عين الحلوة إلى دائرة الجمر

حسين حمّود

عاد مخيم عين الحلوة إلى دائرة الضوء بقوة بعد تعليق عدد من الفصائل الفلسطينية مشاركتها في اللجنة الأمنية العليا المولجة حفظ الاستقرار في المخيم المذكور، في وقت تتردّد معلومات من داخل المخيم وخارجه عن تكاثر الجماعات الإرهابية فيه.

وأبرز الفصائل التي علقت مشاركتها في اللجنة، حركة «فتح» التي تعتبر الأكبر والأقوى في المخيمات الفلسطينية. كما جاءت استقالة قائد «قوات الأمن الوطني الفلسطيني» وقائد «القوة الأمنية المشتركة» منير المقدح من منصبه، لتزيد الوضع ارتباكاً على الساحة الفلسطينية وداخل «فتح».

وقد برّر المقدح استقالته بجملة أسباب أبرزها توقيف الأمن اللبناني شقيق المقدح المسؤول عن القوة الأمنية في تعمير عين الحلوة أحمد المقدح المعروف بـ»فيليب» بعد خروجه من المخيم لإجراء جراحة في أحد مستشفيات صيدا، بناء على مذكرة توقيف صادرة في حقه.

وتأتي هذه التطورات في ظلّ الوضع المتوتر باستمرار في مخيم عين الحلوة جراء الاغتيالات المتبادلة بين فصائل المخيم على خلفيات إما أمنية أو سياسية أو حتى شخصية. وتعقبها دائماً إشتباكات محدودة او واسعة النطاق يسقط فيها العديد من القتلى والجرحى، وذلك بالرغم من ارتفاع صوت القيادات الوطنية والعسكرية والأمنية اللبنانية بضرورة وقف هذه الأعمال والمحافظة على استقرار المخيم الذي، في حال انفجر، ستصيب شظاياه الجوار وربما أبعد من ذلك.

ومع ذلك يبقى الوضع تحت السيطرة إجمالاً، لكن ما بات معلوماً هو تنامي التنظيمات الإرهابية داخل مخيم عين الحلوة، بحسب أوساط متابعة للأوضاع في المخيمات، مؤكدة أنّ هذه التنظيمات تتواجد في أماكن معروفة وتزاول نشاطها التنظيمي بحرية تامة، حيث تقوم بالدعوات العلنية لتبني أفكارها وتعاليمها بين الشباب الفلسطيني وتروّج لهذا الأمر بلقاءات مباشرة أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتجاهر بنيتها إقامة كانتون إسلامي، يدين بعقائدها الإرهابية في المخيم. إلاّ أنّ الأوساط تشير، في الوقت نفسه، إلى أنه لا يتجاوب مع هذه الدعوات سوى قلة من الشباب، اليائس والمحبط نتيجة البطالة وتردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للاجئين، فيقعون فريسة سهلة لإغراءات الإرهابيين، لكن هذه «القلّة» المتجاوبة تزيد يوماً بعد يوم.

لكن يبدو أنّ هذا الأمر غير خاف على السلطات الأمنية اللبنانية، إذ قامت بعدة عمليات استباقية تمكنت خلالها من إلقاء القبض على عدد من الفلسطينيين يعملون مع لبنانيين وسوريين ضمن شبكات إرهابية. إلا أنّ نشاطات القيادات مستمرة وهي تلقى دعماً في المخيم، على ما تقول الأوساط، من قوى تصنّف بأنها «معتدلة» تتعاطف معها كون الجانبين تتقاطع أفكارهما في الهدف الكبير وهو إقامة حكم إسلامي، لكن لم تبرز أدلة دامغة حول هذا التعاطف.

لكن إذا صحّ ذلك، فإنّ هذا يصبّ في خانة إبقاء التوتر واستفحال الخصومات بين الفصائل الفلسطينية بالتوازي مع تواصل استنزاف الشباب الفلسطيني واستقطابه من قبل من يقدّم له المساعدة وانتشاله من حالات البؤس التي يعانيها ويعيشها، بالرغم من تأكيدات لبنانية وفلسطينية بأنّ الوضع ما زال تحت السيطرة وجهوزية الجميع لوأد أيّ فتنة أو محاولات أخذ المخيم او المخيمات إلى مشروع محكوم بالموت قبل تنفيذه على أرض الواقع. لكن يبقى أنّ المخيم عاد إلى دائرة الجمر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى