حزب الله: «ارتياح» ملحوظ على الأصعدة كافة

روزانا رمّال

يخطو حزب الله كل يوم نحو الإيعاز ببدء مرحلة جديدة منذ لحظة انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وهو المرشح الذي تمسك به الحزب لأكثر من عشر سنوات. فهو كان مرشح حزب الله الأوحد منذ ما بعد حرب تموز عام 2006، لكنه لم يكن قادراً على فرضه كتوازن عام 2008 يأتي به رئيساً فالمعطيات الإقليمية في ذلك الوقت وحرب الشوارع الدامية في 7 ايار 2008 تكفّلت بهذا. كان من الافضل حينها أن تتوجه البلاد نحو انتخاب رئيس وسطي، هكذا ارتأت الموازين الإقليمية والمحلية حينها، بعد مؤتمر الدوحة، فعاد اللبنانيون مع خطة سلام وانتخبوا ميشال سليمان رئيساً.

البعض لا يزال يلوم حزب الله حتى الساعة على تلك اللحظة التي لم يتمسك فيها بمرشح بحجم العماد عون، مما كان قد جنب لبنان الكثير من الصدمات والكدمات، خصوصاً بعد الحرب السورية التي كشفت لحزب الله سوء حساباته المحلية وتحالفاته الانتخابية وربما خياراته الرئاسية.. لا بأس اليوم من مراجعة والتمسك بآمال عودة مرحلة ذهبية يرى فيها حزب الله رئيساً مؤيداً أو صديقاً للمقاومة كأدنى تقدير.

منذ ذلك الوقت وحزب الله منكفئ عن الحضور العام والمشاركة بمحطات استفزازية لا تقدّم أو تؤخّر في مرحلة متشنجة من تلك التي استشرفها الحزب على أنها استكمال لمخطط عام 2005 التي تمحورت حول استهدافه بعد اتهامات بتورط كوادره بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وهو مسار استكمل على مدار السنوات المتتالية.

أجاد حزب الله الابتعاد عن كلّ ما يثير الفتن في تصريحاته ومواقف ممثليه في الحكومة ومجلس النواب، وهو ما تؤكده اوساط مطلعة «للبناء» إذ توضح أن أي تصريح لنواب الحزب أو أحد ساسته وحتى إعلامييه المتفرغين في حزب الله كان يقع ضمن الامتثال الى قرار قيادي عام ينسحب على جميع المنتسبين إليه من دون استثناء، خصوصاً اؤلئك الذين يعملون بالشأن العام والمعرّضين لاستجواب إعلامي وصحافي بحكم أدوارهم. ويضيف المصدر «كانت بعض الحالات الاستثنائية تأخذ حزب الله نحو السماح لبعض الاذونات التي غالباً ما تأتي بتوقيع رئيس الهيئة التنفيذية السيد هاشم صفي الدين، وهو مرجعية مخولة بالقرار ودراسة الحالات وضرورتها، حتى ولو كان الأمر يتعلق برئيس كتلة الوفاء للمقاومة، فهو أيضاً يقع ضمن المنظومة نفسها، أيّ تحت قرار قيادي عام في التزام شامل بالقرار الذي يراه الحزب ضرورة في معرض دراسته للأجواء السياسية والأمنية المحلية والإقليمية. وتلفت المصادر «البناء» الى انّ حزب الله يبدو اليوم أكثر ارتياحاً وأبعد من حزب يرغب في البقاء في مرحلة ظهر أنه ودّعها الى غير رجعة. فالمرحلة التوافقية اليوم، حسب الاوساط، تجعل من حزب الله اقرب الى التعاون والانفتاح على الجميع، خصوصاً أن شبح الفتنة المذهبية السنية الشيعية في لبنان قد ولى بعد أن تسلم الرئيس سعد الحريري رئاسة مجلس الوزراء وهو الخصم اللدود لحزب الله في الوقت السابق. وهو ما يعني ان نشهد بالمرحلة المقبلة حضوراً تدريجياً لنواب ووزراء وفعاليات أوسع من حزب الله مع ارتياح أكبر في تعاطيهم مع الإعلام وربما زيادة الظهور. فالهاجس من سجالات واشتباكات لم تعد تشكل خطراً في حسابات الحزب، لأن الوقت تغيّر اليوم وعنوان العهد توافقي بامتياز. ويختم المصدر «البلاد مقبلة على انتخابات نيابية مفصلية، وهو ما يرتب على الأحزاب كلها الاستفادة من الجو التوافقي الاستثنائي».

حزب الله الذي لم يكترث في المرحلة الماضية للانتقاد الذي تمحور حول ابتعاد أفراده عن الإعلام وتفضيل عدم المشاركة بالحوارات والندوات التلفزيونية المباشرة يبدو اليوم أكثر مرونة في هذا الإطار. وهو الأمر الذي بدا واضحاً خلال مشاركة النائب عن حزب الله حسن فضل الله في حوار تلفزيوني في اليومين الماضيين، وقد تحدث خلاله عن مختلف القضايا السياسية المحلية والإقليمية أيضاً. وهو الأمر الذي يعتبر استثناء، فالعاملون في هذا المجال يدركون أنّ كلّ الحزبيين بين نواب ووزراء ملتزمون التزاماً كاملاً بقرار مقاطعة الحوارات والاكتفاء بخطابات السيد نصرالله كمواقف واضحة وبيانات حزب الله الرسمية ما خلا مشاركات في مناسبات اجتماعية، لا بدّ من إلقاء بعض الكلمات السياسية فيها.

الأهمّ من كلّ ذلك الارتياح الواضح الذي برز في استعداد الحزب وانفتاحه للتواصل مع الأفرقاء كافة، خصوصاً مع القوات اللبنانية، وهو الأمر الذي برز في حديث رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم أمين السيد عندما التقى الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي لمعايدته الأسبوع الماضي وإجابته على احد الاسئلة التي تمحورت حول امكانية ان يتواصل حزب الله مع القوات اللبنانية، ويحدث تقدّم بالعلاقة فأجاب «نحن منفتحون على الجميع والظروف الموجودة في لبنان حتماً ستفرض نوعاً من التواصل مع الكلّ».

أخيراً يتجوّل حزب الله ويوزع بركاته السياسية على الأفرقاء جميعاً، بينهم مَن عاش معهم مخاضاً صعباً نتيجة حسابات وتناقضات تتعلق بالأزمة السورية، فيزور وليد جنبلاط على رأس وفد رفيع من ثم زيارة مماثلة للقاء سليمان فرنجية».

حزب الله عراب المرحلة وارتياح ملحوظ…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى