موسكو تُنهي بناء قاعدتها البحرية في طرطوس ودمشق توافق على إخراج مسلّحي حلب الشرقية

شددّ وزير الخارجية السوري وليد المعلم، خلال استقباله نائب وزير الخارجية التشيكي، مارتن تلابا، أمس، على أن «القضاء على الإرهاب ضرورة لحماية السلم والاستقرار الدوليّ والمقدمة الأساسية لأيّ حل سياسيّ للأزمة الراهنة». مؤكدا، أهمية إلزام الدول الداعمة للإرهاب، التوقف عن ذلك.

بدوره أكد تلابا، الذي التقى، أيضاً، نظيره السوريّ فيصل المقداد، على أهمية الشراكة في مكافحة الإرهاب، معرّباً «عن تعاطف بلاده مع السوريين. وعلى أهمية استمرار التواصل بين بلديهما الصديقين».

وعبّر المسؤول التشيكي عن أمل بلاده «في التوّصل إلى حلّ سريع للأزمة في سورية»، معلّناً «استعدادها للمساهمة في أي جهود تسهم في التوصل إلى هذا الحل وفي إعادة إعمار سورية».

يذكر أن تلابا وصل الأحد إلى دمشق عبر مطار دمشق الدولي، وقال: وصلنا كأصدقاء لسورية، حيث يجب التعبير عن الصداقة في الأوقات الحرجة. ونسعى على مستوى الساحة الاوروبية، لتحسين الظروف ومساعدة الشعب السوري.

إلى ذلك، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، زعماء الدول المشاركة في منتدى الطاقة العالمي، المنعقد في مدينة اسطنبول، لتوحيد الجهود من أجل إحلال الهدوء والسلام في سورية وبذل جهود مشتركة لوقف الأعمال القتالية وضمان إيصال المساعدات الإنسانية، من دون أي عوائق، إلى جميع من يحتاج إليها.

ومن المقرر أن يبحث اردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي وصل إلى اسطنبول لحضور المؤتمر، الملف السوري، خصوصاً بعد فشل الاتفاق الروسي – الأميركي لوقف إطلاق النار وتصاعد اللهجة والتحذيرات بين الجانبين.

جاء ذلك في وقت، أعلن نائب وزير الدفاع الروسي نيقولاي بانكوف، عزم بلاده على إقامة قاعدة عسكرية بحرية دائمة، في ميناء طرطوس السوري. مشيراً إلى أنه تم إعداد الوثائق بهذا الشأن ويتم التنسيق بشأنها، حاليا، بين مختلف الهيئات الروسية.

وتوقع بانكوف، خلال اجتماع للجنة الشؤون الدولية في مجلس الشيوخ الروسي، بأن تطلب وزارة الدفاع، قريبا، من البرلمان الروسي، المصادقة على الوثائق المطلوبة بخصوص قاعدة طرطوس. مضيفاً: إن المهمة الرئيسية لمنظومتي «إس- 300» المنشورة في طرطوس و«إس-400» المنشورة في قاعدة حميميم، بريف اللاذقية، ستكون حماية القاعدتين الروسيتين.

في هذا السياق، قال إيغور موروزوف، عضو لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، إن القرار بنشر قاعدة بحرية روسية في طرطوس، سيعني زيادة عدد السفن العسكرية الروسية في المنطقة ويعزز قدرات روسيا العسكرية، ليس في سورية فحسب، بل وفي الشرق الأوسط والبحر المتوسط بشكل عام.

من جهته، أوضح الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للأسطول الحربي الروسي، الأميرال فيكتور كرافتشينكو، أن نشر القاعدة الروسية في طرطوس، يرمي إلى تحقيق أهداف جيوسياسية، بالإضافة إلى الأهداف العسكرية المباشرة. وأكد أن هذه الخطوة ستؤدي لتعزيز الوجود العسكري الروسي في المنطقة بقدر كبير. مضيفاً: «سيعني ذلك إنشاء بنية تحتية متكاملة. ويدور الحديث ليس عن السفن والمرافئ فحسب، بل عن منظومة للتحكم ومنظومة حراسة ودفاع ومنظومة للدفاع الجوي ودفاع مضاد للغواصات، بالإضافة إلى نشر مجموعة كبيرة من القوات البرية في القاعدة».

بدوره، كشف الخبير العسكري الروسي، ميخائيل نيناشيف، أن روسيا بدأت، منذ سنه تقريباً، عمليات واسعة النطاق لتطوير البنية التحتية لقاعدة طرطوس، منها زيادة عمق الميناء وتجهيز المرافئ وتعزيز منظومات الدفاع المضاد للأعمال التخريبية والهجمات الإرهابية، بالإضافة إلى الأعمال التمهيدية لنشر منظومات الدفاع الجوي.

وأوضح أن القاعدة البحرية الجديدة، ستمكن روسيا من نشر خمس سفن حربية كبيرة، بالإضافة إلى غواصات وطائرات تابعة للبحرية. وستسمح لطواقم السفن بالاستراحة لفترات أطول على الساحل السوري، بالإضافة إلى إجراء عمليات إصلاح أوسع نطاقا على أجهزة السفن.

وفي السياق، اعتبر رئيس فرع الإعلام في الإدارة السياسية بالجيش السوري سمير سليمان، أن امتلاك روسيا قاعدة عسكرية دائمة في سورية، هو أمر طبيعي ومتفق عليه بين الحكومتين. وسيمكّن الدولتين من العمل، بشكل أسرع، للقضاء على الإرهاب.

ولفت سليمان إلى أن إقامة القواعد العسكرية الروسية في سورية «يأتي في إطار السيادة السورية. وهو يجري باتفاق الحكومتين والجيشين. لذلك، فهو وجود شرعي وضروري ويخدم الأمن والسلم العالميين».

سياسياً، أكدت الخارجية السورية أمس، في بيان، استعداد دمشق التام لتأمين سلامة المواطنين السوريين، الراغبين بالخروج من أحياء شرق حلب وتوفير متطلبات العيش الكريم لهم.

كما أكد مصدر رسمي في الخارجية، أن الحكومة السورية تضمن سلامة من يرغب من المسلحين، بالخروج من المنطقة وتسوية أوضاعهم، أو التوجه، باسلحتهم الفردية، إلى أماكن أخرى يختارونها واخلاء الجرحى والمصابين وتقديم الرعاية الطبية لهم وذلك من أجل عودة الحياة الطبيعية إلى شرق حلب واستئناف مؤسسات الدولة الخدمية القيام بمهمات تأمين الاحتياجات الخدمية، بكل اشكالها، للمواطنين الراغبين بالبقاء في شرق حلب. كاشفاً أن محافظة حلب خصصت ممرات آمنة عدة، لضمان ذلك. كما أن الحكومة السورية جاهزة لبحث أي مبادرة تؤدي لتحقيق هذا الهدف.

في شأن متصل، اقترحت ألمانيا توحيد المشروعين الروسي والفرنسي، اللذين صوت عليهما مؤخراً، مجلس الأمن الدولي، لوقف القتال في حلب وفشل في تبني أي منهما.

وقالت مصادر في الخارجية الألمانية إن «الحديث يدور حول التوصل إلى إمكانية مزج المشروعين وصياغة مشروع واحد، من شأنه أن يلاقي دعما في مجلس الأمن، ليضع حدا لجهنم في سورية». بحسب تعبيرها.

وكانت فرنسا، قد قرّرت الطلب من ممثلة الادّعاء في المحكمة الجنائية الدولية، بدء تحقيق في «جرائم حرب» تقول «إن القوات السورية والروسية ارتكبتها في شرق حلب».

وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرولت، لمحطة إذاعة «فرانس أنتير»: «هذا القصف – وقد قلت ذلك في موسكو – يمثل جرائم حرب»، مضيفاً: «هذا يشمل كل المتواطئين فيما يحدث في حلب، بمن فيهم زعماء روسيا».

ولم يتّضح كيف يمكن للمحكمة الجنائية الدولية المضي قدماً في ذلك، لأن سورية ليست عضواً في هذه المحكمة، مما يجعل من المحكمة الجنائية الدولية غير معنية بما وقع فيها.

بدورها، أكدت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، ضرورة استمرار الحوار السياسي حول تسوية الأزمة السورية. واعتبرت أن «التطور الأسوأ الذي قد يحصل، في الوقت الراهن، هو انغلاق الفضاء السياسي بشكل كامل وبقاء صوت السلاح فقط». مشددة على أن «هذا الأمر لا بد من منعه».

وأشارت موغيريني إلى استعداد دول الاتحاد للإسهام سياسيا ودبلوماسيا في هذا الشأن. وكشفت، أن بروكسل تعمل على تحضير اجتماع خاص على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد، من أجل بحث الخيارات حول سورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى