… وصور تكرّمه

محمد أبو سالم

برعاية راعي أبرشية صور وتوابعها للروم الملكيين الكاثوليك المتروبوليت ميخائيل أبرص، أقامت مطرانية صور للروم الملكيين الكاثوليك احتفالاً تكريمياً حاشداً للمطران الراحل هيلاريون كبوجي، تحت عنوان «المثلث الرحمات المطران هيلاريون كبوجي»، وذلك في قاعة كاتدرائية القديس توما الرسول في مدينة صور، بحضور عضو كتلة التنمية والتحرير النائب عبد المجيد صالح، محمد صفيّ الدين ممثّلاً الحزب السوري القومي الاجتماعي، رئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق، إضافة إلى عدد من العلماء من مختلف الطوائف الدينية. كما حضر أبو أحمد زيداني ممثّلاً حركة فنح اللواء، وممثلو الفصائل الفلسطينية، وعدد من الفاعليات والشخصيات والمدعوّين.

بعد النشيد الوطني اللبناني، ألقى النائب صالح كلمة رأى فيها أن رحيل كبوجي خسارة كبيرة للأمة ولفلسطين بعد حياة طويلة قضاها في خدمة القضية الفلسطينية، وهو الذي كرّس حياته من أجل تحرير مدينة القدس، وكان مثالاً لرجل الدين المقاوم الذي جسّد البعد الوطني القومي الديني لمعنى المقاومة الفلسطينية، وهو أحد أهمّ رموز النضال والمقاومة ضدّ العدو الصهيوني.

واعتبر صالح أنّ المطران كبوجي هو عنوان الوحدة والمقاومة والتضحية والعطاء، والتعبير الأساس والمهم الذي يمكن أن نطلقه اليوم عليه هو مطران المقاومة وشيخها، ليس فقط على مساحة معينة، إنما على مساحة العالم العربي، لأنه كان يؤمن بالوحدة الوطنية وبوحدة الموقف، وإذا كنا أوفياء له، فإن علينا بداية أن نترجم هذا الوفاء على المستوى الفلسطيني من خلال وحدة الموقف الفلسطيني في وجه العدوان «الإسرائيلي» الذي لا يفهم لغة الحوار، ولا يلتزم بالمواثيق الدولية أو قرارات الأمم المتحدة ومجلس الامن، ولا يخشى ولا يخاف إلا من المقاومة.

ثمّ ألقى الشيخ مراد كلمة قال فيها إننا نستطيع أن نعتبر أن المطران كبوجي كما كان قلبه على المقاومة الفلسطينية كان قلبه على المقاومة في لبنان، وكما كان شريكاً في دعم المقاومة الفلسطينية، حاول من موقعه وعلى رغم الحصار المضروب عليه، أن يدعم المقاومة في لبنان بما أوتي من قوّة.

وألقى عضو بلدية صور المهندس علي شرف الدين كلمة بِاسم البلدية أكد فيها أن المطران كبوجي كان نموذجاً ومثالاً يجسّد عمق الانتماء الشعوب العربية وإيمانهم، على اختلاف انتماءاتهم الدينية والجغرافية، وانتمائهم للقضية الفلسطينية، والنضال العالي والمشرف الذي يسعى إلى دحر الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. مشيراً إلى أن المطران الراحل كبوجي كان واحداً من رجال الدين الكنسيين الذي جسّدوا إيمانهم نضالاً وكفاحاً من أجل نصرة الشعوب المقهورة، ودفع الظلم والاضطهاد الذي لحق بالشعب الفلسطيني، وما زالت المعاناة مستمرّة تحت وطأة الاحتلال.

بدوره، ألقى أبرص كلمة أكد فيها أن المطران كبوجي دافع عن الحقوق الفلسطينية المعتدى عليها منذ عام 1948، من دون أن يكترث لا لعقوبة السجن ولا لألم المنفى الظالم. وناضل من أجل الحقّ والعدل بالفكر والقول والفعل معاً، فجسّد إيمانه بأعماله، وعارض التفرقة العنصرية على أسس الدين والعرق والقومية. وكانت حياته مليئة بمواقف وتضحيات مؤيدة للسلام، ومناصرة للمقاومة ضدّ الاحتلال بغية استعادة الأرض المحتلة، بصرف النظر عن ديانة المنتسبين إلى المقاومة من أجل تحريرها، وكان يعتبر المسلمين والمسيحيين عرباً بالدرجة الأولى، لهم قضية إنسانية رئيسة مشتركة واحدة، ألا وهي القضية الفلسطينية العادلة التي لا تنحصر بأبناء فلسطين، ولا تقتصر على المسلمين، ولا تعني القيادات غير الروحية، ولا تتعلق بجنسية محدّدة.

وأضاف المتروبوليت أبرص: انتقل المطران كبوجي من منفاه في روما إلى العراق عام 1990 رسولاً متوسطاً لإطلاق سراح إيطاليين ممنوعين من مغادرة البلاد بعد احتلال الكويت، وكذلك سافر عام 2000 على رأس وفد من رجال الدين والمثقفين إلى العراق رسولاً متضامناً معه، ورافضاً العقوبات الدولية المفروضة عليه، وكان رسول الحملات والنشاطات حول العالم التي لا تعدّ ولا تحصى لدعم القضية الفلسطينية وإثبات عدالتها، وأيضاً لرفع الحصار عن قطاع غزة، فأبحر عام 2009 ضمن «أسطول الحرية» لإغاثة أهالي غزة المحاصرين، وكرر الأمر عام 2010 من دون أن تثنيه أيّ عقبات، لا العمر ولا التعب ولا الخوف من الموت.

ورأى المتروبوليت أبرص أن التاريخ لن ينسى أن يدوّن اسم هذا البطل، ألا وهو المطران الرومي الملكي الكاثوليكي الفدائي المناضل الثائر، المحقّ العادل، المؤثر في ضمير الشعوب، الذي كرّس حياته من أجل العدالة والعدل، لذا فقد كرّمته السودان ومصر وليبيا والعراق وسورية والكويت بطابع بريدي يحمل صورته، وحزنت لموته سورية وإيطاليا ولبنان وفلسطين وتونس والدول العربية.

وختم أبرص: لقد رقد المطران كبوجي على رجاء القيامة في لبنان، وقلبه على سورية حيث الولادة، وعينه على فلسطين القضية، حيث سار على درب التضحية والصلب، ورجاؤه المكافأة الإلهية السماوية.

وتخللت الاحتفال كلمات لبعض ممثلي الفصائل الفلسطينية أكّدت أن المطران الفدائي كبوجي، ناضل من أجل القضية الفلسطينية في شتى المجالات ومختلف الوسائل، حيث أصبح عنواناً بارزاً من عناوين القضية الفلسطينية، وأحد أبرز المناضلين في صفوفها، ومجسّداً حقيقة قدسية القضية الفلسطينية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى