الجيش يواصل التقدّم السريع في حلب… ولافروف لخروج كامل للمسلحين مسعى إبراهيم لزيارة فرنجية لبعبدا… لا يُنهي تعطيل «الأشغال» القواتي

كتب المحرّر السياسي

استبقت موسكو جلسة مجلس الأمن المقرّرة للتصويت على مشروع قرار لوقف النار في حلب لمدة سبعة أيام، بهدف وقف العملية العسكرية للجيش السوري في أحيائها الشرقية، بالإعلان عن عدم موافقتها على اللجوء إلى التصويت على المشروع بينما تتواصل مساعيها مع واشنطن لاستئناف عمل الخبراء في جنيف وما يمكن أن يسفر عنه من بلورة لخطة تنتهي بخروج المسلحين من الأحياء الشرقية، وفقاً لما قاله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بينما كانت أحياء جديدة أبرزها حي الشعار تسقط بيد الجيش السوري وحلفائه، وتبدو معه الأحياء المتبقية بيد المسلحين مسألة وقت فقط، إما أن تنجح المساعي السياسية بإنهائه عبر ترحيل المسلحين إلى إدلب، أو يدخلها الجيش وينهي الأمر بيديه معلناً عودة حلب كاملة إلى حضن دولتها.

لبنانياً، تتركز المساعي السياسية لتذليل العقبات من طريق تشكيل الحكومة الجديدة على مساري تأمين زيارة رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية إلى بعبدا وعقد لقاء مصارحة ومصالحة مع رئيس الجمهورية، والسعي لإنهاء قضية وزارة الأشغال التي ارتكب رئيس الحكومة خطأ وضعها ضمن حصة كلّ من كتلة التحرير والتنمية وكتلة القوات اللبنانية.

على المسار الأول يبدو تحرك المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على خط ترتيب زيارة فرنجية لبعبدا، مدعوماً من تواصل ثنائي بين حزب الله والتيار الوطني الحر لتوفير مناخ مناسب بتحقيق الزيارة وضمان نجاحها في فتح صفحة جديدة بين الحليفين اللدودين، بينما تتعثر المساعي على المسار الثاني طالما يتمسك الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بحصة تيار المستقبل من دون أن يحاول ترضية القوات من حصته بدلاً من التبرّع بحصص الغير، بينما تتمسك القوات بتفاهمها مع التيار الوطني الحر ملوّحة بالعودة للمطالبة بحقيبة سيادية إذا نزعت منها الأشغال ليتحوّل تمثيل القوات عقدة الحكومة كمّاً ونوعاً، بحصة أكبر من وزنيها السياسي والنيابي.

«القوات» تهدّد بنسف المفاوضات

ما إن تُحلّ عقدة حتى تبرز أخرى. هذا حال المفاوضات الحكومية منذ انطلاق قطار التأليف، رغم الإشارات الإيجابية التي تلوح بين الحين والآخر في أفق أزمة التشكيل، بينما المساعي مستمرة لعقد لقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المرده النائب سليمان فرنجية في بعبدا، علّه يفك عقبة الحقيبة الوازنة للمرده ولو أن تأخير ولادة الحكومة يتجاوز ذلك الى تشبث بعض الأطراف بمواقفها ومحاولتها إقصاء أخصامها السياسيين وخوضها معركة إثبات الوجود والحضور «المنتفخ». وفي سياق ذلك علمت «البناء» أن «القوات اللبنانية» «هدّدت بنسف المفاوضات وأبلغت الرئيس المكلف سعد الحريري والرئيس عون بأنها إذا لم تضمّ وزارة الأشغال والنقل الى حصتها الوزارية، فإنها ستعود الى المربع الأول في المفاوضات أي الى المطالبة بحقيبة سيادية».

.. وبرّي يخشى إطاحة قانون الانتخاب

إلا أن زوار عين التينة جزموا لـ«البناء» بأن «حقيبة الأشغال قد حُسمت من حصة رئيس المجلس النيابي نبيه بري ولا تنازل عنها إطلاقاً»، وأوضحوا أنه «إذا أرادت القوات أخذ الأشغال فتكون قد ضربت مبدأ القديم على قدمه المتفق عليه بين الرئيسين عون والحريري والقوى السياسية الأساسية، وطرحت مبدأ المداورة من جديد وحينها على كافة الأطراف التخلي عن الوزارات المكتسبة من حكومة تصريف الاعمال».

وعن سريان هذا المبدأ على المرده بإسنادها وزارة الثقافة التي تتولاها حالياً، أشار زوار رئيس المجلس الى أن «وضع المرده بالذات مختلف وله علاقة بمرحلة ما قبل انتخاب الرئيس وما بعده، لا سيما أنّ فرنجية كان مرشحاً رئاسياً»، مشيرين الى أن رئيس المجلس قدّم كلّ التسهيلات وأعلن استعداده مراراً للتوسط مع فرنجية، لكن لم يتلقف الآخرون ذلك، كما أن همّ الرئيس بري تأليف الحكومة بأسرع وقت لأن لديه مخاوف جدية من أن تطيح عرقلة تشكيل الحكومة قانون الانتخاب».

وشدد زوار بري على أنه «لن يدخل أي حكومة إلا بحقيبة أساسية وازنة للمرده، مهما كان الثمن. وهذا قرار نهائي وما يقبله ويرتضيه فرنجية يقبل به بري، فلماذا لا يُعطى الطاقة أو الاتصالات أو الأشغال؟ أو فلتعطَ التربية والأشغال لبري، وهو يتفق مع فرنجية حينها». وينفي زوار عين التينة أي نية لدى رئيس المجلس لمعاقبة الحريري على خياره الرئاسي دون التشاور معه، مؤكدين أن بري «سهّل للحريري الذي اشتكى لرئيس المجلس صعوبة تشكيل حكومة ثلاثينية وطالباً اعتماد صيغة الـ24 وزيراً فقبل بري». وحذرت المصادر من أن «البلد لا يحتمل إطالة أمد التأليف أشهراً عدة»، مبينة أن «لا مانع لدى بري من أن يزور فرنجية بعبدا للوقوف على خاطره وهو الذي نصح الرئيس عون في الاستشارات النيابية بأن يبادر تجاه رئيس المرده».

وأوضحت مصادر في كتلة التنمية والتحرير لـ«البناء» أن «إقرار قانون انتخاب جديد في المجلس النيابي أصعب بكثير من إقراره في الحكومة لوجود 17 مشروع قانون لم تُحَل من اللجان المشتركة الى الهيئة العامة، وبالتالي لا يوجد قانون مدروس ومتفق عليه في اللجان ومحال الى الهيئة العامة لإقراره»، موضحة أنه «إذا اتفقت القوى السياسية على قانون وإقراره في المجلس النيابي فالقوى نفسها في الحكومة ويمكنها إقراره حينها فيها».

تفويض حزب الله مستمر

ولفتت مصادر في 8 آذار لـ«البناء» أن «تفويض حزب الله لبري التفاوض باسم الثنائي الشيعي بالشأن الحكومي مستمر، وهناك ثقة كاملة بين الطرفين وإن طال زمن ولادة الحكومة»، وتساءلت: «لماذا لا يتنازل الحريري عن إحدى الحقائب من حصة تياره وهو الذي نال حصة الأسد في الحكومة بوجوده في رئاسة الحكومة التي ارتضى بعون رئيساً للوصول اليها؟». ولفتت الى أن «فريق 8 آذار تنازل عن الثلث الضامن لتسهيل التأليف، لكن بري لن يقبل بأي خرق وتغيير للتوازن السياسي داخل الحكومة التي ستواجه جملة من القرارات الكبرى والمصيرية الداخلية منها والخارجية، وعلى رأسها قانون الانتخاب، وبالتالي لن يقبل بأن يؤول الثلث المعطل لثنائي المستقبل القوات».

وتحدّثت مصادر لـ«البناء» عن مساعٍ يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لترتيب زيارة للنائب فرنجية الى بعبدا.

«التيار» متفائل…

في ظل هذا الوضع الضبابي حافظ التيار الوطني الحر على تفاؤله بقرب ولادة الحكومة، ويعتبر أن العقد المتبقية ليست جوهرية بل قابلة للحل، ويجزم بأن ولادة الحكومة لن تتأخر، بينما تحدثت مصادر في «التيار» لـ«البناء» أن «اللقاء الذي عُقد منذ أيام بين مسؤول وحدة الارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا ورئيس التيار الوزير جبران باسيل كان جيداً وإيجابياً، وأكد على ثبات العلاقة بين حزب الله والتيار واستمرار المساعي لتأليف الحكومة بأسرع وقت وحصل نوع من التوافق على انفتاح سيبديه التيار لفتح آفاق لحوار مع المردة، وأكد باسيل لصفا أن بيان بعبدا تعبير عن نية وإرادة للحوار ويصبّ في إطار تعبيد طريق الحكومة».

..و«المستقبل»: التعقيدات أعمق من الحقائب

وأشارت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» الى أن «الأمور ما زالت عالقة وأن موضوع الحقائب هي العقدة الظاهرية، أما في العمق فهناك صراع على صورة العهد في المرحلة المقبلة، ومَن يكون له الدور الأفعل في مجلس الوزراء المقبل»، لكنها أشارت الى أن «الحريري يتواصل ويقوم بمساعٍ مع جميع الاطراف لا سيما مع رئيس القوات سمير جعجع والوزير فرنجية. فتشكيل الحكومة من مسؤوليته ورئيس الجمهورية وسيستعمل كل إمكاناته للخروج من تعقيدات الحقائب»، موضحة أن «حقيبة الأشغال لا زالت عالقة بين بري والقوات لكن لا شيء محسوم والحريري يلمس محاولات لتطويق العهد بضوابط معينة»، مشدّدة على أن «عدم مطالبة 8 آذار بالثلث المعطل لا يعتبر تنازلاً بعد خلط الأوراق وسقوط الاصطفافات التقليدية ولو أن هناك تحالفاً بين المستقبل والقوات والتيار الوطني الحر، لكن هناك تحالف مقابل بين حزب الله والتيار والأخير والقوات ولو أن كل فريق لا يزال في خندقه لجهة الخيارات الاستراتيجية».

وتساءلت المصادر المستقبلية: هل يريد حزب الله رئيس جمهورية يمارس صلاحياته الدستورية كما ينص الدستور، أم أن فرض شروط مسبقة تقيد الرئيس والعهد؟ وأعربت المصادر عن «تفاؤلها بتشيكل الحكومة قبل الأعياد، إذا حُلّت العقد المتبقية وإذا كانت هي العقبة الوحيدة، أما في حال كانت الأمور أبعد من حقيبة كما نرى، فقد يأخذ الأمر أشهراً عدة»، وجزمت المصادر بأن الحريري «لن يستسلم للامر الواقع وسيضع كل إمكاناته للوصول الى صيغة حكومية يجمع عليها الأطراف». ولفتت المصادر الى أن «ما نقل عن فرنجية بأنه لا يطلب دعوة شخصية من عون لزيارة بعبدا تعتبر إشارة إيجابية لكسر الجليد بينهما تمهيداً لانعكاس ذلك على العقدة الحكومية».

جولة ديون على القيادات

على صعيد آخر، جال وزير خارجية كندا ستيفان ديون أمس، على الرؤساء عون وبري ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام والوزير باسيل.

وأكد عون أمام ضيفه على أن «عوامل الاستقرار والأمن باتت متوافرة في لبنان»، معتبراً أن «الأوضاع العامة في البلد بدأت تتحسّن تدريجياً منذ الانتخابات الرئاسية»، مشيراً الى أن «وجود أعداد كبيرة من النازحين السوريين إضافة الى اللاجئين الفلسطينيين أدى الى تفاقم الاوضاع الاقتصادية». ودعا كندا والمجتمع الدولي الى «العمل لحل سياسي للوضع القائم في سورية ومساعدة السوريين للبقاء في أرضهم»، معتبراً أن «إعادة إعمار سورية أمر في غاية الأهمية من أجل إعادة تثبيت الاستقرار في المنطقة». في المقابل، لفت ديون الى أن رئيس حكومة بلاده يعتبر لبنان «مفتاح المنطقة والعالم لا سيما لجهة تنوعه»، مؤكداً استعداد كندا لمساعدة لبنان في تحمّل أعباء النزوح السوري اليه. وأعلن عن مساعدة كندية للقوى المسلحة اللبنانية، إضافة الى مساعدات في المجالين التربوي والاقتصادي.

اعتداء على الجيش في الضنية

على صعيد آخر، وفي تطور أمني لافت، أقدم مسلحون ليل أمس الاول على إطلاق النار من أسلحة حربية في اتجاه حاجز تابع للجيش في منطقة بقاعصفرين الضنية، ما أدّى إلى إصابة عسكريين اثنين بجراح ما لبث أن استشهد أحدهما لاحقاً متأثراً بجراحه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى