التمثيل الوطني والمدني حاجة ماسة لإنقاذ لبنان

واضح من سياقات تأليف الحكومة في لبنان، أنّ هناك «مجموعة ضغط» تعمل من أجل «تنحيف» الإجماع اللبناني الذي تمخض عنه انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي تقويض هذا الإجماع من خلال تكبير حجمها الوزاري الذي بدون أدنى شك يحدث اختلالاً في توازن البلد.

وصفة تنحيف الإجماع، ليست لترشيق المرحلة الجديدة، عهداً وحكومة، لذلك ستكون لها مضاعفات كثيرة، من عوارضها السلبية مرور عيد الاستقلال هذا العام، من دون حكومة وفاق وطني حقيقي.

وإذ كان تنحيف الإجماع أو تقويضه، موجّه ضدّ جهة معينة تخشاها «مجموعة الضغط»، فإنّ الضرر لن يصيب الجهة المستهدفة، بقدر ما يصيب كلّ البنية السياسية القائمة، فالوفاق الوطني يقوم على أساس مشاركة الجميع، والترجمة راهناً تتمّ حصراً من خلال حكومة وفاق وطني تضمّ سائر القوى والأطراف، خصوصاً القوى المدنية الديمقراطية الإصلاحية. وما عدا هذه الترجمة يعتبر وضعاً للعصي في عجلات المرحلة الجديدة.

التقدّم باتجاه تحقيق المصلحة الوطنية والوحدة الداخلية وسلوك طريق الإصلاح ومعالجة كلّ القضايا ومحاربة الفساد، أمرٌ لا بدّ أن يشكل هاجساً لدى الجميع، والجهة التي تعرقل التقدّم في هذا المسار هي من يتحمّل المسؤولية الكاملة عن العرقلة والتعطيل وتسميم المناخ الإيجابي الذي تشكل مؤخراً في لبنان وأفضى إلى نتائج ايجابية. وما من ضرورة للتذكير دائماً بأنّ النتائج التي تحققت في لبنان، معروفة القوى التي أنتجتها، وبالتأكيد ليست تلك الجهة التي حدّدت صناعتها.

لذلك، فإنّ مقتضيات المرحلة الجديدة تتطلب تذليلاً للعقبات التي تعترض تأليف حكومة وفاق وطني حقيقي، لأنه لا معنى لأيّ حكومة لا تجسّد الإجماع الوطني العام، ولا معنى لأيّ حكومة لا تضمّ قوى وأحزاباً مدنية فاعلة وشخصيات وطنية وازنة، إنّ حكومة من دون هؤلاء هي حكماً فاقدة المشروعية الوطنية والمشروعية المدينة والديمقراطية.

من الخطأ الجسيم التعامل مع التمثيل الوطني والمدني في الحكومة على قاعدة حكومة الـ 24 وزيراً أو حكومة الثلاثين وزيراً، هذه قاعدة غير مقبولة، لأنّ هذا التمثيل الوطني والمدني هو لازمة لأيّ حكومة مهما كان عدد الوزراء، والتمثيل المدني والوطني هو حاجة ماسة لإنقاذ لبنان من آفاته الطائفية والمذهبية ولتخليصه من الفساد المستشري، ولبناء نظام مدني ديمقراطي يحقق المواطنة الحقيقية والعدالة الاجتماعية.

البناء الحقيقي والإصلاح الحقيقي يتحققان بمشاركة القوى التي تمتلك ثقافة الوحدة والإصلاح والتي تدفع باتجاه قانون انتخابات نيابية على أساس الدائرة الواحدة والنسبية لتحقيق صحة التمثيل وعدالته.

لذا، حذار من وصفة التنحيف فإنها تسمّم الجسم اللبناني…

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى