حلب والأسد: ثنائية النصر

ناصر قنديل

– المنتصران جنباً إلى جنب مع الإعلان عن جلاء آخر عنصر من الجماعات المسلحة عن مدينة حلب، هما الرئيس السوري بشار الأسد ومدينة حلب. فخلال سنوات خمس صمد الأسد وحلب معاً وارتبطا وجودياً، فقد كان رهان خصوم الأسد ودعاة الحرب لإسقاطه على نصرهم في حلب لمنح مشروعهم المصداقية، وكانوا يعلمون أن هزيمتهم في حلب بداية نصر للأسد لن يكون بعدها ممكن رده، فكما كانت كل عناوين الحرب وأهدافها وتشابكاتها ترتفع سقوفها وتنخفض من دون أن تقرر مصيرها، بقي المحور الفاصل في مواصلة الحرب أو الخروج منها، مرتبطاً ببقاء سقف السعي لإسقاط الرئيس الأسد أو التراجع عنه، بالنسبة لدول خيار الحرب. وبالمقابل بمثل ما كانت الجغرافيا السورية كلها ذات قيمة وتأثير على مسارات الحرب، لكنها لا تعني بلوغ نقطة التحول بحسم مصير الحرب أو الخروج منها، كانت حلب دائماً هي التي ستقول الكلمة الفاصلة.

– راهن الرئيس الأسد على حلب وراهنت عليه، وتبادلا مشاعر الوفاء وعهد المصير، فكانت ثقة الرئيس الأسد دائماً بأن حلب لن تخذله، وقد عاش فيها ومنحها الكثير من اهتمامه وتواصل مع أهلها طوال عشرين عاماً متصلة، منذ عودته إلى سورية، وثقته أن حلب هي بوليصة التأمين في قلبه لإسقاط مشروعَي الحرب الأهلية والتقسيم. فوفاء حلب لخياراته العربية والمدنية، وثباتها بوجه مشاريع الفتن وإغراءات التخلي عن خياراتها وهويتها، عصم سورية كلها وحصّنها بوجه مشاريع التقسيم ومشاربع الحرب الأهلية، بالمقابل كانت حلب كلما اشتدت عليها الأيام والصعاب، وتكاثرت عليها الحشود وتشتعل النيران في أطراف ثوبها، تجدّد ثقتها بأن الأسد لن يخذلها ولن يتركها طعماً للذئاب، ولا تصدق ما تسمعه عن دويلة يرتضيها أو عما يسمونه بسورية المفيدة، وتثق بأن الفارس على حصان أبيض سيأتي ويخلصها من براثن خاطفيها. ولما جاءت اللحظة الحاسمة قالت حلب كلمتها وقال الأسد كلمته، وتجدد عهد الوفاء، حتى تعود سورية حرة موحدة.

– منحت حلب بنصرها للأسد درع التثبيت في حربه، ومنحها الأسد إكليل غار حربه ونصب على بواباتها أقواس نصره، فليس بلا معنى التزامن بين رمزية احتفال حلب بنصرها، وإشراقة عيون الأسد لميلاد المدينة في يوم النصر، مع الإعلان الروسي عن مضمون التفاهم الثلاثي الروسي الإيراني بقوله، مصير الأسد ليس مطروحاً للبحث، والتقدم في المسار السياسي يبدأ من التفاهم على أن أولوية الحرب على الإرهاب تحلّ مكان أولوية إسقاط النظام بالنسبة للمعارضة الراغبة بالشراكة في الحل السياسي، والتمسّك بوحدة سورية وسيادتها مدخل كل تفاهم إقليمي على رعاية الحل السياسي.

– حسم حرب حلب بدايةُ حسم حرب الأسد وحرب سورية، سيبدأ التحول في مسار الحرب وشعاراتها واتجاهاتها وتحالفاتها، من اللحظة، وسيكتب للعام 2017 أن يكون عام التحولات الكبرى في حرب سورية، بعدما تحقق ما توقعناه من أن نهاية العام 2016 ستكون نهاية المرحلة الصعبة من الحرب بتحقيق النصر في حلب، والانتقال إلى زمن التحولات والانتصارات السياسية والعسكرية المتسارعة والمتدحرجة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى