الردّ الإيراني المتوقع على تمديد العقوبات

حميدي العبدالله

تدرس إيران طبيعة الإجراء الذي ستقدم عليه للردّ على قرار الكونغرس الأميركي تمديد العقوبات عليها لمدة 10 سنوات.

الكلّ يتساءل اليوم عن ماهية الردّ الإيراني، البعض يتوقع أن تستأنف إيران برنامجها النووي، وتعود إلى العمل بالمحاور التي كانت تعمل عليها قبل التوصل إلى الاتفاق. لكن الأرجح أنّ هذا لن يكون هو ردّ إيران، لأنّ الاتفاق النووي ليس بين إيران والولايات المتحدة، بل بين إيران والدول الست الكبرى، ومن شأن العودة إلى العمل بالبرنامج النووي، كما كان عليه الحال قبل التوصل إلى الاتفاق، أن يحرج الدول الأخرى الملتزمة به، وقد يشكل ذلك ذريعة لبعض هذه الدول التي تدور في فلك الولايات المتحدة، مثل بريطانيا، للسير على خطى الولايات المتحدة في مواصلة فرض عقوبات على إيران وعودة العلاقات بين البلدين في هذا المجال إلى مرحلة ما قبل الاتفاق. قد لا يكون هذا هو الطريق الأمثل والأفعل في مواجهة الولايات المتحدة.

هناك طرق تستطيع عبرها إيران الردّ على الموقف العدائي الأميركي غير المبرّر، وثمة إجماع في إيران، بين الإصلاحيين والمحافظين على ضرورة الردّ، وهو إجماع نادراً ما حصل حول الملف النووي الإيراني، ولولا الموقف الأميركي العدائي والتصعيدي لما حدث مثل هذا الإجماع.

من المتوقع أن تردّ طهران عبر محاور عدة وليس من خلال العمل على محور واحد، من بين هذه المحاور مطالبة الدول الكبرى الموقعة على الاتفاق ممارسة الضغط على الولايات المتحدة لإلزامها بالتراجع عن تمديد العقوبات، لكن من المعروف أنّ الدول الأخرى لن يكون لها تأثير كبير ومباشر على سياسة الولايات المتحدة، ولكن بكلّ تأكيد إنّ رفض الدول الكبرى مجاراة الولايات المتحدة في موقفها، واستمرار الالتزام بالاتفاق سيطلق سياسة سباق مصالح للشركات الأوروبية والروسية والصينية للحصول على استثمارات وعقود تجارية في إيران، وذلك سيلحق الضرر بالشركات الأميركية، ومن شأن ذلك أن يدفع الشركات الأميركية للضغط على الكونغرس والإدارة الأميركية لإعادة النظر بقانون تمديد العقوبات، لأنّ القانون، في ضوء عدم التزام الدول الأخرى به، يتحوّل إلى عقوبات على الشركات الأميركية وحدها، وهذا ما قد لا تقبل به هذه الشركات التي لها تأثير كبير على صانع القرار في الولايات المتحدة.

تمتلك إيران أوراق ضغط أخرى ضدّ الولايات المتحدة من طبيعة سياسية، ولا سيما في العراق واليمن، وقد تلجأ إلى استخدام هذه الأوراق لدفع الولايات المتحدة للتراجع.

في مطلق الأحوال قرار الكونغرس، الذي أعلن الرئيس أوباما أنه يوافق عليه، يمثل خطوة غير مدروسة، وأضرارها على المصالح الأميركية أعلى بكثير من أيّ منافع محتملة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى