عميد الإعلام: دمك ودماء شهدائنا وشهداء الجيش السوري غيّرت المعادلات ونحن اليوم أكثر ثقة بالنصر وبقوتنا التي ستهزم المشروع الإرهابي وعلى رأسه أميركا و«إسرائيل»

هو عام يمرّ على الشهادة وصدى أدونيس لا يزال يصدح، وأثيره يعبر الآفاق وصوته يطلّ هادراً ليؤكد لنا أنه الشهيد المؤمن بالصراع والشهادة من أجل حياة العز، وأنّ الدماء التي تجري في عروقنا عينها ليست ملكاً لنا بل وديعة الأمة فينا متى طلبتها وجدتها، ولأجلها سالت دماء أدونيس ورفقائه لتروي تراب بلدة كنسبا بريف اللاذقية.

ووفاء لدمائه ولشهادته التي ردّت الوديعة إلى الأمة أعاد رفقاء الشهيد أدونيس نصر التأكيد على بوصلة الصراع، عندما احتشدوا في رابطة سيدات الشويفات للمشاركة في الذكرى الأولى لاستشهاده، وعلى وقع الهتافات وفي ظلّ خفق الزوابع وأناشيد المقاومة، توافد السوريون القوميون الاجتماعيون وأصدقاء الشهيد ومحبّوه، ليؤكدوا مجدّداً أنّ دماء أدونيس لم تذهب إلا إلى حيث يجب أن تكون، إلى الشام وأرضها التي تزهر فيها دماء أدونيس وباقي الشهداء يوماً بعد يوم، نصراً تلو النصر على العدو الإرهابي.

كتلك الجبال الشامخة وقف والد الشهيد أدونيس أبا صنين ووالدته أم صنين وشقيقه سعاده وشقيقاته الثلاث إلى جانب المسؤولين الحزبيين ومسؤولي الأحزاب وكلّ من جاء للمشاركة في يوم الوفاء للشهيد ليجدّدوا العهد والوفاء، بأنهم على العهد باقون مقاومين ثابتين غير متنازلين عن الصراع مستعدين للشهادة متى تطلب الأمر، تختنق العبارات وتعود لتنفجر الحناجر «مقاومة مقاومة بالنار لا مساومة»، الكلّ يخنقه ألم الفراق لكنّ طعم النصر الذي أسّس له أدونيس يعوِّض خسارة الجسد الذي استحال رمزاً للفداء، هكذا وقف رفقاء أدونيس ليعلنوا ثباتهم على دربه، وتحت صورة الشهيد وقف الأشبال يردّدون الأناشيد والشعارات التي لطالما علمهم إياها أدونيس في المخيمات، فاستحال النشيد صلة الوصل بين الشهيد وأجيال النصر الآتي.

صعب

استُهلت الذكرى بالنشيدين اللبناني والسوري القومي الاجتماعي ثم كلمة ترحيب بالحضور وتعريف ألقتها رنا صعب، وتناولت فيها معاني المناسبة التي تأتي تأكيداً على نهج المقاومة والصراع من أجل انتصار قيم الحق والخير والجمال على جاهلية العصر الحديث ممثلة بالمجموعات الإرهابية الهادمة لكلّ مفاهيم الحياة.

وجاء في الكلمة: «أنا الشهيد تذكّروني عندما تحتفلون بيوم النصر». كتبتَها يا رفيقي وسلكتَ درب الخلود بعدها بأيام قليلة. نذكرك يا أدونيس فياسمين الشام ما زال يزهر ورائحته تملأ السماء. نذكرك يا رفيقي فعروس البحر يافا ما زالت تنتظر سفينة الحرية. يا رفيق أدونيس نخاطبك اليوم في ذكرى استشهادك كأنك حاضر بيننا، فإننا نراك في عيون أشبالنا. نراك في ذكريات رفقائك ومحبّيك. نراك يا رفيقي في أحياء المدينة عائداً إلى البيت وفي جعبتك الكثير من الأحلام والحماس والعفوية، فأنت حقاً تسكنُ القلوب وتحيا في الذاكرة. قبل أن نترك الكلمة لك يا رفيق أدونيس، علينا أن نلقي التحية على من تشاركتَ معهم نخب العز ذاك اليوم، الرفيق أدونيس خوري، الرفيق جمال كمال، الرفيق خالد غزال والرفيق عبد الرحيم طه. ونردّد مع سعاده الخالد: «إنّ أزكى الشهادات شهادة الدم».

شهيد … زفير … شهيد … زفير … والوطن عم يتنفّس.

وثائقي وباقة قصائد

منذر

وبعد عرض فيلم وثائقي تضمّن وصية الشهيد ومقابلات مع عدد من الذين عرفوا الشهيد أدونيس عن قرب، استذكر الشاعر عماد منذر الشهيد بباقة من القصائد التي أكدت معاني البطولة والفداء التي جسّدها أدونيس، الذي تخرّج من مدرسة أبناء الحياة التي أسّسها الزعيم أنطون سعاده الذي جسّد معاني البطولة والفداء قولاً وفعلاً، لافتاً إلى أنّ استشهاد أدونيس ما هو الا اقتداء بزعيمه الذي أكد أنّ الحياة وقفة عز فقط، فأبى أدونيس إلا أن يكون بطلاً يجسِّد وقفة العز مجدّداً.

كلمة مركز الحزب

ثم ألقى عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية كلمة قيادة الحزب، استهلها بالقول: «يا أدونيس، أيها الشهيد الحبيب، يا ذا الوجه المشرق أبداً، نرى وجهك في وجه الأهل، أباً وأماً وأشقاء ورفقاء، باسماً هادئاً في أوقات الشدة والاضطراب، غاضباً متمرّداً معك استحال الهدوء حراكاً وحيوية وصراعاً.

لم تعرف يوماً استراحة مقاوم، إلا بين ضفتي كتاب… كتاب سعاده، الذي صاغ أبجدية الصراع، وفيه تعلمنا أن نكون أحراراً وأن نقتحم الموت بإرادة الحياة.

يا أدونيس، أنتَ… ما غفوت يوماً إلا متوسِّداً السلاح، تصوغُ أحلامك نصراً ونصرا،

والسلاح، لا فرق إن كان بندقية أو كلمة. لأنك برَعتَ في العزف على هذه الثنائية وجعلتَ منهما أنشودة عز ومقاومة.

نجازف يا أدونيس، حين ندّعي أننا نعرفك جيداً.

من عرفك بحق هو حزبك الذي اختبر إيمانك في الشدائد والصعاب.

من عرفك بحقّ، هي الأرض الشاهدة على بطولاتك، المرتوية بدمائك الزكية،

من عرفك بحقّ، هم المرابطون على الثغور، ونسور الزوبعة الذين يملأون ساح النضال وفضاءه حراكاً وصراعاً.

عرفتك سوريانا السلام والهدى، عاشقاً وكنت لها فداً.

هو عام مضى يا أدونيس، لكنّ أحلامك لمّا تزل..

عام مضى ونحن نتأبط سيرتك، نجتمع حول طيفك، نوغل في العناق، قبلاً على وجنتيك الورديتين وعلى جبينك الموسوم بالعز.

مهلاً أدونيس.. لا تغضب، نحن لا نحيي ذكرى رحيلك، أنت دائماً على قيد الوجود، ألسنا نحن الذين نؤمن بأنّ أجسادنا قد تموت، أما نفوسنا فقد فرضت حقيقتها على هذا الوجود؟

ابتسم يا أدونيس، فنحنُ في أوقات الشدّة والتحدي، وقد اجتمعنا اليوم لنجدّد العهد والوعد على مواصلة الطريق، مقاومة مقاومة بالنار لا مساومة.

في حضرتك أيها الشهيد الحبيب..

في حضرة الرفقاء الذين استُشهدوا معك في اليوم ذاته في كنسبا، الشهداء كمال جمال، أدونيس الخوري، خالد غزال وعبد الرحيم طه، نؤكد أننا لسنا حزباً يقيم المآتم والمناسبات للاستثمار كما يفعل أولياء الأموات، بل نقيم أعراس الشهادة لنتحلى بشجاعة شهدائنا وتضحياتهم، ولنكون فرساناً وعرساناً على هذه الطريق، نقدم الدماء مهراً لمعشوقتنا سوريانا.

في يوم الوفاء لدمكِ يا أدونيس نعلن:

أنّ صراعنا ضد العدو اليهودي، هو صراع وجود لا يعرف حدوداً ولا نهايات. أما من يبحثُ عن موطئ قدم له على أجزاء من أرضنا في فلسطين، بالمساومات والتسويات، فلن يحصد إلا الخيبة والفشل.

لم نتفاجأ بموقف الرئيس الأميركي ترامب حول حلّ الدولتين، فالإدارة الأميركية تستجيب دائماً للإرادة الصهيونية بكل ما يتصل بمخطط تصفية المسالة الفلسطينية. علماً أننا نرفض حلّ الدولتين من عين أصله كما رفضنا أوسلو وما نتج عنه…

نحن لم نراهن يوماً على التسويات، فرهاننا كان ولا يزال على المقاومة سبيلاً للتحرير والعودة، ونحن نريد فلسطين كلّ فلسطين، وندعو أبناء شعبنا بكلّ فصائلهم وحركاتهم إلى الوحدة وإعادة الاعتبار لثوابت النضال وخيار الكفاح المسلح، وإلى أن ينتفض أبناء شعبنا بمواجهة القتل والتهويد والاستيطان.

أما لبنان، فإنه محكوم بنظام طائفي، وهذا النظام ولاّد أزمات وحروب، وخطر على وحدة لبنان واللبنانيين، ولا نرى سبيلاً لقيامة لبنان إلا بقيام دولة مدنية ديمقراطية قوية وعادلة، تكافح الفساد والطائفية، وتخلص اللبنانيين من كونهم رعايا طوائف وتعيدهم إلى رحاب المواطنية الكاملة.

إنّ الطريق إلى بناء الدولة المدنية، هو بقانون انتخابات نيابية يمنح الناس حق الاختيار والتعبير عن الارادة الشعبية… قانون يحرّر هذه الإرادة من سطوة الغرائز الطائفية والمذهبية… قانون يحقق صحة التمثيل وعدالته، وهو القانون الذي قدمه حزبنا، الحزب السوري القومي الاجتماعي ويقوم على الدائرة الواحدة والنسبية وخارج القيد الطائفي.

ما هو مؤسف أنّ البعض في لبنان يريد قانوناً انتخابياً مُفصَّلاً على قياساته الطائفية والمذهبية، والقانون الانتخابي بمفهوم هذا البعض، كناية عن حبوب «كورتيزون» تنفخ الأحجام الفارغة، لذلك نرى هذا الهدر للوقت واستنفاد المهل على مشاريع تؤبد قانون الستين.

نقول للجميع، لا تبدّدوا الفرص المتاحة، وتذهبوا إلى قوانين انتخابية هدامة، بل اذهبوا إلى قانون يحقق صحة التمثيل ويكرس المواطنة ويحمي السلم الأهلي والاستقرار.

إنّ لبنان في أتون الخطر. والخطر يمثله العدو اليهودي الذي لا يزال يحتل أرضاً لبنانية، ويشكل تهديداً مستمراً للبنان، وتمثله المجموعات الإرهابية المتطرفة التي ارتكبت العديد من الجرائم الإرهابية، وتخطف عسكريين لبنانيين.

وإذ نوجه التحية إلى الجيش اللبناني وسائر الأجهزة الأمنية على ما قامت به من إنجازات وعمليات استبقاية أفشلت مخططات إرهابية كبيرة كانت تستهدف لبنان، فإننا نؤكد أنّ مواجهة الخطر الإرهابي والعدواني بشكل تام وجذري، تتطلب التمسُّك بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي شكلت معادلة قوة لبنان، وتحصين هذه المعادلة من خلال قانون عصري للانتخابات.

وفي هذا السياق، نحيي مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حول المقاومة وسلاحها وموقفه المتقدم رداً على التهديدات الصهيونية، وموقفه حول قانون الانتخاب، وتحديده الخطر الذي يواجه لبنان، وهو الخطر المتأتي من العدو الصهيوني والمجموعات الارهابية. إن هذه المواقف تؤكد أن لبنان لا يكون قوياً إلا بعناصر القوة التي يمتلكها.

أما الشام، التي أحبها أدونيس وارتقى على أرضها شهيداً، فلا تزال تواجه الإرهاب، ورعاته الدوليين والإقلميين والعرب، وما من شيء تغير في طبيعة الحرب واستهدافاتها، لكنّ دمك يا أدونيس، ودماء شهدائنا وشهداء الجيش السوري أثمرت انتصارات وغيرت معادلات، وها هم نسور الزوبعة مع الجيش السوري والحلفاء يسطرون أروع البطولات في ميادين القتال.

بعد ست سنوات من الحرب على الشام، فشل مخطط إسقاط الدولة السورية، وفشلت كلّ مشاريع التقسيم والتفتيت، وتحرّرت مدينة حلب من الإرهاب، وهذا التحرير فرض سلوك طريق أستانة حيث شارك التركي الحاقد صاغراً، وهو الآن يحاول التعويض عن هزيمته في حلب برفع شعار المناطق الأمنة، وبالحلول محل «داعش» في العديد من المناطق.

لكن، كما صمدنا منذ بداية الحرب وكنا واثقين بالنصر، نحن اليوم أكثر ثقة بقوتنا التي ستهزم المشروع الإرهابي وعلى رأسه أميركا و«إسرائيل» والملحقات من تركيا إلى السعودية وقطر.

ختاماً، تحية لك أيها الشهيد البطل، ولكلّ الشهداء الأبطال، وعهدنا أننا مستمرون في المقاومة والصمود حتى القضاء على الإرهاب وتحرير كلّ شبر من أرضنا.

وفي نهاية الاحتفال توجّهت مسيرة أشبال وزهرات بمشاركة عائلة الشهيد وعدد من المسؤولين، إلى ضريح الشهيد في الشويفات، حيث تمّ وضع أكاليل زهر، وأنشد الأشبال مجموعة من الأناشيد والأغاني للشهداء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى