قانون الانتخاب.. على قارعة الأسبوعين المقبلين

هتاف دهام

تراجعت فرص اقتراحات القوانين الانتخابية المختلطة، لتتقدّم إلى الواجهة صيغ عديدة. لا يميل التيار الوطني الحر إلى دمج النظامين الأكثري والنسبي معاً. باءت بالفشل محاولات التوفيق بين الاقتراح المقدّم من الرئيس نبيه بري والصيغة الثلاثية المقدّمة من تيار المستقبل وحزب القوات والحزب التقدمي الاشتراكي.

بدأ التداول بخيارات أخرى. تتمحور المفاوضات كلها في حدود ثلاث صيغ: 1- التأهيل في القضاء كمرحلة أولى وفق النظام الأكثري، ليتقدّم الفائزون نحو المحافظة على أساس النسبية. 2 – الناخب الواحد مع الصوت المتعدّد بمعنى أن ينتخب كلّ شخص عدداً محدّداً من المرشحين وفق آلية معينة. 3 – النسبية الكاملة مع دوائر تتجاوز المحافظات.

لا يستبعد المعنيون أن تطلّ في اللحظة الأخيرة أفكار جديدة على طاولة البحث. يدور نقاش تقني بين أصحاب الاختصاص بدرجة عالية من الجدية. لكن لغاية اللحظة لم يتضح أين سترسو قاعدة التوافق.

تعقد بصورة يومية اجتماعات بعيدة عن الأضواء بين القوى الأساسية المعنية بقانون الانتخاب التيار الوطني الحر، حزب الله، حركة أمل، الحزب التقدمي الاشتراكي، القوات اللبنانية، تيار المستقبل .

لم يدخل بعد إقرار قانون الانتخاب في الكوما. الأسبوعان المقبلان حاسمان للوصول إلى نتيجة قبل نهاية كانون الثاني الحالي. إذا تمّ الاتفاق على أيّ قانون يتضمّن الآلية النسبية، من الضروري إجراء تمديد تقني لأشهر تتراوح بين الثلاثة والستة. لكن إذا أنعشت الطبقة السياسية الستين، فإنّ الانتخابات النيابية ستجري في موعدها في أيار المقبل.

يبحث حزب الله قانون الانتخاب مع الفرقاء من زاوية التمسك بالنسبية الكاملة وعدم السماح بإعادة إنتاج نظام انتخابي جديد يطيح بالقوى الصغرى ويكرّس هيمنة الكتل الكبيرة. وهناك من يقول إنّ «الحزب» يتعاطى بإيجابية مع نقاش «التأهيل»، لكنه لن يسير به حرصاً على صحة وعدالة تمثيل حلفائه.

يرفض النائب وليد جنبلاط أشكال النسبية كلها، لا سيما أنّ الأفكار المطروحة كلها تتضمّن هذا النظام. يدخل رئيس التقدمي تاريخياً في أزمة أمام كلّ لحظة يُطرح فيها قانون الانتخاب. تفهّم السوريون في مرحلة ما بعد الطائف هواجسه بالقانون الانتخابي، فبقيت حركية القانون تداري مصلحة المختارة.

يحاول الـ «بك» اليوم أن يكرّس قانون الانتخاب على مقياس زعامته الضيقة بتوريث نجله تيمور، وحجم متنفّسه الديمغرافي، والتمثيل الضيق لطائفته في البلد، بغضّ النظر عن الانسجام العام لما يريده مع ما يريده الآخرون.

مشكلة كليمنصو أنها تريد إسقاط حساسية مصالحها وحساباتها على الآخرين كلهم، علماً أنّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أكد مراعاة مخاوف المكونات السياسية. وبعد إطلالة السيد، زار وفد من حزب الله المختارة وبحث الهواجس مع رئيس اللقاء الديمقراطي. كان الأخير مرتاحاً لجهة تأكيد المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل أنّ أيّ قانون جديد لن يجتث أيّ زعامة، وأنّ الخسائر ستساوي بين الجميع إذا أقرّ قانون انتخابي جديد.

المؤكد أنّ رئيس «التقدمي الاشتراكي» الأشدّ أرقاً من لفظ كلمة نسبية سيكون الأكثر سعادة إذا أجريت الانتخابات على أساس القانون النافذ. لكن ابتهاجه بالستين لن يدوم طويلاً في ظلّ الواقع الحالي المرهون بتحالفات الثنائي المسيحي «الزيتي والبرتقالي»، والمرتبط بقدرة الرئيس سعد الحريري على التجيير سنياً، وبالشعبية الجنبلاطية المتدنّية في إقليم الخروب في ظل صعود الجماعة الإسلامية.

يبدي تيار المستقبل إيجابية في النقاش. يتواصل مع الرئيس بري بشكل دائم، من دون أن يعني ذلك الوصول إلى نتائج. يلمح المقرّبون من الشيخ سعد إلى مشاكل انتخابية ستعترضهم في طرابلس في وجه الوزير السابق اللواء أشرف ريفي، وفي دائرة بيروت الأولى بعد «تفاهم معراب»، وفي زحلة إذا لم يتحالف التيار الأزرق مع الثنائي القواتي العوني، بضوء مستجدات التحالف الماروني والنائب نقولا فتوش والعلاقات الوطيدة التي تربط رئيسة الكتلة الشعبية مريم سكاف بحزب الله.

وإذا كان حزب الكتائب لا يزال خارج النقاش الانتخابي، فإنّ الموقف التقليدي لحزب القوات إدخال تعديلات على مشروع «الأستاذ» وطالما أنّ هذه الافكار لن يكتب لها النجاح، لم يبلور «الحكيم» بدائلها بعد إلى القوى الأخرى.

أكد المكتب السياسي لحزب الكتائب بعد اجتماعه أمس، أن «الحكومة تخلّت عن وعدها بوضع قانون جديد للانتخاب يضمن صحة التمثيل». ودعا مجلس النواب الى «توظيف العقد الاستثنائي بما يكفل إقرار قانون عصري للانتخابات وقمعِ كلّ مسبّبات التمديد».

وقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مرسوماً قضى بدعوة مجلس النواب الى عقد استثنائي يفتتح في 9 كانون الثاني الحالي، ويختتم في 20 آذار المقبل ضمناً. وحدّدت المادة الثانية من المرسوم برنامج أعمال العقد الاستثنائي بمشاريع او اقتراحات قوانين الانتخابات النيابية، مشاريع الموازنات العامة المحالة الى مجلس النواب والتي ستحال إليه، مشاريع القوانين المحالة الى مجلس النواب والتي ستحال اليه، سائر مشاريع القوانين والاقتراحات والنصوص، التي يقرّر مكتب المجلس طرحها على المجلس.

بناء عليه، يترأس رئيس المجلس اجتماع هيئة مكتب المجلس بعد غد الخميس. سيدعو وفق معلومات «البناء» إلى جلسة عامة قبل نهاية الشهر الحالي على جدول أعمالها اتفاقيات دولية ومشاريع واقتراحات مالية. لن يشكل قانون الانتخاب عائقاً أمام التئامها إذا لم يتمّ التوافق عليه.

و… ربما لن يطرق مشروع قانون الانتخاب الجديد أبواب القاعة العامة لمجلس النواب في العقد الاستثنائي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى