بوغدانوف في بيروت قبل 31.. بركة أرثوذكسية للجنرال

هتاف دهام

مما لا شك فيه أنّ لروسيا دوراً فاعلاً ورئيساً في سورية، ميدانياً وعسكرياً. برز هذا الدور منذ سنة ونيّف مع تحليق السوخوي في سماء الفضاء الشامي، وصولاً الى تعاونها مع حلفائها لحسم معركة حلب.

تحضر روسيا الاتحادية بقوة في سورية، لكن يبقى أنّ لبنان هو منصة تظهير إعلامي لكلّ الأقوياء في المنطقة. فماذا عن ارتدادات ذلك على لبنان؟

لم تطرح موسكو نفسها كطرف دولي داعم لفريق من دون آخر. تربط الدول المؤثرة نفسها مع قوى أساسية، من حيث الاحتضان والدعم والمتابعة والتأثير في القرار.

حاول «القيصر» أن يشكل مرجعية أرثوذكسية. رغب الموفدون الروس تطوير العلاقات مع مكوّنات «الروم»، لكنها لم تصل يوماً الى تشكيل حالة قيادية دينية كهذه.

يصبّ الموقف الروسي في مصلحة إعادة تكوين السلطة في لبنان، من ضمن منطق عدم التدخل بأية تسويات. يعطي الروسي إشارات معينة من دون أن يتسلل إلى التفاصيل الضيقة. يرغب في أن يكون حاضراً في هذه اللحظة الحاسمة.

وفق قطب سياسي بارز، لعبت موسكو دوراً في دعم ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون.

وتُنقل عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حماسته لوصول الجنرال إلى قصر بعبدا. عندما التقى الرئيس سعد الحريري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولافروف في الكرملين، نيسان الماضي، سمع رئيس المستقبل تمنياً روسياً بتوسيع مروحة خياراته الرئاسية الى أبعد من دعم الوزير سليمان فرنجية الذي وصل ترشيحه الى طريق مسدود.

نضجت الطبخة الرئاسية. موسكو ملازمة للحدث الرئاسي. من الطبيعي أن تقلع طائرة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الى بيروت وتهبط في مطار بيروت الدولي في الساعات القليلة المقبلة، رغم أنّ وزارة الخارجية لم تتبلّغ بعد بالموعد الدقيق. ولم تؤكد السفارة الروسية أو تنفي بدورها صحة ما نُقل.

إنّ التوقيت السياسي للزيارة الـ «بوغدانوفية» مهمّ جداً. تحطّ طائرة ميخائيل قبيل جلسة انتخاب الرئيس الاثنين المقبل. ستشكل جولته على الفاعليات السياسية مزيداً من الحضور الديبلوماسي الروسي في بيروت، في وقت يغيب فيه موفدو الدول المؤثرة في الاستحقاق الرئاسي، واقتصار الحركة الغربية والإقليمية على تحرك السفراء. لذلك يمكن لهذه الزيارة أن «ترسمل» دعماً لمبادرة الرئيس الحريري لإنهاء الفراغ الرئاسي. زيارة سبقها لقاء عقده السفير الروسي ألكسندر زاسيبكين مع الرئيس سعد الحريري الأربعاء الماضي عبّر خلالها الدبلوماسي ألا يستمرّ الفراغ في سدة الرئاسة بعد اليوم. واعتبر انّ كلّ ما من شأنه أن يسهل ملء الفراغ هو مستحَبّ كي لا تنتقل عدوى المنطقة الى لبنان.

وفق مصدر سياسي بارز لـ «البناء»، يريد بوغدانوف شخصياً فتح صفحة جديدة مع «التغيير والإصلاح» نيابياً وسياسياً.

وفق المعلومات، سيزور بوغدانوف العماد عون. سينقل إليه بركة أرثوذكسية روسية، بغضّ النظر عن الدور الذي لعبه نائب وزير الخارجية في مرحلة سابقة. وإنْ كانت بعض مواقفه الشخصية التي أطلقها في مرحلة معينة لم تجد لنفسها سبيلاً.

أكد بوغدانوف لنائب لبناني بارز زاره منذ نحو عشرة أيام، أنّ روسيا حريصة على إجراء انتخابات ديمقراطية في لبنان وانتخاب رئيس. اعترف له بأهمية synthese تركيبة حكم الأقوياء ، متمنياً أن توصل هذه التفاهمات العماد عون الى الرئاسة.

ينفي النائب نفسه تحفّظ بوغدانوف أو أيّ مسؤول روسي على انتخاب الجنرال. كان تساؤله في اللقاءات الدورية بينهما، عن سبب مقاطعة جلسات الانتخاب، والخوف على الموقع المسيحي الوحيد في المشرق. غير انّ الجواب اللبناني كان مفاده أنّ نزول العونيين وحزب الله والحلفاء إلى البرلمان لن يكون إلا لانتخاب العماد عون صاحب الحيثية الشعبية المسيحية الأكبر والوطنية في آن. وهذا الخيار الأقوى لتثبيت الوجود المسيحي في المشرق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى