زاخاروفا: مفاوضات أستانة ستجري 23 كانون الثاني.. وقرارات جنونيّة لواشنطن

أكّدت ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، تحديد 23 كانون الثاني الحالي، موعداً لمفاوضات أستانة حول التسوية بسورية.

وتابعت خلال مؤتمر صحافي عقدته أمس، أنّه لم يطرح أحد موعداً بديلاً لهذه المفاوضات حتى الآن، مضيفةً أنّ موسكو تنطلق من أنّ اللقاء، الذي من المتوقّع أن تشارك فيه الحكومة السورية والمعارضة المسلّحة، سيُعقد في 23 كانون الثاني.

وأضافت: «نأمل في أن يصبح اللقاء في أستانة مَعْلَما جديداً على الطريق إلى السلام، بالإضافة إلى إعطاء دفعة قويّة للعمل البنّاء من قِبل كافة الأطراف لاستئناف العملية السياسية في جنيف، 8 شباط المقبل تحت رعاية الأمم المتحدة، وعلى أساس القرار الدولي رقم 2254». ودعت الدبلوماسيّة الروسية جميع الشركاء الدوليّين إلى المساهمة في إنجاح هذه الجهود.

ووصفت زاخاروفا الجهود لإنشاء آليّة للمفاوضات بين طرفَي النزاع في سورية، بأنّها دقيقة للغاية. وقالت إنّه لا تتوفّر حتى الآن أيّة معلومات نهائيّة حول تشكيلة الوفود التي ستشارك في المفاوضات. وأضافت: «الشيء الأهم هو تبلور ملامح جديدة للحركة المحتملة إلى الأمام، ليس نظرياً بل علمياً».

وأعادت إلى الأذهان أنّ روسيا وإيران وتركيا تلعب دور الضامن لتطبيق اتفاقيّة الهدنة التي وقّعت عليها الحكومة السورية وممثّلو المعارضة المسلّحة.

وأكّدت أنّ موسكو تعمل على مسارات عدّة لدعم التسوية السوريّة، بما في ذلك اتصالاتها الوثيقة مع تركيا وإيران في مختلف الصِّيغ متعدّدة الأطراف والثنائيّة، وكذلك في الأمم المتحدة. وأكّدت أيضاً مواصلة الاتصالات بهذا الشأن مع دول المنطقة، واصفةً الاتصالات بأنّها نشيطة جداً.

وفي الوقت نفسه، نفت الناطقة بِاسم وزارة الخارجية الروسية علمها بلقاء محتمل للمعارضة السورية بموسكو يومي 26 و27 كانون الثاني، في إطار جهود التنسيق قبل استئناف المفاوضات بجنيف.

وأكّدت الدبلوماسية الروسية تحسّن الوضع في سورية بعد دخول الهدنة حيّز التنفيذ، 30 كانون الأول الماضي، مشيرةً إلى تراجع عدد الخروقات للهدنة.

وتابعت قائلة: «وقف إطلاق النار في سورية قائم في كامل أراضي البلاد، بما في ذلك في الجنوب حيث تنشط التشكيلات المسلّحة التي لم تشارك أغلبيّتها في المفاوضات في أنقرة في كانون الأول العام 2016 حول إحلال الهدنة ».

وتساءلت قائلةً: «هل سيواصل شركاؤنا وصف هؤلاء الإرهابيّين بأنّهم معتدلون؟ عندما نتحدّث عن الإرهاب، يدور الحديث ليس عن التفجيرات والانتحاريّين فحسب، بل وعن الإضرار المتعمَّد بمنشآت البُنية التحتيّة المدنيّة».

وكانت زاخاروفا وصفت قرار إدارة باراك أوباما الشروع في توريد مضادّات جويّة للمسلّحين في سورية بأنّه قرار جنوني يأتي في إطار «إيديولوجية الانتقام».

وقالت زاخارفا إنّها انتبهت إلى تصريحات مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، سامانثا باور في لقاء مع قناة «العربيّة»، إذ قالت هذه الدبلوماسية الأميركية في تلك المقابلة إنّ «العالم خسر سورية».

وردّاً على هذه التصريحات، شدّدت زاخاروفا على أنّ من خسر سورية هي الولايات المتحدة وليس العالم. ووصفت نتائج عمل الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها، بأنّها «إخفاق تام»، معيدةً إلى الأذهان الوضع الذي وصلت إليه أفغانستان والعراق، وكذلك ليبيا ودول أخرى جرّاء أحداث فيهم.

وفي السّياق، التقى نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، السفير السوري لدى موسكو، رياض حداد، وبحث الجانبان تسوية الأزمة السوريّة مع التركيز على التحضير لمفاوضات أستانة.

وذكر بيان صدر عن وزارة الخارجية الروسية، أمس، أنّ الجانبين تبادلا الآراء حول الوضع في سورية، مع التركيز على مجموعة المواضيع المتعلّقة بتسوية سياسيّة للأزمة في هذا البلد. وأضاف البيان أنّ اهتماماً خاصّاً أوليَ لإعداد مفاوضات أستانة حول سورية، المقرّر إجراؤها في 23 كانون الثاني الحالي، إضافةً إلى مسألة تيسير المفاوضات السورية السورية الشاملة في جنيف، بموجب القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.

وفي سياقٍ متّصل آخر، أكّد المبعوث الدولي الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، أمس، أنّ الأمم المتحدة مستعدّة لدعم اجتماع أستانة والإسهام في نجاحه».

وأوضح دي ميستورا في مؤتمر صحافي، أنّ المنظّمة تسعى إلى «استخدام نتائج مفاوضات أستانة كخطوة نحو الأمام في التحضير لاجتماع جنيف». وأضاف المبعوث الخاص: «أعلم أنّنا تلقّينا تأكيداً بأنّ الأمم المتحدة ستتم دعوتها للمشاركة في المفاوضات ، وهي ستدعمها بنشاط».

وشدّد دي ميستورا على أنّ روسيا وتركيا «تتقدّمان بالاتجاه الصحيح» في جهودهما الثنائية الخاصة بتسوية الأزمة السورية، بما في ذلك إجراء المفاوضات بين أطراف النزاع في العاصمة الكازاخيّة.

وقال دي ميستورا، إنّ التركيز في اجتماع أستانة سيكون على وقف إطلاق النار وطرح أفكار سياسيّة، مبيّناً أنّ المفاوضات ستشمل قضايا التعزيز اللاحق لنظام وقف الأعمال القتالية في سورية وتوسيع نطاقه.

وأعلن دي ميستورا أنّه من المقرّر عقد اجتماعين في أنقرة وموسكو على أمل تسوية أزمة المياه في دمشق، وعبّر عن خشيته من «تصعيد عسكري».

وأشار المبعوث الدولي إلى سورية إلى أنّ «اجتماعين يُعقدان في أنقرة، وعلى الأرجح الآن في موسكو، لمناقشة هذا الجانب، لسببين: أولاً لأنّ تزويد دمشق بالمياه أمر أساسي، وكذلك لأنّه إذا حدث تصعيد فقد يكون لذلك تأثير على المباحثات في أستانة»، مضيفاً أنّ 5 قرى في منطقة وادي بردى وافقت على وقف إطلاق النار، باستثناء قريتين حيث يقع النبع، لم تتوصّلا إلى اتّفاق حاليّاً.

وأوضح دي ميستورا أنّ مهندسين سوريّين يساعدهم فنيّون من الأمم المتحدة مستعدّون حالياً للتدخّل، لكنّهم يحتاجون إلى «حدّ أدنى من الأمن». مؤكّداً أنّ هؤلاء حاولوا مرّتين التوجّه إلى المكان، ولكن أوقفتهم الفصائل المسلّحة.

على الصعيد ذاته، أكّد ممثّلون عن الأكراد السوريّين أنّ عدم دعوتِهم إلى مؤتمر أستانة كان بسبب ضغوط تركية، مؤكّدين أنّ بحث سُبُل التوصّل إلى حلّ للأزمة السورية يتطلّب مشاركتهم بشكلٍ كامل.

من جهةٍ أخرى، أكّد وزير الخارجية المصري سامح شكري أنّ مصر لن تنخرط في أيّ صراع عسكري في سورية، مشدّداً على أنّه لا سبيل لإنهاء الأزمة السورية إلّا عبر المسار السياسي.

وقال شكري في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية: «لا بُدّ أن يقرّ المجتمع الدولي بأنّ الصراع العسكري ليس السبيل لحلّ الأزمة في سورية، ولن ينتهي هذا الصراع في ظلّ وجود تنظيمات إرهابية استطاعت النّفاذ إلى الساحة السورية، وستظلّ تعمل على زعزعة استقرار سورية، إذا لم تكن هناك مصداقية في جهود المجتمع الدولي المبذولة للقضاء عليها بشكل كامل».

وكان القائم بأعمال السفارة المصرية في دمشق، محمد ثروت، قال في 25 كانون الأول الماضي، إنّ مصر وسورية تتبادلان المعلومات الأمنيّة في ما يخصّ عودة مواطنين مصريّين متواجدين في سورية إلى بلادهم.

ميدانيّاً، يسود الهدوء الحذر منطقة وادي بردى، وسط أجواء من الترقّب، غداة الإعلان عن التوصّل إلى اتفاق مبدئيّ بين السلطات السورية والمسلّحين، ينصّ على تسوية أوضاع المسلّحين وخروج المسلّحين الغرباء إلى ريف إدلب، ودخول وحدات الجيش السوري إلى منطقة نبع بردى وعين الفيجة لتنظيفها من الألغام والسماح بدخول ورشات الصيانة إلى مقرّ نبع المياه لإصلاح المضخّات التي يتمّ عبرها تزويد العاصمة السوريّة دمشق بالمياه، ومع أنّ مصادر المعارضة نفت وجود مثل هذا الاتفاق، إلّا أنّ محافظ ريف دمشق علاء إبراهيم تحدّث عن مُهلة أُعطيت للمسلّحين للردّ على مقترحات الجانب الرسمي للتسوية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى