عنّاب لـ«البناء»: أزمات الجوار وضعف الترويج سبّبا تراجعاً كبيراً ونعمل لإعادة لبنان والأردن إلى الخريطة العالمية

إنعام خرّوبي

في اليوم الأخير من زيارتها للبنان، وبحضور أمين عام مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك ورئيس مزار سيدة حريصا الأب خليل علوان ممثلاً البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، ومشاركة ممثلين عن مكاتب السفر والمؤسّسات السياحة اللبنانية والأردنية، ترأست وزيرة السياحة والآثار الأردنية لينا عناب ورشة عمل تحت عنوان «تنمية السياحة الدينية» في لبنان والأردن بفندق هيلتون ـ متروبوليتان سن الفيل.

كما حضر الورشة السفير الأردني في لبنان نبيل مصاروه، رئيس هيئة تنشيط السياحة الأردنية الدكتور عبد الرزاق عربيات، الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، ممثلة قطاع الفنادق في البحر الميت عبير الدباس وممثلون عن وزارة السياحة اللبنانية وأصحاب فنادق ومكاتب السياحة والسفر الأردنية واللبنانية.

وتحدثت عنّاب لـ«البناء» عن زيارتها للبنان ولقاءاتها المسؤولين، خصوصاً المعنيين بالقطاع السياحي اللبناني، وقالت: «كانت زيارة ممتازة واجتمعنا إلى الكثير المعنيين بالمجال السياحي، وكان لنا لقاء رائع مع غبطة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي وتحدثنا في أمور عدة تخصّ تطوير العلاقات على صعيد السياحة الدينية وكيفية استقطاب مسيحيي العالم لزيارة المعالم الدينية في البلدين، كما تطرقنا إلى أهمية تسليط الضوء على أهميتهما على خريطة السياحة الدينية في العالم. لكنّ هذا لا يعني أنّ اهتمامنا بلبنان يقتصر على السياحة الدينية بل بكلّ أنماط السياحة، خصوصاً سياحة المغامرة وقد قامت مجموعة من الأردنيين منذ أيام برحلة استكشاف لـ Lebanon Mountain Trail»» لأننا نجد أنّ هناك فرصة كبيرة للتبادل والتعاون السياحي في هذا المجال».

وفي حين ذكرت الوزيرة عناب أن ليست هناك أرقام دقيقة لحركة السياح الأردنيين إلى لبنان، أشارت إلى «أنّ حركة السياحة اللبنانية إلى الأردن خفيفة حوالي 45 ألف سائح في السنة وفي عام 2016 انخفضت بنحو ستة في المئة»، موضحة أنّ سبب هذا التراجع «ربما يعود إلى ضعف الترويج والتعريف بالمنتج السياحي الأردني، بالإضافة إلى أزمات الجوار وإغلاق الحدود البرية، لكننا نعمل لخلق برامج محفزة تشجّع اللبنانيين على زيارة الأردن».

كما ذكّرت عنّاب بالاتفاقية السياحية الموقّعة بين لبنان والمملكة الأردنية الهاشمية منذ عام 1964 ويتم تجديدها من خلال برنامج تنفيذي كل فترة، لافتة إلى أنّ آخر تجديد لهذه الاتفاقية كان عام 2015 لمدة 5 سنوات أي لغاية 2020 . وتابعت: «أحد الأمور المهمة التي نواكبها هو متابعة تنفيذ البنود الموجودة في هذا البرنامج التنفيذي وبحث إمكانية تطوير وتحسين العمل بها».

وختمت: «نحن سعداء لوجودنا في لبنان وقد دعونا معالي وزير السياحة اللبناني أواديس كيدانيان وغبطة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي لزيارة الأردن ونأمل أن نتشرف بتلبيتهم دعوتنا قريباً».

عربيات: نعمل على تصميم برامج تتناسب مع تطلعات السائح اللبناني

ورأى مدير هيئة التنشيط السياحي في الأردن د. عبد الرزّاق عربيات «أنّ أهمية هذه الورشة تأتي أولاً من كونها تنعقد تزامناً مع زيارة وزيرة السياحة الأردنية السيدة لينا عناب وقد تشرفنا بمرافقتها لزيارة عدد من المسؤولين الرسميين والروحيين في لبنان، وعلى رأسهم وزير السياحة اللبناني أواديس كيدانيان والبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي وبحثنا توثيق العلاقات وتنسيق الجهود بين الهيئات المعنية في البلدين، خصوصاً بالنسبة إلى السياحة الدينية». وقال عربيات: «هناك عدد كبير من المكاتب السياحية الأردنية المشاركة، بالإضافة إلى اللبنانية، ونحن في الأردن نعمل على تصميم برامج تتناسب مع تطلعات السائح اللبناني سواء على صعيد السياحة الدينية وزيارة مواقع مهمّة مثل المغطس وجبل نيبو وكنائس مار الياس وغيرها، أو على صعيد الأماكن السياحية الأخرى مثل البحر الميت وبترا وغيرهما. وقد تمّ منذ فترة تدشين خط طيران من بيروت إلى العقبة من خلال «الملكية الأردنية» و«طيران الشرق الأوسط» بأسعار منافسة تمّ تخصيصها للسائح اللبناني. ونحن نهتم حالياً بإطلاق حملة إعلانية مكثفة تستهدف السائح اللبناني خصوصاً في مجال السياحة الدينية».

ولفت إلى «أنّ السياحة في الأردن تأثرت عموماً بأزمات الجوار، فمعظم السياحة الغربية وخصوصاً الأوروبية كانت عبارة عن مجموعات سياحية تقوم برحلات تشمل سورية ولبنان والأردن، أما اليوم ونتيجة هذه الأزمة فقد خسرنا ما لا يقلّ عن 20 في المئة من هذه المجموعات».

وختم: «إذا سهلنا موضوع الطيران من وإلى لبنان وطرحنا أسعاراً تنافسية بالتأكيد ستتحسن السياحة في كلا البلدين وهذا الموضوع كان مدار بحث مع وزير السياحة، مع التركيز على موضوع تسويق لبنان كقبلة سياحية مشتركة إلى سوق أميركا اللاتينية والشمالية والصين واليابان فلا منافسة بين لبنان والأردن سياحياً، فهذان البلدان يكمل كلّ منهما الآخر من حيث المعالم السياحية الموجودة».

وتعليقاً على انتخاب رجل الأعمال الأردني د. طلال أبو غزالة وزير للسياحة في العالم، قال عربيات: «إنّ التمثيل العالمي للشخصيات العامة الأردنية مهم جداً لتنشيط السياحة ويعزّز وجود الأردن كوجهة سياحية، والدكتور أبو غزالة رجل أعمال ناجح وقامة عربية وأردنية نفتخر بها».

المؤسّسات السياحية المشاركة

وعلى هامش الندوة التقت «البناء» عدداً من أصحاب المؤسسات السياحية الأردنية واللبنانية المشاركة، حيث أشار مدير عام فندق «رامادا ـ البحر الميت» عمر حزينة إلى «أنّ أهمية هذه الورشة كبيرة جداً، خصوصاً أنّ هناك تعاوناً قديماً بين لبنان والأردن على الصعيد السياحي». وقال: «نحن اليوم، كقطاع خاص، نسعى بالتعاون مع وزارة السياحة الأردنية وهيئة تنشيط السياحة إلى استقطاب مجموعات سياحية لبنانية أكبر، ونقدم تسهيلات كثيرة وعروضاً تنافسية، كما يهمنا أن نتعلم من اللبنانيين، الذين لديهم باع طويل في عالم السياحة والضيافة، ونستفيد من خبرتهم. وهناك دائماً زيارات منفصلة متبادلة بين القطاع الخاص في البلدين».

وختم حزينة: «نقول للسياح اللبنانيين تفضلو واستمتعوا بالجو الجميل والخدمات المميزة لدينا ومنطقة البحر الميت هي منطقة مهمة ومميزة جداً».

وقالت صاحبة ومديرة شركة «فلاي مات» اللبنانية مادونا حويك: «السياحة الدينية أساسية في لبنان فلبنان أرض القداسة ومهم جداً أن ننظم رحلات سياحية مشتركة بين لبنان والأردن على هذا الصعيد».

ولفتت إلى أنّ وزارتي السياحة اللبنانية والأردنية «تقومان بدور كبير في هذا المجال لتكريس التعاون المشترك الذي يُعتبر نقطة قوة لهذا النوع من السياحة في البلدين وتحسين عائداته».

وأشار مدير عام شركة «بترا للسياحة والسفر» عوني قعوار إلى «أنّ الأردن يمتلك مقومات سياحية عديدة يقدمها للسائح اللبناني سواء على صعيد السياحة الترفيهية أو العلاجية أو التاريخية والدينية، وندعو أشقاءنا اللبنانيين إلى زيارتنا واستكشاف الأماكن السياحية المهمة لدينا والاستفادة من الخدمات والعروضات المميزة».

وإذ أشار مؤسِّس شركة «ناديا ترافل» اللبنانية وليد عجوز إلى أهمية الرحلات الدينية «كوجهة سفر جديدة، حيث يقدم الجانب الأردني عروضاً بأسعار منافسة من حيث أسعار غرف الفنادق وتذاكر الطيران المنخفضة»، رأى «أنّ هناك أموراً قد تشكل عائقاً في سبيل ذلك، خصوصاً ما يُحكى اليوم عن ضرائب ستُفرض في لبنان على تذكرة السفر، بالإضافة إلى الأسعار المرتفعة للفنادق وضريبة مطار بيروت الدولي التي تؤثر على السياحة من كلّ الدول وليس فقط من الأردن». وقال عجوز: «نناشد وزير السياحة أواديس كيدانيان معالجة هذا الموضوع وإيصال صوتنا إلى المعنيين».

أضاف: «هناك موضوع آخر يمثل مشكلة كبيرة وهو احتكار تاكسي المطار خدمة توصيل المسافرين ومنع شركات التاكسي من خارج المطار أن تقلّ الركاب من على باب المطار، بل عليها أن تتوجّه إلى موقف آخر في انتظار وصول الركاب لتدفع مبلغاً معيناً لقاء الوقوف بضع دقائق، علماً أنّ تعرفة تاكسي المطار هي ضعف التعرفة الرسمية وأحياناً تصل إلى 100 دولار ضمن منطقة بيروت وضواحيها».

وقال مؤسِّس ورئيس شركة «أماني تورز» باسم مبارك: «هذه الورشة هي فرصة للقاء المعنيين الرسميين وأصحاب المؤسّسات السياحية من القطاع الخاص لوضع خطة للتعاون وتبادل الخبرات».

وأمل مدير شركة «الأجنحة الملكية» للطيران أسامة قنطار أن تشهد المرحلة المقبلة حركة سياحية نشيطة بين البلدين، لافتاً إلى العروضات التنافسية والتسهيلات التي يوفرها القطاع السياحي الأردني للسياح اللبنانيين.

محاور الورشة

وكانت الورشة افتُتحت بكلمة للوزيرة عناب لفتت خلالها إلى أنّ «الزيارة اليوم قد نظمت من قبل وزارة السياحة والتنشيط السياحي الأردني». وقالت: «الحركة السياحية البينية يمكن لها أن تكون أفضل بكثير فيما لو تم التعريف بالإمكانات السياحية بين بلدينا بطريقة جيدة، والمسافة قريبة جداً بين بلدينا، حيث هناك فرص عديدة يمكن استغلالها، وهذه الزيارة هدفها التركيز على تنشيط السياحة الدينية وقد لقينا تجاوباً كبيرا في لبنان حول هذا الأمر، وكان لغبطة البطريرك بشارة الراعي اهتماماً كبيراً بهذا الموضوع».

وأضافت: «نحن لسنا بحاجة لاتفاقيات لنتعاون مع بعضنا البعض، ونعمل معاً من أجل رسم استراتيجية لتحفيز السياحة بالاستفادة من خبراتنا المشتركة وتأهيل كلّ الإمكانات والترويج لكلّ أنواع السياحة الدينية وسياحة المغامرات وغيرها من النشاطات السياحية».

وتمنّت على مكاتب السياحة والسفر «اتباع برامج مميزة تنشط التبادل السياحي» بين البلدين، إضافة إلى «تقديم الفنادق خدمات جاذبة على المستويات كافة».

وقالت: «عندما يأتي اللبناني إلى الأردن يأتي إلى بلده الثاني ونحن نشعر بوجودنا في لبنان أننا في بلدنا وبين أهلنا».

علوان

ثم تحدث علوان لافتاً إلى أنّ «لبنان بلد الحج والسياحة الدينية ولأنّ لبنان هو بلد القداسة والعيش المشترك، فقد غدا بلد الحج والسياحة الدينية بامتياز. وإننا نميز بين الحج والسياحة الدينية في مفهومنا العلمي للأشياء. فالحج هو مسيرة تقوية نحو الأماكن المقدسة يقوم بها المؤمن للتبرك والصلاة وإيفاء النذور. والحج لا يتأثر بالظروف السياسية والأمنية والاقتصادية وهو نوع من السياحة التي تقوم في معظمها على أبناء الوطن وعلى المنتشرين من اللبنانيين. أما السياحة الدينية فهي زيارة للأماكن المقدسة بداعي الفضول الديني أو العلمي والرغبة في الاطّلاع والتعرف على الأماكن التي زارها السيد المسيح أو التي عاش فيها القديسون. وهي تتأثر كسواها بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية».

ولفت إلى «أنّ هناك نوعاً ثالثاً من السياحة الدينية، إذا صح التعبير، وهو الاحتفالات بالأعياد الدينية التي تقام في الرعايا بمناسبة عيد شفيع القرية أو المدينة، وخلال أسبوع كامل في بعض الأحيان، يتم خلالها التوافد إلى المكان من أجل الصلاة وأيضاً للإقامة والأكل وتمضية أوقات ترفيه. وهذا النوع من السياحة ينعكس إيجاباً على تحريك العجلة الاقتصادية وتنمية الأرياف، إذا ما عرفنا أنّ في لبنان 678 شفيع قرية و1927 كنيسة موزعة في 929 بلدة أو قرية هذا الإحصاء يستنثني مناطق بيروت .

وقال: «من هنا أهمية تكاتف الأيدي في هذا المرفق السياحي الذي لا يستهان به إذا ما عرفنا كيفية تنميته والعمل على تطويره. انطلاقاً من هذه الحاجات، كانت فكرة انشاء جمعية تنمية الحج والسياحة الدينية».

وناشد وزارة السياحة اللبنانية والمعنيين «الإيعاز إلى الأمن العام والسفارات اللبنانية تسهيل الحصول على تأشيرة الدخول إلى لبنان ومعاملات السفر، والعمل على ترميم المواقع الدينية الأثرية المهملة وتأمين المتطلبات اللوجستية لتسهيل الوصول إليها، وإيلاء الحج والسياحة الدينية الاهتمام اللازم بتنظيم مشغل علمي حول واقع هذا القطاع في لبنان لوضع الاستراتيجيات المستقبلية».

مكجيان

ثم كانت شروحات لمساعد مدير موقع المغطس السياحي في الأردن المهندس رستم مكجيان مستعيناً بالخرائط والصور، إذ أشار إلى مختلف المواقع الدينية السياحية والزيارات التي قام بها أربعة باباوات روما إلى الأردن.

تلى ذلك حفل عشاء أقامته عناب، بحضور وزير السياحة أواديس كيدانيان وحشد من الشخصيات الإعلامية والاقتصادية وأصحاب الفنادق ووكالات السياحة والسفر.

وكانت عناب زارت والوفد المرافق مزار سيدة لبنان في بلدة حريصا وجالت في أرجاء المزار والبازيليك واستعمت إلى شرح تفصيلي عن تاريخ هذه الأمكنة المقدسة، حيث وقّع البابا يوحنا بولس الثاني الإرشاد الرسولي في البازيليك أثناء زيارته إلى لبنان.

كما زارت دير مار مارون في عنايا في جبيل حيث ضريح القديس شربل وكان في استقبالها رئيس الدير الأباتي طنوس نعمة وجمهور كبير من زوار الدير.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى