أحلام الماء

بلال شرارة

-1 الليطاني في اللغة السريانية هو النهر الملعون، وهو قبل أن ولدنا ونحن نعيش على أمل الماء الذي يتدفق بين حواكيرنا ويمضي ليسقي عطش البحر، نحن الذين تستند ثقافتهم الى العطش المرّ، النهر يخرج من مأمنه من ينابيعه يأتي إلينا من البقاع، يمشي منذ الأزل كلّ المسافة الطويلة الى البحر. يمشي نحو 170 كيلومتراً، نسرق منه ملو أكفنا شربة ماء، بعضنا يعتقد أنه سبيل عن راحة موتانا بين حواكيرنا ويمضي ليسقي عطش البحر.

نحن الذين تقوم ثقافتهم على تشقّق شفاههم من العطش وهم يرون النهر العظيم وإمساكه متلبّساً بالماء منذ ان يتدفق من ينابيعه ويزحف إلينا من البقاع ويمشي ويستمرّ في الجريان منذ ولادة الدنيا، وربما من قبل، إذ أشعر أنّ الله سبحانه غمس يديه في ماء النهر ثم كوّر استدارة الدنيا. نحن، أنا لشدة ما ساءنا العطش، عدم تفسير الحلم ريّ جنوب النهر، منذ ان شاركنا في جنازة كبير مهندسي العرب ابراهيم عبد العال وموت أحلامه، منذ غادرنا الإمام الصدر وهو يشتهي شربة ماء، منذ ان عقدنا له لواء المقاومة وحوّلنا أحلام «إسرائيل» من خلال عملية الليطاني عام 1978 بوضع اليد على النهر الى كابوس. منذ ذاك، منذ الاستقلال ! في الوطن الذي وضع قياساته غورو على قياسه، منذ أن رسمنا الخط الأزرق بفعل مقاومتنا عام 2000 ونحن لم نحرّر النهر بعد الفقره 3 يخرج النهر من مأمنه، يمشي كثيراً ولا يكلّ ولا يتعب. هكذا هو يشق مجراه على طول 170 كيلومتراً، يغرف منه بعضنا بكفه ماء، الانتداب أقام المشروع ، الدولة دولتنا العلية لم تطوّر المشروع، نحن أخذنا ندور ونلفّ على حقيقة النهر، جررنا الماء من وادي جيلو عبر وادي السلوقي ومن الوزاني ومن رأس العين ومن آبار فخر الدين وباتوليه وتركنا النهر لـ الغولة في الأسطورة .

-2 النهر، أصابته «إسرائيل» بلوثة، بصيبة عين، شوّهته بالنتيجة، تركتنا نقتله بأيدينا، نرمي فيه فضلات المصنع، فضلات المزارع بعد الذبح الشرعي ، ندير عليه المياه الآسنة، مجارير بعض القرى، نغسل فيه رمول الكسارات التي تثقب بطن الجبال، نفعل ونترك ، ومَن لم يستطع مثل غيره الانتقام من النهر يرع ما كان يحشره في جيوبه من مِزق أوراق الملاحظات، الكلينك والارتكابات التي لم يشاهده أحد غير الله سبحانه والنهر يفعلها، وبالنتيجه تمّ إفساد النهر وبحيرة القرعون… إذن لماذا يواصل دولة الرئيس نبيه بري تفسير مشروع الإمام الصدر بمشروع الثمانيماية متر؟ لقد سرقوا النهر، هم أنفسهم من فتح شهية تركيا الى الفرات وأثيوبيا الى النيل وسلّموا الى الجفاف الأنهر الصغيرة: أبو علي، بيروت ونهر الأوّلي، وقبل ذلك غارت أنهر وينابيع اليمن السعيد بواسطتهم وربما بل من المؤكد أنهم كانوا الجرذان التي أفرغت سدّ مأرب من ترابه فتفرّقنا.

-3 الآن، يستحق النيل، الفرات والليطاني أن ندافع عن أحلامنا الجارية بين ضفافها وأن ننتبه إلى مواردنا الطبيعية في البحر المتوسط مقابل لبنان وفي مياهه الإقليمية، مقابل سورية ومقابل الشاطئ الفلسطيني وصولاً الى بحر غزة ومكامن الثروة مقابل مصر.

-4 الماء… الماء، دورتنا الدموية الصغرى والكبرى في أنهرنا وبحرنا، تستحق أن نكون حرّاس أحلام الماء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى