فايز فرج اغترب إلى البرازيل لتحسين أوضاعه… وأبناؤه وصلوا إلى مراكز سياسيّة مرموقة

شبلي أبو عاصي

الهجرة اللبنانية إلى بلاد الاغتراب تعود إلى أكثر من مئة وخمسين سنة، وهي تدغدغ أحلام اللبنانيين ومشاعرهم، ليهاجروا إلى بلاد أكثر أمناً واستقراراً وإنتاجاً من بلادنا، بسبب الظروف المعيشية القاسية، والفوضى والاستزلام، إضافة إلى العدوان الصهيوني المتكرّر، والصراعات الدامية.

من هؤلاء المغتربين، ومنذ أكثر من خمسين سنة، قرّر فايز نعمان فرج صاحب الابتسامة التي لا تفارق محيّاه، ورجل المواقف القومية والوطنية الجريئة التي كان يتحلّى بها، قرّر أن يودّع رفاقه وأصدقاءه من أبناء بلدة عين عطا في قضاء راشيا، تاركاً هذه البلاد الذي عشقها وأحبّها وانتمى فيها إلى النهضة القومية الاجتماعية من أجل عزّتها ورفعة شأنها.

المغترِب فايز فرج، الذي كان يحلم بظروف معيشية أفضل، حمل حقائبه ومخر عباب البحار إلى أن وصل إلى أرض الخير والجمال البرازيل. هذا الرجل الذي عاندته الأقدار وظروف الحياة الصعبة في وطنه، ظنّ أنه في بلاد الاغتراب سيكون أفق الحياة أكثر اتّساعاً أمامه، وأنّ ظروفه المعيشية ستتحسّن إلى الأفضل، ليستطيع أن يعيل أسرته بعزّة وكرامة.

وفي البرازيل، ورغم الوجع والألم ومعاكسة عجلة الحياة له، ظلّ فايز فرج مصمّماً على تعليم أبنائه الذين تخرّجوا من الجامعات وتفوّقوا في مجالات أعمالهم، منهم من شقّ طريقه للعمل الاجتماعي، ومنهم من قصد الحقل السياسي، ومنهم من وجد نفسه التجارة العامة.

من بين أبنائه، ساندرا فايز فرج، التي فازت في الانتخابات النيابية البرازيلية عن ولاية برازيليا، ويومذاك، كانت المنافسة قوية وشاقة، إذ فازت من ضمن المرشّحين والمرشّحات المئة بتفوّق، وكان شعار حملتها الانتخابية: «نظرة واحدة إلى المستقبل تجعل من للماضي معنى كبيراً». وساندرا هي من مواليد عام 1979.

أمّا نجله الثاني فادي فايز فرج، فهو من مواليد عين عطا عام 1970، انتُخب نائباً ثانياً لحاكم ولاية برازيليا، وهو من الناشطين في مجال العمل الاجتماعي والحقل العام.

المربّي فايز شريف ريدان أحد أحفاد المرحوم فايز فرج قال: «لقد ترك جدّي هذه البلاد في منتصف الستينات في القرن الماضي ساعياً إلى العمل من أجل إعالة عائلته المؤلفة من: بسام، نعمان، يوسف، خالد، سمير، سامية، ساندرا وفادي.

وتابع ريدان: كبُرت العائلة في المهجر، وازدادت ظروف الحياة قساوة وتعقيداً، وتراكمت المسؤولية على جدي، حيث لم يحالفه الحظ في مراحل عدّة. ولكنه رغم ظل اهتمامه بأولاده، صمّم على تعليمهم، فمنهم من تعاطى التجارة ونجح فيها، ومنهم من فاز في الانتخابات النيابية ساندرا ، ومنهم من فاز نائباً لحاكم ولاية برازيليا فادي .

وتابع المربّي ريدان: النائب ساندرا لا تزال تعمل بنشاط في مجال الأسرة وتوحيدها. وفادي وساندرا رفعا اسم لبنان عالياً في البرازيل مثل الشخصيات الاغترابية الناجحة كلّها، وبفضلهم أعطي للبنان مجده الاغترابي وسمعته الجيدة.

وختم: ما نتمناه، أن يزوروا لبنان ويتعرّفوا إلى الأقارب والأهل، ونأمل من الجهات الرسمية الاهتمام بهذه الطاقات الاغترابية.

أما نايف القاضي، وهو أحد أقارب العائلة فقال: نتوجّه بالتحية إلى ساندرا وفادي على فوزهما، ونتمنّى عليهما زيارة عين عطا، آملاً ألا يطول الغياب في بلاد الاغتراب، فالوطن بحاجة إلى مثل هذه الطاقات الهامّة.

المغترب حمود عبد الحقّ، والمعروف بعلاقاته الاجتماعية والإنسانية مع كلّ من عُرف في البرازيل والوطن، تحدّث عبر الهاتف فقال: نتمنّى العودة إلى ربوع لبنان لنرى الأحبة والأهل، البرازيل بلاد جميلة فيها كلّ الخير، ولكننا لا نستطيع نسيان بلادنا، وعين عطا التي عشنا طفولتنا فيها مع أعزّ الأحبة والأصدقاء.

أحد أبناء عين عطا لفت نظر وزير الخارجية جبران باسيل الذي نكنّ له الاحترام، إلى أنّ عين عطا أعطت رجالاً كباراً على صعيد الجالية، خصوصاً في البرازيل، وقد وصلوا إلى مسؤوليات عالية في الدولة والحقل العام، ونذكر منهم فقط للتذكير وعلى سبيل المثال في البرازيل: فرناندو الحداد وزير التربية والتعليم العالي في البرازيل سابقاً، رئيس بلدية سان باولو، والمغترب الكبير أبو حسن محمد خضر، وساندرا فايز فرج نائب في مجلس النواب البرازيلي، وفادي فايز فرج النائب الثاني لحاكم ولاية برازيليا، والدكتور نديم هايل القاضي، إضافة إلى عدد من رجال الأعمال والشخصيات العطوانية الهامة الذين لهم دور فاعل في البرازيل، ورجال الأعمال الكبار من عين عطا في أستراليا والولايات المتحدة الأميركية والخليج العربي.

عين عطا البلدة الواقعة عند سفح جبل الشيخ حيث التاريخ يعانق الماضي والحاضر، عين عطا التي أعطت رجالاً على مرّ الزمن وفي مختلف المجالات هم كالشجرة الطيّبة مخزن الودائع ومنبع الصنائع، هم كالسنبلة التي تعطي لتملأ الأرض خيراً وغلالاً. ومغتربوها، هم وجه لبنان الثقافي والحضاري، هم وأمثالهم في البرازيل وأميركا وأستراليا وكندا والخليج العربي ودول أخرى رفعوا اسم لبنان شامخين شموخ جبل حرمون وجبل صنين، في العِلم أوائل وفي الطبّ والتجارة والهندسة والاقتصاد والسياسة روّاد. هذا هو اللبنانيّ ابن هذه الأرض الطيّبة الخيّرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى