الطريق إلى دمشق…

معن حمية

حين يحدّد رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون موعداً لزيارة سورية، لن يكون لجوقة الاعتراض أيّ صدى. فمَن كان منها يخشى لومة لائم سعودي أو قطري، صار متحرّراً من هذا العبءء الثقيل، بعدما سجّل الرئيس عون أولى زياراته الخارجية إلى المملكة العربية السعودية. ومَن كان ولا يزال يقف مع ما يسمّى «ثورة الحرية» في سورية، لن يتجرأ على رفع وتيرة الاعتراض، طالما أنّ مستقبل «ثورته» صار حكماً في خبر كان.

العارفون في علم السياسة والعلاقات بين الدول، يدركون أنّ طريق بيروت ـ دمشق باتت سالكة أمام الرسميين، وأنّ إعادة ترميم العلاقة الرسمية بين لبنان والشام، أمر لا بدّ منه، إن لم يكن بصورة استباقية، فتوازياً مع قيام العديد من الدول بتطبيع علاقاتها مع دمشق.

الصورة بدأت تقترب أكثر فأكثر إلى الوضوح، ولا يختلف اثنان على أنّ صمود سورية على مدى السنوات الست الماضية في مواجهة الحرب الإرهابية الكونية، وما حققه الجيش السوري وحلفاؤه مؤخراً من إنجازات وانتصارات، خصوصاً في مدينة حلب، يشكلان قاعدة صلبة للتأكيد والجزم بأنّ الدولة السورية لم تعد في أيّ دائرة من دوائر الخطر، وتتجه إلى إنهاء آثار تداعيات الحرب عليها، من خلال تثبيت نهجها المعلن والقائم على الحوار السياسي مع مَن يلقي السلاح، ومواصلة العمليات العسكرية للقضاء على الكائنات الإرهابية. وهذا النهج أوضحه الرئيس د. بشار الأسد في حديثه أمس الى عدد من وسائل الإعلام الفرنسية.

في الصورة أيضاً، أنّ هناك دولاً عدة رعت الإرهاب وموّلته وسلّحته، وسهّلت للإرهابيين سبل التحرك والانتقال، بدأت تنفض يدها من بعض مكوناته، فهذه تركيا، التي تكتوي بنار الإرهاب، كانت حتى الأمس القريب تتبادل السيطرة مع تنظيم «داعش» على بعض المناطق السورية، طبقاً لما تقتضيه مصلحتهما الواحدة، كما حصل في جرابلس ودابق، أما اليوم فنراها تخوض مواجهات ضدّ «داعش» في محيط مدينة الباب السورية، فتقتل ويُقتل لها جنود.

تركيا التي لا تزال تستثمر في الإرهاب وترعى العديد من المجموعات الإرهابية، تختلف جزئياً اليوم، عن تركيا التي كانت ترعى الإرهاب بكليته، فهي رغم أطماعها وعدوانيتها وخبثها، إلا أنها مجبرة على تسجيل انعطافة ما في الشأن السوري، وزيارة رئيس الحكومة التركية الى بغداد تؤشر إلى تغيّرات طرأت على الموقف التركي.

وفي الصورة أيضاً، أنّ السعودية التي تخوض حرباً ضدّ اليمن، لم تحقق أهدافها من هذه الحرب، وهي صارت مربكة سياسياً ومنهكة في اقتصادها، كما لم يعد لديها قدرة التأثير نفسه في الحرب على سورية، لذلك فإنّ بدعة «الناي بالنفس» عن الأزمات العربية التي اخترعها لبنان، سقطت ولم يعُد لها أيّ مبرّر بعد زيارة الرئيس عون إلى السعودية.

ما هو لافت، أنه في ظلّ تشغيل «أنتينات» بعض أعضاء «جوقة الاعتراض» لالتقاط حجم الضرر الذي أصابه من جراء قرارات الحكومة بشأن الثروة النفطية، فإنّ البعض الآخر لجأ إلى تشغيل «الأنتينات» والتقط إشارات ما بعد زيارة الرئيس عون إلى السعودية وقطر، فأعلن «رفع الحظر» عن زيارة إيران، في حين أنّ الطريق المقبلة إلى دمشق.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى