ليس أمام المنطقة وحلفائها إلا النصر وإلحاق الهزيمة بأميركا ومن معها

محمد شريف الجيوسي

أميركا ومن معها خذلت العراق، بل وتآمرت عليه وعلى سورية. وتبيّن أنّ هدفها لم يكن «تحرير» الموصل من «داعش» وإنما تأمين انتقالها إلى سورية، لإطالة أمد الحرب عليها وتغيير المعادلة الحالية، حيث يحقق الجيش العربي السوري وحلفاؤه تقدّماً كبيراً على كلّ جبهات القتال.

وتركيا الطورانية الأردوغانية العثمانية، فضحت طوابقها وتعرّى زيف غاياتها، إذ أعلنت، صراحة، عن نواياها التوسعية في العراق وسورية. ولم يعد لديها فرصة للتلطي وراء عصابات مدّتها وتمدّها، بكلّ أنواع وأشكال الدعم، منذ ما قبل بدء المؤامرة الدولية على سورية وحتى الآن. وبدأت تدخلاً مباشراً في بعشيقة وفي شمال حلب.

الكيان الصهيوني، بدوره، منسجم مع حليفتيه تركيا الأردوغانية وأميركا، ومن يتبعهما، فأعلن تحلله من تفاهماته مع روسيا، التي يفترض أن يلتزم بموجبها بعدم تدخل طيرانه في الحرب الدائرة على سورية، التي لم يلتزم بها عملياً، ما أدّى إلى إسقاط طائرتين له مؤخراً، فضلاً عما يقدّمه من خدمات لوجستية للعصابات الإرهابية.

وتؤشر معطيات الحرب على جبهة الموصل، إلى أنّ الجيش العراقي ليس كما كان عليه، عندما تمكنت «داعش» من احتلال مساحات واسعة شمالي العراق وغربه، في وقت يسير وكادت تطبق على بغداد، حيث أصبح قادراً على فرض معادلات مختلفة وإعادة لملمة شتات العراق، الذي قاد إليه الاحتلال الأميركي والبريطاني ومن أتى معه على دباباته، عراقيين ما زال بعضهم يحتلّ مواقع مهمة في مفاصل السلطة ويحمل جنسيات مزدوجة أغلبها بريطانية. وتقتضي الأمانة أن يتنحّوا عن مواقعهم، أو يتخلوا عن جنسياتهم المزدوجة بكلّ ما يقتضيه التخلي من صدق الانتماء.

وواقع الأمر، إنّ التقدّم الحاصل ضدّ الإرهاب لا يقتصر على سورية والعراق، بل يشمل اليمن وليبيا ومصر وخارج المنطقة العربية. وهو بات يحقق ضربات موجعة في مأمن من صنّعه ودرّبه وموّله وسهّل له سبل العبور إلى سورية والعراق واليمن وغيرها ودعمه سياسياً وإعلامياً.

لكن ما هي انعكاسات المواقف المعلنة الأخيرة لكلّ من واشنطن وأنقرة وتل أبيب، على مجريات الأحداث في المنطقة، هل من الممكن أن تتراخى القبضة الروسية والإيرانية، هل يمكن أن تخشى سورية والمقاومة اللبنانية والقوى الرديفة في المنطقة، من مغبة التعرّي الأميركي التركي الصهيوني ومن لفّ لفهم وكذلك، القوى المناهضة لتحالف التعرّي في الدول الأخرى. هل سيتمكن هذا التحالف العدواني من تغيير معادلات مختلفة غير ما حصده من فشل، من جهة. وتدمير من جهة أخرى، هل سيبقى حال الدول الداعمة للإرهاب على حاله وقد تحوّل إليها؟ هل استنفد الإرهاب قدراته واحتياطاته البشرية والمالية وأغراضه.

ليس سهلاً الإجابة على التساؤلات الآنفة الذكر، لكن الواضح أنّ الدول المصنّعة والداعمة للإرهاب المتطرف منه وما يسمّى «المعتدل»، ما عادت تثق بقدرة العصابات الإرهابية وتابعيها الإقليميين، على تحقيق الاستراتيجية المطلوبة في المنطقة، الأمر الذي استدعى التدخل المباشر.

لكن ينبغي في آن، من وجهة واشنطن وأنقرة وتل أبيب، أن تبقى العصابات الإرهابية في حالة قادرة فيها على استمرار دورها التخريبي في المنطقة، إلى زمن غير محدود، حتى لا تتحوّل إلى خارج المنطقة. وحتى تُحدث المزيد من التدمير فيها ولا بأس أن يشمل ذلك دولاً إقليمية محسوبة عليها، على أن لا تمسّ الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والدول الاستعمارية الغربية الرئيسة، وما عدا ذلك، لا بأس في أن يكون الطوفان.

في المقابل، لن تقامر أو تغامر موسكو وطهران والمقاومة، بالتخلي عن سورية والعراق واليمن، فالتخلي هنا، هو تخلّ عن مصالحهم الاستراتيجية وأمنهم القومي وليس توسعة لنفوذ أو اعتداء على الآخر، فكلا الدولتين تدرآن عن نفسيهما مطامع الأطراف الأخرى ومعهما بكين إلى حدّ كبير، رغم الكلفة المالية الكبيرة التي يدفعانها لتحقيق ذلك. فهذه الدول تدفع من اقتصاداتها هذه الكلفة، فيما الأطراف الأخرى تدفع عنها دول تابعة لها، أكلاف حروبها المجنونة في المنطقة، دماً ومالاً. وتطمع، في حال نجحت، أن تستولي على المزيد من خيرات وأسواق المنطقة.

وإذا كانت واشنطن ولندن ومن معهما، في الإقليم وخارجه، قد وجدتا، في مرحلة معينة، من يرحب باحتلال العراق من عراقيين يحملون جنسيات غير عراقية. ووجدت، مع بداية المؤامرة على سورية، من يستدعي ويستعدي العدو على وطنه، من سوريين باعوا وطنهم في سبيل الوصول إلى حكم تحت احتلال وتمكنوا من تضليل بعض الناس، فإنّ الأمر لم يعد كذلك، الآن. وقد رأى الجميع ما حلّ بسورية والعراق واليمن ومصر وليبيا، جراء هذه السياسات الخائنة. وفي مرحلة، بحدّ أدنى، في لبنان وتونس. وكاد يحلّ في الجزائر، فضلاً عما حل بها على مدى عقد، باستخدام ثكالى الإسلام السياسي، إسمه زيفاً.

لقد باتت الشعوب العربية رافضة بالجملة، لأيّ مزاعم غربية إمبريالية تطرح للتغيير الاعتباطي، بأسماء ومسمّيات إسلاموية وهابية وإخوانية تكفيرية متطرفة وغير متطرفة، على حدّ مسمّيات الغرب، الممعن بالكذب البراح. وكذلك، ترفض شعوبنا أيّ تغيير آخر يأتي تحت أيّ مسمّى، طالما أنّ الغرب مصدره. كما أيّ تغيير مصدره الإسلام السياسي وإنْ زعم أنه محلي الصنع، فقد خبر العرب الوهابية والإخوانية طويلاً وفي غير بلدٍ عربي. كما خبروا فتاواهم الفتنوية الغبية وسلفيتهم الجهادية الكاذبة ودعاوى جهاد النكاح وإرهابهم المغرق بالدم والسفه.

بكلمات، ليس أمام الشعوب في المنطقة العربية وحلفائها، سوى النصر أو النصر أو النصر، مهما طال أمد العدوان ومهما كبر حجم التضحيات ونوعها. وليس أمام العدوان الإمبريالي الأميركي ومن معه، سوى أن يفشل مندحراً ويرحل وليبحث في ضمان سلامة من يبقى من كبار تابعيه والبقية إلى جهنم.

m.sh.jayousi hotmail.co.uk

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى