حلب موحّدة.. يوم العلم السوري

نظام مارديني

ما أجمل هذا اليوم يا حلب وأنت تعودين ببهائك وعنفوانك وجبين أهلك الناصع.

وما أكرم هذا اليوم وقد رفرف العلم السوري فيه عزيزاً بعدما حاول الرعاع استبداله بعلم زمن الانتداب.. العلم السوري الذي طالما رفرف في سماء الانتصارات، وزيّن ساحات المقاومة في كل أرض ممانعة.

وما أكثر شعورنا بالفخر اليوم بعدما وضع الجيش السوري وحلفاؤه حداً لسنين من العدوان على أهلنا في حلب.

وما أنبلَ أهلكِ يا حلب، هؤلاء الذين رفعوا العلم بنجمتيه الخضراوين كعيون سكانكِ فوق المباني وفي الطرقات والساحات العامة، في الأحياء الشرقية التي كانت مستباحة من العصابات الإرهابية.

سورية، الأرض الضاربة في الحضارة أكثر من عشرة آلاف عام، والتي علمت الدنيا كيف تُبنى الحضارة وأهدت العالم أبجديتها الأولى، حاولت عصابات الإرهاب استبدال علمها برايات الإجرام والقتل والعمالة والخيانة.

اليوم نشمُّ رائحة العلم السوري من بيروت المقاومة، برمزيته إلى دماء آلاف الشهداء الزكية الذين ضحوا بأنفسهم وأرواحهم من أجل حماية وحدة حلب..

الجندي الذي رفع اسم سورية وعلمها عالياً في ساحات الميدان الحلبي، وفي كل ميادين البطولة، سيُجبر العالم كله، الأعداء قبل الأصدقاء، على الانحناء لهذا العلم احتراماً.

الحلبيون السوريون الذين دفعوا من حياتهم مقابل رفع علم بلادهم قدّموا أكثر من ثلاثين ألف شهيد وجريح من الأحياء الغربية وحدها.. فهل نتذكّر كلّ مَن دفع من سنوات عمره داخل سجون العصابات الإرهابية بسبب هذا العلم؟

قال لي مواطن من سكان حلب، أذكر أنني اضطررت مرة لتمزيق ستائر من منزلي، كي أتمكن من توفير قطع قماش حمراء وخضراء وسوداء وبيضاء، لصناعة العلم السوري، ومن ثم رفعه فوق نافذة المنزل قبل أن تقتل تلك العصابات الإجرامية أبي وأمي وتحرق منزلنا، وقد شاء القدر أن أكون حينها خارج المنزل لتأمين الغذاء لوالديَّ.. كان علم سورية من الممنوعات، ولكن علم الانتداب المستعمر مقبول وهو يرفرف بأيدي ما يُسمّى «الثوار»!

السوريون، وأهلنا في حلب يدركون بأن رفع العلم السوري، ما هو إلا انتصار وطني، واعتراف ضمني بأننا نحن السوريين شعب واحد، وهذا مألوف منذ القدم عند الأمم والشعوب التي اتخذت وعبر التاريخ لنفسها رايات وأعلام ترمز لعزّتها وكرامة أمتها ووطنها، لذلك كان هذا الاهتمام برفع الرايات والأعلام السورية فوق المباني التي اندحر منها الإرهابيون، وتكريمها بالكثير من الاحترام.

ماذا بعد؟

لعل ذلك الطفل الحلبي يتذكر قبلة مدرِّسته الدافئة على خده في الصف الثالث الابتدائي، بعد أن سألته وهي تقف أمام السبورة اللوح :

هيّا يا شاطر.. هل تستطيع أن تضع لي صيغة «ما أجمل» في جملة مفيدة؟

قال لها الطفل نعم:

ما أجمل العلم وهو يرفرف فوق سطح مدرستي.

يقول الشاعر الراحل محمود درويش «الألم: هو أن لا تعلّق سيّدة البيت حبل الغسيل صباحاً.. وأن تكتفي بنظافة هذا العلم».

للرئيس بشار الأسد: «… قبل تحرير حلب وبعد تحرير حلب، هنا تحوَّلَ الزمن إلى تاريخ».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى