الحكومة بين خياري تطبيق «تفاهم التيار والقوات» و«حصة الرئيس» بـ 30 أو تمثيل أطراف الحوار الوطني بقياس نسب التمثيل النيابي في صيغة الـ24

كتب المحرر السياسي

بينما بدأت أوراق الإدارة الأميركية الجديدة تتكشف مع تعيين الفريق الأمني المصغّر المحيط بالرئيس دونالد ترامب الذي يضمّ جيف سنشيز وزيراً للعدل ومايك بومبيو لإدارة المخابرات ومايكل فين مستشاراً للأمن القومي، حيث سيتولى فين كما يبدو دور رجل العهد الجديد نظراً لمكانته السابقة كقائد سابق للقوات الأميركية الخاصة ورئيس سابق للمخابرات العسكرية، وصاحب نظريات في الاستراتيجية الخارجية والأمنية ترشحه لدور يشبه دور غونداليسا رايس في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش، فيما تكشف المواقف الموثقة لفين تطابقاً مع المواقف التي قالها ترامب على طريقته في حملته الانتخابية، لتبدو سياسات واستراتيجيات عميقة ومحسوبة في مقاربات فين، من العلاقة التعاونية مع روسيا في الحرب على الإرهاب، إلى تحويل هذه الحرب كبوصلة حاكمة للتدخلات الأميركية في الخارج والتخلي عن سياسات تغيير الأنظمة، وتحديد مساحات التعاون والخلاف مع الدول الصديقة وغير الصديقة على أساس هذه البوصلة، وصولاً لرسم سياسات قانونية داخلية، وخصوصاً تجاه المهاجرين تنطلق من هذه البوصلة، فيصير ثابتاً أنّ ما بشر به ترامب ليس مجرد غضب واحتجاج وصرخة فش خلق، بل تعبير عن تحوّلات عميقة في المؤسسة الأمنية الأميركية الأهمّ التي تمثلها المخابرات العسكرية والتي قادها فين وغادرها دفاعاً عن هذه المفاهيم التي جمعته بترامب وجعلته مسانداً رئيسياً له في حملته.

على جبهات حرب اليمن وسورية لا يزال المشهد العسكري طاغياً، فالتفاهم الذي أقرّ في مسقط بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووفد أنصار الله برعاية سلطان عُمان وموافقة السعودية ودولة الإمارات لم يبصر النور بعدما أرجأت السعودية التنفيذ وواصلت الحرب لضمان منع انهيار جماعة منصور هادي، وتمهيداً لضمّها إلى التفاهم، بينما في سورية لا مكان للسياسة قبل حسم حلب وفقاً لمصادر على صلة بمناقشات موسكو التي ضمّت وزراء خارجية روسيا وإيران وسورية قبل أسبوعين، وهذا ما تقوله الوقائع الميدانية سواء بحجم التحركات الروسية والكثافة النارية المسدّدة بدقة لمواقع جبهة النصرة والجماعات المسلحة التي تقاتل تحت قيادتها، أو ما تنبئ به حالات التقدّم النوعي التي يحققها الجيش السوري والحلفاء في أطراف الأحياء التي يسيطر عليها المسلحون في شرقي حلب، حيث التقدّم نحو مساكن هنانو من جهة بستان القصر حقق توسعاً في انتشار الجيش السوري بالتوازي مع التقدّم في الراشدين وباتجاه حي الشيخ سعيد.

لبنانياً تراوح حكومة الرئيس المكلف سعد الحريري بين خيارين يفترض أن يحسما في عطلة نهاية الأسبوع بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون حيث تشكيل حكومة وحدة وطنية بصيغة الـ 24 وزيراً وضمان اتساعها لجميع المكونات يصطدم في بعض الأماكن بحصة رئيس الجمهورية ويصطدم في أماكن أخرى بالتفاهم القائم بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الذي يلغي التوازن في التمثيل للكتل النيابية ضمن الحكومة بقياس أحجامها، ما يستدعي اختصار حصة الرئيس بوزيرين بدلاً من ثلاثة من جهة وحصة القوات بوزيرين بدلاً من ثلاثة من جهة مقابلة طالما حازت على منصب نائب رئيس الحكومة بينها وحازت توزير أصدقاء مشتركين مع التيار الوطني الحرّ كوزير الدفاع المقترح أنطوان شديد والوزير ميشال فرعون، وفي هذه الحالة يمكن أن تتسع الحكومة لتمثيل مقبول للأطراف السياسية، وإلا العودة إلى صيغة الحكومة الثلاثينية وتطبيق توزيع للحصص الوزارية بقياس الأحجام النيابية، بحيث يكون لتيار المستقبل والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ما يعادل نصف الحكومة، بحجم ما يمثلون نيابياً، ولهم أن يتنازل أحدهم للآخر ضمن هذه الحصة، بينما يوزع النصف الآخر على حصة الرئيس بثلاثة وزراء من ألوان طائفية يتسع البحث بها براحة التبادل مع الأطراف وفقاً لخيارات الرئيس، وتبقى دزينة وزراء لسائر الأطراف الموجودة على طاولة الحوار الوطني بواقع ستة وزراء من طائفة واحدة أو أكثر، لتكتل حركة أمل وحزب الله يوازي حجمهما النيابي، وستة لتمثيل سائر الأطراف منها ثلاثة للنائب وليد جنبلاط ومعه النائب طلال إرسلان كتكتل نيابي موحد، ووزير للمرده ووزير للكتائب ووزير للحزب السوري القومي الاجتماعي.

بين هذين الخيارين يتراوح البحث للحفاظ على حكومة وحدة وطنية أو يتمّ الذهاب لحكومة يؤخذ عليها نقص التمثيل، وربما تحفّظ قوى وازنة مثل حركة أمل أو حزب الله على المشاركة بسببه.

4 كراسي على منصة الاستقلال

يبدو أنّ المنصّة الرسمية في شارع شفيق الوزان في احتفال عيد الاستقلال لن تقتصرعلى ثلاث كراسي، إذ بات من المرجح ان يوضع عليها أربع كراسي، لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رئيس حكومة تصريف الاعمال تمام سلام والرئيس المكلف سعد الحريري.

وتشير مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أنّ الاشتباك بين بعبدا وعين التينة يحتاج إلى وقت للمعالجة رغم أنّ البطريرك الماروني بشارة الراعي اتخذ موقفاً استدراكياً من مطار بيروت الدولي قبيل مغادرته الى روما. وأكدت أنّ الحلّ بحكومة ثلاثينية قصر الزمن أو طال، تسمح بحصول رئيس الجمهورية على وزير سني مقابل وزير مسيحي للحريري، ويتمثل الحزب السوري القومي الاجتماعي بالحقيبة التي يريدها والمرشح الذي يحدّده لها مقابل وزير شيعي لرئيس الجمهورية، ويدخل تيار المرده من الحصة المسيحية، إلا اذا كانت بعض القوى تعمل على أكل الوقت تلاعباً على المهل وعلى مسألة إجراء الانتخابات وفق الستين. وشدّدت المصادر على أنه لا يجوز لتنظيم سياسي لديه 8 نواب في البرلمان ان يحصل على خمسة وزراء في حكومة من 24 وزيراً، 3 وزراء قواتيين بيار ابي عاصي، ملحم رياشي وغسان الحاصباني ووزيرين يدورون في فلكه السفير انطوان شديد والوزير ميشال فرعون ، مشيرة إلى أنّ الأزمة الكبرى تكمن هنا.

وأكد البطريرك الماروني بشارة الراعي «أنّ علاقته مع الرئيس نبيه بري ممتازة جداً ونحن على اتصال مع بعضنا بعضاً، وعلاقتنا أيضاً مع الشيخ عبد الامير قبلان هي أحسن وأحسن، لذلك أقول وأردّد ما حِمْيت لكي نبرّدها». وتابع: «علاقتنا مع الرئيس بري والشيخ قبلان ممتازة». وعن اتصال بينه وبين الرئيس بري أو الشيخ قبلان لتوضيح الأمور، أجاب: «إذا كان من الضروري أن نتصل بدولته نحن على استعداد للاتصال به، ليس لدينا أيّ مشكلة ونحن على اتصال مستمرّ».

سابع المستحيلات أن تتشكل الحكومة اليوم

وأكد مصدر سياسي لـ«البناء» انّ من سابع المستحيلات أن تتشكل الحكومة اليوم، فالأمور عادت إلى الوراء، لافتاً إلى أنّ رئيس الجمهورية لا مانع لديه من تسمية وزير شيعي ووزير سني ضمن حصته إذا وافق الرئيس المكلف سعد الحريري والتكتل الشيعي على ذلك.

عقدة الأشغال

وكانت مصادر مطلعة في تكتل التغيير والإصلاح رجحت إعلان الحكومة اليوم، إلا إذا طرأ أمر ليس في الحسبان في حقيبة الأشغال العامة وموضوع الوزير سليمان فرنجية، فالرئيس نبيه بري يقول إنه تنازل عن حقيبة الأشغال لتيار المرده ولن يتنازل عنها للقوات.

وقالت المصادر: أجواؤنا إيجابية، والعراقيل ليست عندنا وعند حلفائنا، العراقيل عند سوانا. ولفتت المصادر إلى أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي سيتمثل في حكومة الـ 24 وزيراً، بغضّ النظر عن التوزيع الطائفي بالتنسيق مع رئيس الجمهورية والحلفاء. ولفتت المصادر إلى أنّ رئيس الجمهورية رفض تشكيلة حكومية أولية قدّمها له الرئيس المكلف سعد الحريري كانت خالية من الحزب القومي وحزب الكتائب.

الكاثوليكي الكتائبي على حساب مَن؟

وعلمت «البناء» أنّ أجواء لقاء رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل كانت إيجابية، وانّ البحث تناول التشكيلة الحكومية، وتوقعت المصادر ان يتمثل حزب الكتائب في الحكومة العتيدة بالوزير المستقيل ألان حكيم، لكن ها التمثيل وفق المعنيين إذا كان صحيحاً سيكون على حساب كاثوليكي قواتي أو مقرّب من القوات.

الولادة بعد الاستقلال

وقالت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» إنّ «الرئيس سعد الحريري يبذل جهوداً كبيرة لتأليف الحكومة بأسرع وقتٍ ممكن لكن أيضاً يحتاج الى تعاون جميع الأطراف والتخفيف من حجم المطالب المستحيلة»، مؤكدة «أننا لا زلنا في المهلة الطبيعية للتأليف ولم يتجاوزها والمشاورات مستمرة والأجواء الإيجابية لا زالت هي السائدة رغم وجود بعض العقد التي يجري العمل على حلها ولا يعني بالضرورة ولادتها قبل عيد الاستقلال لكن ولادتها بأقرب وقت يعجل في انطلاقة قوية للعهد الجديد»، واستبعدت المصادر «وجود نيات عند بعض الأطراف لعرقلة تشكيل الحكومة لكي لا يكون لها متسع من الوقت لإعداد قانون جديد للانتخابات»، موضحة «أن لا علاقة بين عملية التأليف وقانون الانتخاب الذي لا مشكلة لدى المستقبل في الاتفاق عليه في أقرب وقت».

وكذلك مصادر نيابية في الحزب التقدمي الاشتراكي استبعدت في حديث لـ«البناء» ولادة الحكومة قبل عيد الاستقلال وفضّلت عدم الدخول في تفاصيل الحقائب التي سيحصل عليها الحزب الاشتراكي.

الاستئثار بالحصص

وقالت مصادر كتلة التنمية والتحرير لـ«البناء» إنّ الرئيس بري لم يبالغ عندما قال إنه إذا تشكلت الحكومة قبل عيد الاستقلال فهذه معجزة سياسية»، مشيرة الى أنّ بعض القوى لم تقتنع بعد بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية بل تحاول الاستئثار بالحصص وإبعاد قوى أساسية منها»، موضحة أنّ انتخاب رئيس للجمهورية يجب أن يستتبع بجملة من التفاهمات على تشكل الحكومة وليس تشكيلها فقط وقانون الإنتخاب الذي هو الامتحان الأصعب على طاولة مجلس الوزراء المقبلة لأنّ إجراء الانتخابات على قانون الستين هو نحر للعهد كما قال رئيس المجلس الذي لن يسمح بتمديد جديد للمجلس الحالي تحت أيّ ظروف».

واستبعدت المصادر «أن يتطور السجال الذي حصل أمس الأول بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي خصوصاً أنّ مرحلة جديدة من التعاون قد فتحت من قبل الرئيسين عون وبري وقضية شرعية المجلس من عدمه باتت من أثقال الماضي ولا مصلحة لأحد بإعادة نبشها ولا لتطور السجال لا سيما أنّ بري حسم الخلاف حول هذا الأمر بمخاطبة رئيس المجمهورية في المجلس النيابي بأنه أحد أركان شرعيته»، مشيرة الى أنه كما أنّ الميثاقية تجلت في انتخاب رئيس يمثل المسيحيين كما أنها تتجلى في تكامل السلطات واحترام الأعراف في اتفاق الطائف الذي أعطى التوقيع الثالث على القرارات للطائفة الشيعية المتمثل بوزارة المالية».

قطع الطريق على حكومة الوحدة الوطنية

إذ أكدت المصادر أنّ وزارة المالية قد حُسمت للوزير علي حسن خليل وأنّ الرئيس بري يعمل لتسهيل الحكومة من خلال التنازل من حصته للحلفاء، ذكرت بتنازل رئيس المجلس عن مقعد وزاري للشيعة للوزير فيصل كرامي في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي»، ولفتت الى وجود محاولات لقطع الطريق على حكومة الوحدة الوطنية بسب التفاهم بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على تقاسم الوزارات المسيحية بالتساوي، الأمر الذي يضع قوى عدة خارج الحكومة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى