«الستين» في مواجهة مع الرئاسة.. ولكن!

هتاف دهام

لم يستطع أعضاء الرباعية الانتخابية الاتفاق على اقتراح من اقتراحات القوانين الانتخابية قيد النقاش، بخاصة حيال بدعة صيغ المختلط. في الوقت نفسه رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فكرة إجراء الانتخابات وفق قانون الستين. لن يقبل بمخالفة قسمه. الفراغ بالنسبة له أهون من قانون الدوحة وأهون من التمديد.

يؤكد قطب سياسي بارز لـ«البناء» أن كلام رئيس الجمهورية أدخل البلاد في مأزق. كان هناك احتمال أن تجري الانتخابات على أساس القانون النافذ، إذا تعذّر الاتفاق، لكن إذا لم يحصل التفاهم هل نذهب باتجاه الفراغ؟

كل ما هو على طاولة المفاوضات الرباعية أو الجانبية بعيد كل البعد عن القوانين الإصلاحية والعصرية التي يتطلع اليها الرئيس عون نفسه أسوة بالقوى السياسية التي تنادي بالنسبية الكاملة.

تكمن المشكلة، وفق القطب السياسي نفسه، أن النسبية وفق الصيغ المقدمة، ستفرَّغ من مضمونها،لأنها شُرحت وفق ميول ورغبات ومقاييس فرقاء سياسيين يقاربون أي قانون من خلال دائرتهم الانتخابية. ليست الاقتراحات هذه أكثر من تسميات «مجعلكة». كل طرف يشدّ «اللحاف» باتجاهه فيما جسد الوطن يتعرّى.

قد تكون اللعبة خبيثة لدرجة تُسمّى لعبة ترويجية غير مباشرة بعد أن استنفدت وسائل التسويق المباشر لقانون الدوحة. الأخطر أن قوى سياسية تعوّدت أن تخطط مع بعضها في الماضي، تعمل راهناً لدعم الـ «الستين» بطريقة غير مباشرة عبر مستويين. المستوى الأول: تعليب القانون النافذ في متن قانون آخر، وبالتالي التخلي عنه شكلاً والحفاظ عليه مضموناً. المستوى الثاني: تحريض الوسط السياسي على هذا القانون المعلب لـ«القانون النافذ» لدفعهم إلى خيار القبول بالستين.

هناك تواطؤ من بعض القوى على ضفتي 8 و14 آذار بالتلاعب ليس على تقاسم الجبنة بقدر ما هو تلاعب على الرأي العام، لإيهامه بأنه جرى تقديم جديد له وأن هذا الجديد أقصى ما يمكن توفيره. ثم استيلاد ردة فعل سلبية تجعل الستين أكثر أمناً وضماناً للجميع!

تنسّق اصطفافات المرحلة الماضية مصالحها بطريقة أكثر خبثاً ودهاء. لم تتخلّ فعلياً عن مشروعها السياسي الحقيقي وتدرك مخاطر قانون الانتخاب العادل عليها.

إن المعني الأساسي بالعمل على تقويض المسارات التي توصل الى فرض الستين، أو ما يشبهه، هو «الرئيس العماد» الذي رسم بمواقفه مساراً منح اللبنانيين أملاً حقيقياً بإمكانية تحقيق صحة التمثيل، وهو لا يزال بمقدوره حتى الساعة وضع هذا المسار على السكة الصحيحة.

وفق القطب السياسي نفسه، فإن رئيس الجمهورية لم يأت ليشرع لعبة المحاصصة أو ليكون فريقه السياسي جزءاً منها، بل هو يسعى فعلياً إلى دفع لبنان نحو إصلاح وتغيير حقيقي يمكن البناء عليه في محطات لاحقة.

هل الذي يفاوض باسم فريق فخامة الجنرال يمثل طموحه في المشاورات الدائرة؟

هل سيقلب العماد عون في اللحظة الحاسمة الطاولة ويُحدث الصدمة الإيجابية برفض كل محاولات الالتفاف على المسعى التغييري سواء عبر توقيعه أو عبر مواقفه؟ أم أن ما يجري عملية قضم والتفاف على مواقفه الصادمة الأخيرة ومحاولة القضاء عليها عبر تواطؤ مشترك من أكثر من طرف في مجلس الوزراء ابتلعوا المفاجأة الرئاسية الفراغ أفضل من التمديد في حينها، وتعاملوا مع موقف «العماد» بنوع من النفس الطويل، ليُجهزوا خلال أسبوعين أو ثلاثة على موقفه، لكن عبر الذبح بالقطنة وليس عبر الذبح بسكين الستين؟

القانون النافذ لا يزال الأقوى ولكن… وهناك مَن يريد وضعه في مواجهة مع الرئاسة…!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى