خدعة ترامب وتنصّل الأنظمة العربية

بشارة مرهج

منذ تأسيس الكيان الصهيوني، عنوة وقهراً على الأرض الفلسطينية، وتل أبيب تستند إلى واشنطن والغرب الاستعماري لتكريس احتلالها وتوسيع مستوطناتها على حساب الحق الفلسطيني. ومقابل هذا الاحتلال المتجدّد، وتنصّل الأنظمة العربية، تدخل فلسطين في عذاب طويل لا يوصف يطال كرامة المواطن الفلسطيني وحياته اليومية بدءاً من السكن والعمل والتنقل، وصولاً إلى المدرسة والغذاء والدواء. أما الآفاق المستقبلية فدائماً في دائرة الغموض، أو كناية عن طبخة بحص، لأنّ تل أبيب منذ الانتداب البريطانيّ الخبيث لم تتراجَع يوماً عن تعصّبها ولم تتوقف يوماً عن قضم الأراضي الفلسطينية، رغم قرارات الأمم المتحدة وبيانات اللجنة الرباعية ومؤتمرات الجامعة العربية.

وبالأمس تكرّرت اللعبة، ولكن بشكل أخبث في البيت الأبيض، حيث جرى اللقاء الحميم بين الرئيس الأميركي ورئيس حكومة تل أبيب فإذا بدونالد ترامب يمرّ على موضوع الاستيطان باستحياء ليس معروفاً عنه، متجاهلاً محنة الفلسطينيين، داعياً إلى تفاهم الطرفين «الإسرائيلي» والفلسطيني على حلّ الدولتين أو حلّ الدولة الواحدة، مدعياً العفوية والسذاجة، في حين أنه يعرف، من خلال صهره على الأقلّ، أنّ موقفه هذا إنما يدعم الاحتلال «الإسرائيلي»، ويعطيه وقتاً إضافياً لتهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة. فالكيان الصهيوني يرفض حلّ الدولتين لأنه يقلّص من سلطته على ما يسمّيه «يهودا والسامرة»، ويرفض كذلك حلّ الدولة الواحدة لأنه يريد إقامة الدولة اليهودية الخالصة والتخلص من الوجود الفلسطيني الكثيف سواء في أراضي 1948 أو في الضفة الغربية.

إنّ تل أبيب التي ترفض ضمناً كلّ الحلول التي تتداولها الأوساط الدولية، وتتساهل في الحديث عن الحلول والمفاوضات والسيناريوات المختلفة، إنما يهمّها في هذا المجال أن يستمرّ الجميع في اللغوّ واللهو في ما هي ماضية في عملية الاستيطان والتهويد وتيئيس الفلسطينيين بغية حملهم على التسليم أو المغادرة.

وعلى هذا الأساس كانت ضحكة نتنياهو العريضة في البيت الأبيض، بعد أن أطلق ترامب العنان لخيال العواصم العربية والأجنبيّة، كي تردّد أمام شعوبها المعزوفة المعروفة: «لقد انتظرنا الحلّ طويلاً، فلا بأس إنْ تريّثنا الآن لنعرف ما الذي يرمي اليه الرئيس الأميركي الجديد من كلامه المثير».

وتمضي الأيام، وتستمرّ الخدعة، ويستمرّ الاستيطان…

نائب ووزير سابق

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى