الأسد: نحن أصحاب القرار في سورية.. والاستخبارات الفرنسيّة تواصلت معنا

أكّد الرئيس السوري بشار الأسد، أنّ السلطات السورية هي التي تتّخذ القرارات في البلاد، وليس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتابع في مقابلة مع إذاعة «Europe 1» وقناة «TF1» الفرنسيّتين، تمّ بثّها أمس، أنّ روسيا تحترم السيادة السورية، وكانت تنسّق مع السلطات السورية في كلّ مرحلة استراتيجيّة أو تكتيكيّة من مراحل عمليّتها بسورية. وشدّد على أنّ الروس لم يفعلوا شيئاً أبداً من دون أن يتشاوروا مع السوريّين.

لكنّه أقرّ بأنّه لولا الدور الروسي، لكان الوضع في سورية اليوم أسوأ. وتابع الأسد، أنّه لا يعرف ما إذا كانت الحكومة السورية ستصمد أم ستسقط بدون إطلاق العملية العسكرية الروسية في سورية، مؤكّداً أنّ الدعم الروسي لعب دوراً حاسماً في إضعاف تنظيمَي «داعش» و«جبهة النصرة».

وشدّد الرئيس السوري على أنّه لا يحقّ للدول الغربية أن تحدّد مستقبل سورية بدلاً من السوريين. وأصرّ على أنّه لا يمكن للغرب أن يقرّر من سيكون أفضل بالنسبة لسورية، بشار الأسد أم تنظيم «داعش» الإرهابي.

وأكّد أنّ استعادة الجيش السوري السيطرة على مدينة حلب، كانت خطوة مهمّة جداً، لكن من السابق لأوانه الحديث عن إحراز انتصار نهائي في الحرب ضدّ الإرهاب.

كما أكّد الأسد، أنّ طريق اجتثاث الإرهاب في المناطق السورية الأخرى سيكون طويلاً، معتبراً أنّ أمر نظيره الأميركي دونالد ترامب بحظر دخول اللاجئين السوريين إلى الولايات المتحدة غير موجّه ضدّ الشعب السوري، بل يرمي إلى إحباط محاولات الإرهابيّين التسلّل إلى الغرب. وأعاد إلى الأذهان أنّه سبق لهؤلاء أن دخلوا إلى عدد من الدول الأوروبية، ولا سيّما ألمانيا.

وكشف الأسد، أنّ دمشق أجرت اتصالات مع أعضاء من جهاز الاستخبارات الفرنسي خلال زيارة آخر وفد فرنسي لسورية مؤخّراً، مشيراً إلى أنّ «الإرهابيّين ما زالوا يتلقّون الدعم من دول غربية من بينها فرنسا».

ونفى مجدّداً صحة تقرير منظمة العفو الدولية، معتبراً أنّه من المشين أن تقدّم منظمة دولية تقريراً اعتماداً على ادّعاءات كاذبة.

وحول مفاوضات أستانة، أكّد بشار الجعفري، رئيس وفد الحكومة السورية إلى أستانة، أنّ كلّ من وقّع اتفاق تثبيت وقف الأعمال القتالية، ملزمٌ بمحاربة الإرهاب مع دعم جهود الجيش السوري وأصدقائه وحلفائه.

وقال الجعفري خلال مؤتمر صحافي عقب انتهاء الجلسة، أمس: «تقييمنا لمسار أستانة هو تقييم إيجابي»، طالما أنّه يخدم تحقيق تثبيت وقف الأعمال القتالية، ومن ثمّ فصل المجموعات المسلّحة التي وقّعت على الاتفاق عن المجموعات التي رفضت التوقيع عليه، «بمعنى الفصل بين المجموعات التي تؤمن بالحلّ السياسي عن الإرهابيّين».

وأضاف الجعفري، أنّ اجتماع «أستانة-2»مهّد الطريق أمام انعقاد مؤتمر جنيف القادم، والذي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار اجتماعَي أستانة، مشدّداً على التزام دمشق «بترتيبات اتفاق وقف الأعمال القتالية.. وكلّ من يخرق هذه الترتيبات سيُعتبر هدفاً إرهابيّاً» سيحاربه الجيش السوري وحلفاؤه.

وأشار الجعفري إلى أنّ «عدم صدور بيان ختامي عن هذا الاجتماع يُعزى أساساً إلى وصول الوفد التركي والمجموعات المسلّحة في وقت متأخّر إلى أستانة»، منتقداً وصول الوفد التركي «بمستوى تمثيلي منخفض لا يرقى إلى ما تدّعيه تركيا بأنّها دولة ضامنة من بين الدول الثلاث».

وأعرب رئيس الوفد الحكومي عن امتنانه للدولة المضيفة كازاخستان، وكذلك روسيا وإيران، لنجاحهم في تقويض المحاولات التي هدفت لإعادة الجهود في أستانة إلى مربع الصفر.

وشدّد أنّ على تركيا «مسؤولية ضبط الحدود.. لكنّها لا تفعل ذلك، بل تسهّل دخول عشرات آلاف الإرهابيّين إلى سورية، ولا بُدّ من اتخاذ إجراءات حاسمة لإغلاق الحدود التركية أمام تدفّق الإرهابيّين»، متابعاً أنّ تركيا لا يمكنها أن تلعب «دور مشعل الحرائق ورجل الإطفاء في وقت واحد».

وطالب الجعفري تركيا «بسحب قواتها الغازية من أراضي سورية واحترام بيان أستانة-1، الذي أكّد على سيادة ووحدة الأراضي السورية».

وتابع أنّ وثيقة العمليات المشتركة صدرت بأسماء الدول الضامنة الثلاث وأنّ دمشق تدرسها، وأكّد أنّ مسألة الدستور السوري لم تُبحث في أستانة، مشدّداً على أنّ هذا «أمر سوري بحت».

وكانت محادثات السلام حول سورية انطلقت في العاصمة الكازاخيّة أستانة أمس، بحضور وفدَي الحكومة السورية والمجموعات المسلّحة وممثّلين عن إيران وروسيا وتركيا.

وبحثت الجلسة العامّة التي يمكن اعتبارها حاسمة، بعيداً من الإعلام، الشقّ العسكري وإنهاء القتال في سورية، وهي تأتي تتويجاً ليومين من اللقاءات الثنائيّة التشاورية بين الوفود المشاركة في هذه المحادثات.

وأشار مصدر إلى أنّ المحادثات الثنائيّة بين الوفدَين الروسي والإيراني كانت مهمّة جداً لتبنّي مواقف مشتركة إزاء العديد من القضايا والنقاط، واليوم كان هناك لقاء تشاوري «إيراني – روسي – تركي»، وأيضاً لقاء تشاوري «روسي – تركي» مع وفد الجماعات المسلّحة.

وكشف قائلاً، إنّ كلّ هذه المشاورات مفترض بها أن تصل بمشاورات الخميس إلى نقاط تماس وتلاقي بهدف اعتماد الوثائق التي يُفترض أن يجري بحثها في الجلسة، متحدّثاً عن صعوبات تتعلّق بتفاصيل فنيّة وأخرى عملية تحتاج إلى أن تُترجم على أرض الواقع، خصوصاً ما يتعلّق بكيفيّة ضبط وقف إطلاق النار والقتال في سورية.

واللافت بحسب مصدر مطّلع، أنّ وفد المسلّحين الذي يرأسه محمد علوش ويمثّل 9 مجموعات مسلّحة تعرّض لتفتيش دقيق قبل دخول قاعة المباحثات.

وأكّد الجعفري في كلمته في الجلسة العامّة لاجتماع أستانة، أنّنا «نتطلّع لاستمرار مسار المحادثات وإلى نجاحه بما يخدم آمال وتطلّعات الشعب السوري بالأمن والأمان بكلّ أراضي سورية».

وأضاف الجعفري، أنّ بلاده «تحتفظ بحقّ الردّ على الجماعات الإرهابيّة المسلّحة، وأنّها ستستمر في محاربة الإرهاب حتى تحرير آخر شبر من الأراضي السورية».

وإذّ رحّب الجعفري بنتائج مباحثات أستانة، قال إنّ «أستانة 2 مهّد الطريق لاجتماع جنيف»، كاشفاً أنّه «لم يصدر بيان ختامي نتيجة الموقف التركي المتعنّت، والتمثيل المنخفض للوفد التركي».

واتّهم الجعفري الوفد التركي ومقاتلي المعارضة السورية بمحاولة عرقلة المفاوضات من خلال رفض الموافقة على بيان ختامي.

وقال الجعفري، إنّ مقاتلي المعارضة وداعميهم الأتراك لديهم ما وصفها بالنيّة الواضحة لعرقلة اجتماعات أستانة، وإنّه يجب على أنقرة سحب قوّاتها من سورية وإغلاق حدودها في وجه المقاتلين المتشدّدين إذا ما أرادت أن تكون ضامناً حقيقيّاً لوقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه تركيا وروسيا في نهاية العام الماضي.

من جهته، قال رئيس الوفد الإيراني حسين جابري أنصاري، إنّه «تمّ تحقيق نجاحات جيدة في الفترة الماضية منذ اجتماع أستانة الماضي في 23 و24 كانون الثاني في مجال ضبط الأزمة السورية، معتبراً أنّه «منذ اجتماع أستانة الماضي تقلّصت حالات نقض وقف إطلاق النار».

وفي السياق، ذكّر أنصاري أنّ «مساعي إيران وروسيا وتركيا ليست بديلة عن المساعي السابقة للمجتمع الدولي، وإنّما مكمّلة لها»، كاشفاً أنّ «عملية أستانة تمكّنت من قطع الخطوات الأولى على طريق حلّ الأزمة السوريّة، ولاستكمال الطريق لا بُدّ من بذل المزيد من الجهود».

وذكّر المسؤول الإيراني، أنّ بلاده «ملتزمة بالمساعدة على إنهاء النزاع في سورية، وتعتقد أنّ أهم دور لمباحثات أستانة هو تسهيل الحوار السوري – السوري بهدف توفير الأمن والاستقرار لسورية، ولتحقيق ذلك فإنّ للأمم المتحدة دور مهم في هذا الإطار».

وفي موسكو، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن دعم بلاده للجهود الرامية لوقف إطلاق النار على كامل الأراضي السورية، والجهود لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2254.

وأضاف لافروف خلال لقائه المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا في موسكو، أنّ بلاده تحاول الإسهام في وقف إطلاق النار على جزء كبير من الأراضي السوريّة إلى جانب الأتراك والإيرانيين. وأكّد وزير الخارجية الروسي، أنّ مفاوضات أستانة التي تجري برعاية روسيا وإيران وتركيا تحظى بدعم الأمم المتحدة.

من جهته، أعلن دي ميستورا خلال اللقاء، أنّ المفاوضات السوريّة السوريّة المرتقبة في جنيف، ستبحث القضايا المتعلّقة بالدستور السوري، وإجراء انتخابات تحت رعاية الأمم المتحدة.

ولفتَ دي ميستورا إلى إمكانيّة عقد لقاءات ثنائيّة بين الأمم المتحدة والوفود المشاركة في محادثات جنيف قُبيل انطلاقها في 23 شباط، مؤكّداً على ضرورة تنمية جهود الحلّ السلمي.

وكان وفد المعارضة السورية إلى محادثات أستانة التي انطلقت الأربعاء، قال إنّه سيرسل مجموعة من الخبراء الفنّيين لبحث سُبُل تعزيز وقف إطلاق النار في سورية.

يأتي ذلك فيما تسعى روسيا لإنجاح مباحثات أستانة معتمدة على دعم الشريك الإيراني في معادلة تجمعهما إلى تركيا، وتأمل أن يعزّز ذلك قيام منصّة أساسيّة للحلّ السياسي في سورية.

بدوره، أعلن المتحدّث بِاسم هيئة الرياض سالم المسلط، أنّ المعارضةَ تريد مفاوضات مباشرة مع الحكومة بخصوص الانتقال السياسي في محادثات جنيف بحسب تعبيره، وأشار المسلط إلى أنّ المعارضةَ لم تتلقَّ بعد جدول أعمال محادثات جنيف التي من المقرّر أنْ تبدأ في الـ23 من شباط الحالي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى