن، واليوم ليس زمن المحاسبة»، مؤكداً: «أنّ دماء شهدائنا لن تذهب هدراً وسنبقي على لبنان واحداً موحداً». وشدّد على أنّ «هذه الأعمال لن تثنينا عن البقاء إلى جانب الجيش للحفاظ على الوطن».

ووسط دموع أقاربه ورفاق السلاح وأجواء الحزن، مرّ السيد للمرة الأخيرة أمام منزله، وألقى ذووه المفجوعون وزوجته وطفلته رهف البالغة من العمر سنة ونصف السنة، النظرة الأخيرة عليه، قبل أن يوارى في الثرى في مدافن العائلة.

وكانت قيادة الجيش نعت الرقيب السيد وهو من مواليد 15/7/1985 فنيدق- قضاء عكار، محافظة الشمال، تطوع في الجيش بتاريخ 4/9/2006، حائز أوسمة عدة، وتنويه قائد الجيش وتهنئته مرات عدة. متأهل وله طفلة، ورقي إلى الرتبة الأعلى بعد الاستشهاد.

قطع طرق

وعلى وقع تشييع السيد، واصل أهالي العسكريين المحتجزين لدى تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة»، قطع الطرق أمس مطالبين بتحريرهم. وفي هذا السياق، قطع أهالي القلمون الطريق البحرية في المحلة، بعد أن كانوا قطعوا الأوتوستراد منذ أيام، رفضاً لطريقة التعاطي مع ملف العسكريين، فأقفلت كل الطرق المؤدية إلى الشمال في القلمون، ولم يعد من منفذ إلى المنطقة إلا من طريق الكورة. وبعد فترة وجيزة، أعيد فتح الطرق البحرية. كما قطع الأهالي أوتوستراد طرابلس عكار عند محلة جسر المحمرة، وأوتوستراد العبدة – حلبا عند محلة برقايل وعلى الطريق البحرية عند مفرق شمرا تضامناً مع العسكريين المخطوفين.

وأعلنت لجنة أهالي الجنود المخطفوفين عن تنظيم اعتصام عند العاشرة من صباح اليوم أمام السراي الحكومية بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى