كفى عمالة… كفى خيانات

هشام الخوري حنا

بعض وسائل الإعلام في لبنان تحوّلت إلى غرف سوداء، وهي شرهةٌ للارتشاء، لا فرق عندها إنْ جاءها المال من عدوّ أو ممّن ينوب عنه. فكلّ ما تبتغيه هذه الوسائل هو ثمن فاتورة عن دورها في حملات التجنّي والافتراء والظلامية وتشويه الحقائق، ومحاولات نسف المفاهيم الوطنية وحقيقة الانتماء.

هو الاستهداف بعينه لحركة الوعي، لقيم لمعرفة، للبوصلة النضالية… وهذا الاستهداف هو من مقتضيات مشروع الفوضى الهدامة التي تستهدف بلادنا بالتفتيت.

هو استهداف لنا نحن، الشعب المقاوم الذي هزم كلّ الغزاة، وطرد المحتلين عثمانيين وفرنسيين وإنكليز وأميركيين ويهوداً، وهذا فعل وعي وإيمان وعقول نيّرة، إيمان بحقنا في أرضنا وبأن نكون احراراً من أمة حرة.

هو استهداف لنا، نحن الشعب المكافح، الذي اتخذ المقاومة خياراً للتحرير وشعلة للحرية والحياة، ونبذ العملاء وعرّى دعاة التطبيع.

كلّ هذا الاستهداف، لن ينجح في تحقيق غاياته وأهدافه، فالعميل سيبقى عميلاً، ولن تغسل عمالته كلّ ادّعاءات «الوطنية»، فهو خان الوطن، وتآمر على الشعب، وشوّه التاريخ، لذا ليس للعميل موقع ولا مرتبة، هو خارج على الوجود الوطني، ولا تصنيف له أو تسمية، مهما حاولوا تلميع صورته، سوى انغماسه في العمالة، حتى ولو نصّب في أعلى المناصب، أو كان مأجوراً صغيراً، ففي العمالة يتساوى العملاء، فهم جميعاً خونة.

ها هي فرنسا «الأمّ الحنون» بنظر البعض، أعدمت آلاف العملاء الذين خانوا فرنسا وتعاونوا مع الاحتلال عبر حكومة فيتشي، أعدمتهم فرنسا من دون محاكمات، ولم تعطهم فرصة للتوبة.

الدستور اللبناني والقوانين اللبنانية مقتبسة من القانون الفرنسي، والمادة 60 من الدستور تنصّ على أن لا تبعة على رئيس الجمهورية حال قيامه بوظيفته، إلا عند خرقه الدستور أو في حال الخيانة العظمى.

تنص المادة 273 من قانون العقوبات اللبناني على ما يلي: «كلّ لبناني حمل السلاح على لبنان في صفوف العدو عوقب بالإعدام. وبذلك، إنّ كلّ لبناني، وإنْ لم ينتمِ إلى جيش معاد، أقدم في زمن الحرب على أعمال عدوان ضدّ لبنان عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة، وإنْ يكن قد اكتسب بتجنيده الجنسية الأجنبية».

وتنص المادة 274 على الآتي: «كلّ لبناني دسّ الدسائس لدى دولة أجنبية، أو اتصل بها ليدفعها إلى مباشرة العدوان على لبنان، أو ليوفّر لها الوسائل إلى ذلك، عوقب بالأشغال الشاقة المؤبّدة. وإذا أفضى فعله إلى نتيجة عوقب بالإعدام».

وهذه المادة 275 تقول بأنّ: «كلّ لبناني دسّ الدسائس لدى العدو، أو اتصل ليعاونه بأيّ وجه كان على فوز قواته عوقب بالإعدام».

وتؤكد المادة 276 أنه: «يُعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كلّ لبناني أقدم بأيّ وسيلة كانت قصد شلّ الدفاع الوطني، على الإضرار بالمنشآت والمصانع والبواخر والمركبات الهوائية والأدوات والذخائر والأرزاق وسبل المواصلات، وبصورة عامة بكلّ الأشياء ذات الطابع العسكري، أو المعدّة لاستعمال الجيش أو القوات التابعة له. يقضى بالإعدام إذا حدث الفعل في زمن الحرب أو عند توقع نشوبها».

بناء على ما تقدّم، وجب التمييز بين الوطني الذي يدافع عن بلده، وبين العميل الذي يخون بلده. ووجب التمييز بين من ينتهج خيار مقاومة العدو وبين المتعامل مع العدو، ووجب التأكيد على أنّ المقاومة حق والاحتلال باطل، وأنّ واجبات كلّ فرد منتم إلى الوطن مقاومة العدو.

إنّ نصوص الدستور واضحة وضوح الشمس. ومن العار أن يسمح لأيّ وسيلة إعلامية، أو أيّ فرد أو جهة، أن تصنّف كبار الخونة والعملاء أبطالاً…

كفى عمالة… كفى خيانات…

محام

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى