2017 عام فلسطين

بلال رفعت شرارة

تستحقّ القدس أن ترنّ أجراس كنيسة الميلاد فيها وأن يخفق صوت مؤذن المسجد الأقصى مرحّباً بعملية الدهس للجنود الصهاينة والتي نفّذها فتى مقدسي فادي أبو حمدان القنبر حيث اقتحم بشاحنته تجمّعاً لجنود العدو.

يستحقّ المطران هيلاريون كبوجي وداعاً على هذا الشكل العاصف، ونحن نستحقّ المقاومة، لأنها نتيجة طبيعية لفكرة ومشروع «إسرائيل»، وليس لأنها سلطة احتلالٍ فحسب.

فهي تستحقّ مقاومتها لأنها اغتُصبت واحتُلّت وأوقعت النكبة وشرّدت وحوّلت الوطن المحتلّ سجناً كبيراً. تستحق مقاومتها، لأنها تواصل حصار غزة وتمنع إعادة إعمار منازلها التي حوّلتها كرة النار «الإسرائيلية» إلى ركام أو غيرِ صالحة للسكن.

وتستحقّ المقاومة، لأنها أقامت جدار الفصل العنصري وجرفت الأراضي واقتلعت المزروعات ونسفت المنازل.

وتستحقّ المقاومة، لأنها تمنع عن شعبنا حق الحياة وكلّ حقوق الإنسان، ولأنّ «إسرائيل» وتحت ذرائع وحجج ما أنزل الله بها من سلطان، صادرت عشرات آلاف الدونمات ونشرت المستوطنات. وهي اليوم تضرب عُرض الحائط بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 ضدّ الاستيطان وتتجاهل ما لا يُعدّ ولا يُحصى من القرارات الدولية.

ومشروع «إسرائيل» يستحقّ المقاومة، لأنه في الواقع عنوان المجزرة وقتل الأطفال وحرق الشبان، و«إسرائيل» كما وصفها الإمام الصدر الشرّ المطلق الذي يمثل أعلى درجات إرهاب الدولة، بل لأنها دولة الإرهاب وهي عنوان كلّ مقتلةٍ من دير ياسين إلى بحر البقر وقانا والفاكهاني وكلّ أمكنة فلسطين ولبنان والجوار العربي.

ولأنها تمثل خطراً على الإنسانية وعلى عروبة فلسطين وعاصمتها القدس، وعلى طابعها الإسلامي المسيحي العربي.

تستحق «إسرائيل» أن يزحف فادي أبو حمدان القنبر من جبل المكبر الى ميادين القدس وأن يدهس بشاحنته الجنود الصهاينة ويقتل ويجرح. فهو كلّ يوم شأنه شأن خليل أبو علبة الذي تحمّل لسنوات تناوب جنود الاحتلال في محطة للمغادرة أو للقدوم.

وكان كلّ يوم يفكر بعملية كاملة يستخدم فيها المبادرة والمفاجأة، الصدمة والتصميم بدل النار، وهو في لحظة مثالية اختار المكان والزمان وقام من دون أوامر بعمليته. فقط اتكل على الله واقتحم المكان على جنود العدو بعد أن أصاب منهم مقتلة وهو صدرت بحقه أحكام لمدة 813 عاماً ! قضى منها إلى الآن عشر سنوات، أما فادي أبو حمدان القنبر الذي لم يمكّنهم من أسره، فأطلقوا عليه النار وأردوه.

الآن ردّة الفعل «الإسرائيلية» هي كالعادة إنزال العقاب الجماعي بالفلسطينيين: موجة اعتقالات، تصعيد الإرهاب، الرسمي والاستيطان، ولكن العدو سوف لا يحقق شيئاً، وكذلك قرارات الكونغرس الأميركي الجديد وضمناً إعادة تأييد الاستيطان الإسرائيلي واعتبار القدس عاصمة «إسرائيل» الأبدية٠

الآن، ذلك سوف ينتج المزيد من المقاومة على مساحة الداخل الفلسطيني، وسوف ينقل المعركة الدبلوماسية ليس الى أروقة الأمم المتحدة في نيويورك فحسب، ولا إلى مؤتمر باريس، بل إلى العاصمة الأميركية واشنطن وقد حانت لحظة الحقيقة٠

هذا العام 2017 سيكون عام فلسطين، ولو كره الكافرون. وإنّ غداً لناظره قريب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى