تراجع الدور الأميركي في شأن الأزمة السورية أمام تقدّم الدور الروسي ـ الإيراني ـ التركي… والسبب؟

أجمعت صحف غربية وروسية عدّة ـ رغم تباين توجّهاتها ـ على تراجع الدور الأميركية دبلوماسياً وعسكرياً في الأزمة السورية، بينما يشهد الدور الروسي ـ الإيراني ـ التركي تقدّماً بارزاً، خصوصاً بعد تحرير حلب من الإرهابيين، بينما عزت صحف عدّة أن هذا التقدّم ناجم عن اغتيال السفير الروسي لدى أنقرة أندريه كارلوف.

إلى ذلك، ما زالت التحليلات الصحافية قائمة حيال عملية الاغتيال التي ـ لا شك ـ هزّت المنطقة. وإذ تقدّم صحيفة «كمسمولسكايا برافدا» الروسية تحليلاً منطقياً، فإنّ صحيفة «تايمز» البريطانية، حاولت زرع إسفين في التقارب الروسي ـ التركي، عبر «تحليل» قدّمته، واعتبرت أن ثمة إشارات تفيد أن مولود الطنطاش، قاتل السفير الروسي لدى أنقرة أندريه كارلوف، على ارتباط بحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، الذي شارك بتأسيسه عام 2001 الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

أما الكيان الصهيوني، فلا عجب أنّه لا يهتمّ ضمن هذه المعمعة كلّها، سوى التركيز على حزب الله، إذ نقلت صحيفة «فزغلياد» الروسية عن ياكوف كيدمي، المحلل السياسي والرئيس السابق لأحد أجهزة الاستخبارات «الإسرائيلية»، قوله إن تصريح مولود جاويش أوغلو في موسكو يؤكد وجود تناقضات بين تركيا وإيران. وأن تركيا كدولة سنّية لا مصلحة لها بتوسّع التأثير الشيعي في سورية. وإن حزب الله صرّح مراراً بأن وجوده في سورية موقت، وأن نشاطه الرئيس في لبنان، ونحن بالذات نقف ضدّ تعزيز حزب الله في لبنان، خصوصاً على مقربة من «حدودنا».

في هذا التقرير، جولة على أهم ما نشرته الصحف الروسية والغربية، من مقالات مرتبطة بما أشرنا إليه في المقدّمة أعلاه.

«كمسمولسكايا برافدا»

ذكرت صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية أن عملية اغتيال السفير الروسي لدى تركيا ربما وقعت لتعريض مركز القوّة الجديد في الشرق الأوسط للخطر.

وجاء في المقال: لقد وصل التطوّر التكنولوجي الحديث إلى حدود أصبحنا معها نعرف اسم القاتل بعد ساعة من عملية الاغتيال، تاريخ طفولته، فريق كرة القدم المفضّل لديه وقناعاته الايديولوجية… وهكذا، بعد ساعتين من وقوع الحادث أصبحت لدينا صورة عن سيناريو عملية الاغتيال، وكيف تسلّل القاتل إلى داخل معرض الصور، ونظام الحراسة، الذي حدثت فيه ثغرة مصيرية.

وبعد يوم واحد من عملية قتل أندريه كارلوف المأسوية، بقي سؤالان حتى الآن من دون إجابة كاملة: أين كان حرس السفير؟ ومن المستفيد من عملية الاغتيال؟

هناك أناس مختصون، يجب عليهم أن يضمنوا أمن السفير شخصياً والسفارة أيضاً. كما أوضح سفير الاتحاد السوفياتي سابقاً في الكويت وليبيا بوغوس أكوبوف، في لقاء خاص مع مراسل الصحيفة. أكوبوف أكد أن ضابط الأمن ملزم بمرافقة السفير في حال تحركه لتنفيذ مهمات العمل. وبالطبع توجد حالات، عندما يذهب السفير إلى متجر أو لقضاء أمور شخصية من دون أن يبلّغ عنها ضابط الأمن، ولكن في إطار تنفيذه المهمات الرسمية يجب أن يرافقه ضابط الأمن.

وهل مسموح لضابط الأمن أن يحمل سلاحاً خارج حدود السفارة؟

هذا ممنوع، في حال غياب اتفاق منفصل مع سلطات البلد المضيف. حقيقة أن هذه أعراف دولية مشتركة، عندما تتعهد الدولة المضيفة بضمان سلامة الشخص الذي يتمتع بوضع الحصانة على أرضها. وفي بعض البلدان ينظرون إلى تسليح حراسة السفير كإهانة للحكومة المضيفة. وإذا كان المحيط الداخلي للسفارة الروسية يحرسه رجال الأمن الروس إذا تطلب ذلك الوضع الخاص بالدولة المضيفة ، فإن الأمن خارج محيط السفارة وفي المدينة هو من صلاحيات الدولة المضيفة. وهل كان بمقدور رجل أمن أعزل أن ينقذ حياة السفير أندريه كارلوف؟ ذلك ممكن فقط في حال إلقاء نفسه على السفير وتغطيته له بجسده. ولو توفّرت الفرصة لضابط أمن السفير كارلوف، لكان فعل ذلك.

ويضيف أكوبوف: بالطبع إن ذلك هو خطأ رجال الأمن الأتراك الأكبر، إذ إن معرض الصور الذي حدثت فيه عملية الاغتيال، يقع على أراضيهم. ولكن هذا لا يبرئنا من تحمّل المسؤولية كذلك.

في هذه الأثناء، لفت انتباه عدد من المراقبين أن الهجوم حدث عشية زيارة وزير الخارجية التركي إلى موسكو. والاستنتاج بسيط ـ لقد حاول أعداؤنا بهذا العمل الإرهابي تخريب عملية المصالحة بين روسيا وتركيا. وفي واقع الأمر، حاول الأعداء إفشال تحقيق شيء أكبر من ذلك، وهو إنشاء «مثلث جيوسياسي» جديد في الشرق الأوسط.

ففي موسكو كان يُعتزم عقد لقاء ثلاثي مشترك بين روسيا، تركيا وإيران ـ اللاعبين الرئيسين في سورية، والمشاركين بشكل مباشر في العمليات القتالية ضد الإرهابيين. وباتت الحلول الغربية لـ«القضية السورية» تواجه مخاطر الفشل النهائي على ضوء نشأة «مركز قوة» جديد في الشرق الأوسط. والمعنيون بإيجاد خلاف جديد ما بين موسكو وأنقرة هم كثيرون، من الولايات المتحدة والسعودية وإلى «جبهة النصرة» و«داعش».

وإن الخيار الوحيد الذي لا أؤمن به أن اغتيال السفير كارلوف، كان انتقاماً لحلب.

ولعلّ القاتل كان يؤمن بالشعارات التي كان يردّدها فوق جثة السفير كارلوف بعدما أطلق النار عليه وقتله، ولكن من أرسل هذا القاتل إلى هناك أناس آخرون. إنهم أولئك الذين حسبوا جيداً العواقب الجيوسياسية لهذه الجريمة، ونحن نأمل أن يكونوا قد أخطأوا.

«فزغلياد»

كتبت صحيفة «فزغلياد» الروسية أن تركيا أدانت روسيا بشدّة قبل حين غير بعيد إزاء اقتحام حلب. بيد أن أنقرة تساند موسكو الآن بعد مقتل السفير الروسي.

وجاء في المقال: يوم الثلاثاء الماضي 20/12/2016، التقى في موسكو ستة وزراء من روسيا وإيران وتركيا. وأجرى وزراء خارجية ودفاع البلدان الثلاثة مفاوضات متوازية. وعقب ذلك، وفي معرض حديثه عن نتائج اللقاء، فاجأ وزير الدفاع التركي فكري عِشق الصحافيين بوصفه اقتحام حلب بأنه كان ناجحاً. وبدا هذا التصريح لمراقبين كثيرين غير عادي، لا سيما أن الموقف التركي بقي على مدى السنوات الخمس الأخيرة يدعم بثبات المجموعات المسلحة في سورية سياسياً وحتى عسكرياً وبشكل مباشر. لكن أنقرة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز الماضي غيّرت موقفها السياسي، وبدأت بالتعاون مع موسكو.

وبدا أنه إذا كان الهدف من عملية اغتيال السفير الروسي أندريه كارلوف هو تخريب العلاقات مرة أخرى بين أنقرة وموسكو، فإن هذا الفعل الشائن قد جاء بنتائج معاكسة، وأعرب وزير الدفاع التركي عن أمله في أن يقرّب التعاون في سورية أكثر بين البلدين.

وقد اتفق وزراء خارجية الدول الثلاث في نص بيانهم الختامي على الترحيب بـ«الجهود المشتركة في شرق حلب»، والتي أتاحت الفرصة لعمليات الإخلاء الطوعية للسكان المدنيين وخروج المعارضة المسلحة. كما اتفق وزراء الخارجية على إحياء العملية السياسية التي تهدف إلى إنهاء الحرب السورية. وأعربت البلدان الثلاثة عن الاحترام الكامل لسيادة الدولة السورية والالتزام بوحدة أراضيها. كما أعربت الأطراف الثلاثة عن الاستعداد لضمان التسوية السياسية في سورية.

روسيا، تركيا وإيران أكدت تصميمها المشترك على مكافحة تنظيمَي «داعش» و«جبهة النصرة» وعزل الجماعات «المعتدلة» عنهما، كما جاء على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي تلا البيان.

بدوره، رحّب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بنجاح خروج عشرات الألوف من سكان حلب الشرقية مشدّداً على الدور الهامّ الذي لعبته روسيا في هذه العملية.

سيمون باغداساروف، النائب السابق في مجلس النواب الروسي الدوما ، ومدير مركز دراسة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، أشار في حديث مع «فزغلياد» إلى أن موقفَي روسيا وتركيا في الواقع لم يتقاربا. ووصف حادثة اغتيال السفير الروسي في أنقرة بأنها طعنة أخرى في الظهر.

وأشار الخبير إلى أن هدف الأتراك السابق لم يطرأ عليه تغيير، وهو «إسقاط بشار الأسد» إذا استطاعوا ذلك، وإنشاء «شبه دولة في شمال ـ غرب سورية عاصمتها شرق حلب»، وكذلك الحؤول دون إنشاء كيان كردي في الشمال السوري.

أما في شأن تصريح وزير الدفاع التركي حول نجاح عملية حلب، فرآه الخبير فريداً، وذلك في حال النظر إلى حقيقة أن التشكيلات العسكرية الموالية لتركيا شاركت في الدفاع عن شرق حلب. وقال إن الأتراك هم بالذات من نظّم الهجوم المعاكس من جهة إدلب وحمص في محاولة لفكّ الحصار عن شرق حلب، كما قال باغداساروف، الذي فسر هذه التناقضات في الموقف التركي بما سمّاه نوعاً من الدبلوماسية الشرقية الصافية.

وعلى النقيض من باغداساروف، بدا المحلّلون السياسيون الأتراك أكثر تفاؤلاً. وأكّد دكتور العلوم التاريخية في جامعة اسطنبول محمد بيرينتشيك، مشيراً إلى تصريح عشق، أن هناك توافقاً الآن بين المصالح الروسية والتركية في سورية. وعلاوة على ذلك، ستعمل أنقرة على إصلاح العلاقة مع دمشق، وسترون، سيكون ذلك قريباً، كما توقع الخبير التركي.

وقال محمد بيرينتشيك إن الهدف الوحيد من عملية الاغتيال الدموية للسفير الروسي تعطيل التعاون الروسي ـ التركي في سورية، وإن الردّ الرئيس الآن على هذه المحاولة سيكون الشراكة الاستراتيجية بين بلدينا معرباً عن اعتقاده بأن الوزراء اتفقوا على التخلّص من النفوذ الأميركي في سورية، وأن هذا الأمر يثير اهتياجاً شديداً في الولايات المتحدة، لذا لا ينفي الخبير احتمال وقوف الدوائر الحاكمة هناك وراء عملية اغتيال السفير كارلوف.

في غضون ذلك، لم تخلُ المفاوضات، التي أجريت في موسكو بين وزراء خارجية الدول الثلاث، من وخزة دبلوماسية من الجانب التركي، حيث طالب مولود جاويش أوغلو نظيره الإيراني الذي كان يجلس إلى جانبه بـ«التوقف عن دعم حزب الله اللبناني في سورية»، على رغم أن الحزب كما هو معروف يقاتل إلى جانب دمشق وتموّله إيران، بل إن الوزير التركي ساوى بين حزب الله والتنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«جبهة النصرة».

وحول هذا الموضوع قال ياكوف كيدمي، المحلل السياسي والرئيس السابق لأحد أجهزة الاستخبارات «الإسرائيلية»، إن تصريح مولود جاويش أوغلو، يؤكد وجود تناقضات بين تركيا وإيران. وأن تركيا كدولة سنّية لا مصلحة لها بتوسّع التأثير الشيعي في سورية. وقال كيدمي إن حزب الله صرّح مراراً بأن وجوده في سورية موقت، وأن نشاطه الرئيس في لبنان، ونحن بالذات نقف ضدّ تعزيز حزب الله في لبنان، خصوصاً على مقربة من «حدودنا». كما قال الخبير «الإسرائيلي».

«واشنطن بوست»

نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية مقالاً أشارت فيه إلى أنّ حادثة اغتيال السفير الروسي لدى أنقرة ساهمت في بناء تحالف ثلاثي بين روسيا وإيران وتركيا، ما يُقصي الدور الأميركي في إنهاء الحرب في سورية ويضعف دور واشنطن في المنطقة، معتبرةً أنّ هذا ما يسعى اليه الرئيس الروسي فلادمير بوتين.

ولفتت الصحيفة إلى الاجتماع الثلاثي الذي أجري في موسكو بين وزراء خارجية ودفاع كلّ من روسيا وإيران وتركيا، مسلّطة الضوء على تصريحات وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو التي قال فيها إن كلّ المحاولات التي قامت بها الولايات المتحدة وحلفاؤها لتنسيق الخطوات كان مصيرها الفشل، وإن الولايات المتحدة وحلفاءها لا نفوذ حقيقياً لهم على الأرض في سورية.

وتابعت الصحيفة أنّ روسيا وتركيا يمكنهما استيعاب أهداف الآخر في سورية، وقالت إن كلّ من روسيا وإيران تسعيان إلى القضاء على أيّ بدائل عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بينما يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى منع الأكراد من السيطرة على المناطق الشمالية السورية القريبة من الحدود التركية.

وقالت الصحيفة إن الحفاظ على الدور الأميركي في المنطقة يتطلب مواجهة ما سمّته مناورات بوتين، ووقف استدارة أردوغان نحو الكرملين، مرجّحة أن يرحّب ترامب بالاستدارة هذه.

«تايمز»

اعتبرت صحيفة «تايمز» البريطانية، أن ثمة إشارات تفيد أن مولود الطنطاش، قاتل السفير الروسي لدى أنقرة أندريه كارلوف، على ارتباط بحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، الذي شارك بتأسيسه عام 2001 الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ومن شأن هذه المعطيات تسميم العلاقات مجدّداً بين أنقرة وموسكو، التي شهدت تقارباً في الآونة الأخيرة بعد التوتر الناجم عن إسقاط تركيا طائرة حربية روسية على الحدود بين سورية وتركيا في تشرين الثاني 2015.

وذكرت الصحيفة أن الشرطي القاتل الطنطاش 22 سنة ، ظهر في صور خلال حضوره فعاليات لحزب «العدالة والتنمية» في تركيا، ما يدحض رواية الحكومة التركية بأن القاتل ينتمي إلى جماعة المعارض التركي فتح الله غولن.

وعلى رغم أنّ الطنطاش يتحدّر من مقاطعة «أيدين» الساحلية التي تعتبر معقلاً لحزب «الشعب الجمهوري» المعارض لحكومة أردوغان، فإن العبارات التي تلفّظ بها أثناء إطلاقه النار على السفير تثير تساؤلات في شأن ميوله المتشدّدة.

وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور لشخص يشبه القاتل تجمعه بالرئيس التركي، مرفقة بتعليقات تشير إلى أنها التقطت خلال حفل تخرج دفعة من ضباط الشرطة، وتعليقات أخرى تؤكد أنه من جماعة أردوغان.

ونقلت صحيفة «تايمز» عن مسؤول أن المهاجم خرج في إجازة من 15 إلى 17 تموز الماضي، وهي الفترة التي نفّذ فيها أفراد من الجيش محاولة انقلاب فاشلة على حكم أردوغان، كما أنه عاش مع أشخاص ألقي القبض عليهم في إطار محاولة الانقلاب.

تجدر الإشارة إلى أن السلطات التركية اعتقلت سبعة أشخاص الليلة الماضية فيما يتصل باغتيال السفير الروسي في أنقرة، من بينهم أفراد عائلة القاتل.

«بوسطن غلوب»

أعرب وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن أسفه لفشل الاتفاق بين واشنطن وموسكو حول سورية، الأمر الذي عزاه إلى انقسامات داخل الإدارة الأميركية.

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها كيري لصحيفة «بوسطن غلوب»، التي ذكرت أن صِدامه مع وزير الدفاع آشتون كارتر داخل الإدارة، هو الذي حال دون تنفيذ الاتفاق في شأن إجراء عمليات عسكرية مشتركة بين روسيا والولايات المتحدة في سورية.

وقال كيري في هذا الخصوص، من دون أن يذكر اسم رئيس البنتاغون: للأسف، كانت ثمة انقسامات داخل صفوفنا، ما جعل تنفيذ ذلك الاتفاق أمراً في غاية العسر. مضيفاً أنه كان يؤمن بنجاح الاتفاق الذي تفاوض حوله شخصياً مع الجانب الروسي.

وتابع وزير الخارجية الأميركي: إن الأوان قد فات على ما يبدو، نظراً إلى ما وقع في حلب، لكن الحقيقة هي أننا توصلنا إلى اتفاق كانت روسيا ستمنحنا بموجبه، حظراً على تحليقاتها وتصرّفاتها في المنطقة، في حال قمنا بجهد مشترك.

وأضاف: الآن هناك أناس في حكومتنا يعارضون بشدّة هذه الفكرة. أنا آسف لذلك، أظنّ أنّ ذلك كان خطأ. وأظنّ أنّ الوضع كان سيختلف بصورة جذرية عما هو عليه الآن لو استطعنا فعل ذلك.

وفي أيلول الماضي، أسفرت المفاوضات التي أجراها وزيرا الخارجية، الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري، في جنيف، والتي استغرقت أكثر من خمس ساعات، عن توقيع اتفاق شامل بين موسكو وواشنطن يهدف إلى وقف الأعمال العدائية في سورية ووضع أسس لاستئناف العملية السياسية في البلاد.

وكان أحد بنود الاتفاق، نصّ على إقامة مركز روسي أميركي مشترك سيعمل ضمنه عسكريون وممثلو أجهزة الاستخبارات الروسية والأميركية على تنسيق العمليات العسكرية ضد الإرهابيين وفصلهم عن «المعارضين».

«إزفيستيا»

تناولت صحيفة «إزفيستيا» الروسية العملية الإرهابية التي نُفّذت في برلين مشيرة إلى اتهام الحكومة الألمانية بدعم الإسلامويين في سورية.

وجاء في المقال: تتعرّض المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل من جديد لانتقادات شديدة من جانب المعارضة بعد العملية الإرهابية التي نفذت في العاصمة برلين، وأودت بحياة 12 شخصاً وأدّت إلى إصابة العشرات. وتتّهم المعارضة ميركل ليس فقط بكون هذه العمليات هي من تنفيذ اللاجئين الذين طلبت مساعدتهم والتضامن معهم، بل بأنها تدعم الإسلامويين، ما أدّى إلى انتشارهم في أوروبا.

وقد اعترفت السلطات الألمانية بأن العملية التي نُفّذت مساء يوم 19 من الشهر الجاري، هي عملية إرهابية. وحفّزت هذه العملية المعارضة الألمانية إلى توجيه الانتقادات إلى سياسة ميركل. فقد أعلن عضو حزب «البديل لألمانيا» ماركوس بريتسيل أنّ ميركل تتحمّل مسؤولية هذه الضحايا. كما أطلق آخرون تصريحات مماثلة ولكن حدّتها كانت أخفّ.

يقول عضو لجنة الدفاع في البرلمان الألماني من حزب اليسار آلكسندر نوي إن العملية الإرهابية وقعت في برلين، وإن الإرهاب الإسلامي يعمل بنشاط في ألمانيا. ولكن من الصعوبة الحديث عن الذي نفّذ العملية الوحشية إلى حين التعرّف إلى شخصيته. فإذا تبيّن أنه من الإسلاميين الإرهابيين، فسوف تظهر أسئلة كثيرة توجّه إلى الحكومة الألمانية. لقد حذّرت مرّات عدّة حكومة ميركل من أن دعم حرب الولايات المتحدة في بلدان العالم الإسلامي، هو استفزاز للمسلحين، وأنه سيؤدّي إلى مشكلات في الأمن الداخلي. وأكثر من هذا، فإن ألمانيا مع دول أخرى تدعم المسلحين الذين يحاربون ضدّ قوات الحكومة السورية. مع أن دعم ما يسمّى بـ«المعارضة المعتدلة» يعني دعم المتطرّفين. وهؤلاء لا أصدقاء لهم، وهم يشنّون «حربهم المقدّسة» حتى ضدّ أنصارهم. لذلك على ألمانيا تغيير سياستها الخارجية بالسرعة الممكنة، والامتناع عن دعم المجموعات الإسلامية أبداً وأينما كانت.

ويضيف نوي أن السياسة التي تنتهجها ميركل في مجال الهجرة ودعمها التحالف الدولي بقيادة واشنطن في سورية، كانت موضع تساؤل من جانب معارضيها وأنصارها أيضاً. ومع ذلك أعلنت القوى السياسية كافة عملياً عن عدم وجود بديل لها في انتخابات عام 2017. والآن ظهر سؤال في شأن عدد المقاعد التي سيحصل عليها «الاتحاد الديمقراطي المسيحي»، إذ إن شعبية ميركل الحالية لا تمنح الأمل لمرشحين آخرين إلى منصب المستشار.

أما المحلّل السياسي آلكسندر رار فيقول إن العملية الإرهابية وجّهت ضربة قوية إلى ميركل، التي فتحت الحدود أمام 1.5 مليون لاجئ في السنة الماضية. وهذه هي المرّة الرابعة أو الخامسة التي ينفّذ فيها لاجئ عملية إرهابية في ألمانيا.

من جانبها، قالت مديرة المركز الأوروبي للدراسات الاستراتيجية والأمن في بروكسل يفغينيا غفوزديفا لـ«إزفيستيا» إنه لا يمكن اعتبار هذه العملية شكلاً جديداً للإرهاب، لأن مختلف البيانات وأشرطة الفيديو، التي نشرها «داعش» في الأشهر الأخيرة، تدعو بوضوح إلى استخدام الشاحنات والسيارات الكبيرة في تنفيذ العمليات الإرهابية، على غرار ما حصل في نيس الفرنسية.

«غارديان»

نشرت صحيفة «غارديان» البريطانية مقالاً للكاتب مايكل أكسورثي بعنوان «الآن وقت مناسب لإخبار السعودية بالحقائق الصادمة».

يتساءل الكاتب أوّلاً: هل تستفيد المملكة المتحدة فعلاً من العلاقات الحالية بالمملكة العربية السعودية في ظلّ الكشف مؤخراً عن أن بعض القنابل العنقودية التي باعتها بريطانيا للرياض تمّ استخدامها في اليمن؟

هذا السؤال حاول أكسورثي الإجابة عليه من عدّة مناحٍ مشيراً إلى أن الجميع يعلمون حجم الاستفادة التي تعود على لندن من العلاقات المميزة مع السعودية على مستوى عقود بيع الأسلحة وتصدير العمالة، لكنه حاول التطرّق إلى حجم الاستفادة البريطانية من هذه العلاقات في مجال التعاون الاستخباري في مواجهة الإرهاب.

يعتبر الكاتب أن هذه هي النقطة الساخنة بين البلدين، موضحاً أنّ هناك علاقة معروفة بين المملكة والعقيدة الوهابية التي أسّست عليها وبين الجماعات السلفية الإسلامية، وهو عامل ساهم في تفاقم ما سمّاه «الإرهاب الإسلامي».

ويقول أكسورثي إن هناك تضارباً لا يمكن قبوله بين عقيدة المملكة وحجم التوقّعات المطلوبة منها في مجال التعاون ضدّ الإرهاب.

ويدعو الكاتب الغرب إلى قول ما يؤمن به من مبادئ، مشيراً إلى أن المتطرّفين يقولون دوماً إن أجسادهم هي قذائفهم وصواريخهم، وهو ما يعتبره أكسورثي حقيقة لا مبالغة فيها، خصوصاً أنهم يؤمنون بهذا الأمر. محذّراً من أنه في حال لم يتمسّك الغرب بمبادئه وقيَمه ويتحدّث عنها بصراحة، فإنه سيخسر هذه المواجهة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى