هل يُطيح التدخّل الجنبلاطي الإيجابيّة الحريريّة؟

هتاف دهام

اعتبر رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن رواية صحيفة «الأخبار» (الحريري يعرض «المقايضة الكبرى»: النسبية مقابل رئاسة الحكومة) في عددها يوم أول أمس، نصفها صحيح لناحية استعداد الرئيس سعد الحريري للموافقة على النظام النسبي، في حين أنّ «الأستاذ» نفى الشق الثاني القائل إنّ رئيس تيار المستقبل ربط ذلك بضمانات على رئاسة الحكومة.

يتمّ التداول بأنّ رئيس التيار الأزرق أبدى الاستعداد لدراسة النسبية. ويذهب البعض إلى القول إنه أبدى الاستعداد للموافقة على النسبية.

يبدو أنّ من ربط الموقف الإيجابي «الحريري» من النسبية، بشرط أن ينال ضمانات في ما يتعلق برئاسة الحكومة لمرة ثانية خلال ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون مبنيّ على تحليل، يأخذ بعين الاعتبار المداولات التي جرت بين «المستقبل» والتيار الوطني الحر قبل الانتخابات الرئاسية.

الأكيد، وفق قطب بارز لـ«البناء» أنّ موقف «الشيخ سعد» من النظام النسبي ينمّ عن تحوّلٍ في حساباته الانتخابية، إذ أنه لم يعد في موقع ترتيب الأولويات الانتخابية على قاعدة النتائج السياسية الكبرى التي سيخرج بها قانون الانتخاب بمعنى، بماذا سيحوز فريق 8 آذار وبماذا سيحوز فريق 14 آذار؟

باتت أولويات الحريري تقوم على إعادة إمساكه بالساحة السنية التي تشكل ركيزة دوره السياسي والمنصة التي ينطلق منها في العودة إلى رئاسة الحكومة. فهو يعتبر أنّ ثمة خلط أوراق جديّاً في التحالفات، ولا يمكن تجاوزه، وأنّ من لا يزال يقيم حساباته على قاعدة 8 و14 آذار لا يفهم حقيقة ما حصل مع إنهاء أزمة الشغور الرئاسي وما بعدها.

إنّ التحدي الأكبر لرئيس الحكومة الآن ليس حصة 8 آذار وعديد المقاعد التي سيجنيها حزب الله وحركة أمل وحلفاؤهما، إنما المواجهة في الشمال مع رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ووزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي والنائب خالد الضاهر.

في هذا السياق، يمكن فهم الحديث عن استعداد رئيس التيار الأزرق لبحث خيارات كالنسبية الكاملة لم تكن واردة في حساباته من قبل، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ الخيارات الأخرى جميعها إشكاليّة له.

يبقى أنّ عقدة هذا الخيار تكمن في موقف رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي يلقى رعاية خاصة من الرئيسين بري والحريري.

وعلى ضوء هذا المشهد، يُطرح سؤال كيف سيتمّ تجاوز العقدة الجنبلاطية؟

هل ستفرض القوى الكبرى في حال اتفاقها أمراً واقعاً على رئيس التقدمي الاشتراكي؟ مع العلم أنّ المقرّبين من «بك كليمنصو» (مسؤولين ورجال دين )هدّدوا بمنع صناديق الاقتراع من دخول الجبل من دير العشائر إلى نيحا ومن كفرسلوان إلى باتر، إذا لم تؤخذ إشكالية المختارة بعين الاعتبار. أم أنّ العقدة «الجنبلاطية» ستنسف طرح النسبية الكاملة وتفرض العودة إلى المختلط؟

قبل أن يباغته ما ليس في حسبانه، كما بوغت بالمبادرة الحريرية التي انتهت إلى انتخاب العماد عون رئيساً، سارع جنبلاط أمس إلى السراي للقاء رئيس الحكومة، والاستفسار منه عما يتمّ التداول به حول قبوله النسبية. أكد جنبلاط وتعبيرات القلق على وجهه، «أننا نتقدّم إلى شيء من المختلط، والقضية ليست قضية عدد نواب بالنسبة لنا، بل تأكيد على الشراكة مع «القوات» و»التيار» و»الكتائب» وحزب الله وحركة أمل والجميع».

وتؤكد مصادر قيادية في التقدمي الاشتراكي لـ البناء أنّ لقاء السراي كان محدّداً مسبقاً، ولا علاقة له بما نسب للرئيس الحريري عن مقايضة النسبية مقابل الحصول على ضمانات بقائه في رئاسة الحكومة. وتقول المصادر نفسها «لا تقدّم في النقاشات الانتخابية. الأمور عادت إلى نقطة الصفر، وبالتالي لا قانون انتخاب في الوقت الراهن، والاتجاه نحو تمديد تقني، ستكون مبرّراته عدم الاتفاق لحين إيجاد تسوية سياسية». وتستطرد المصادر «التسوية شبه مستحيلة في ظلّ مناخات سياسية تريد العودة إلى ما قبل الطائف».

في السياق، يُتوقع أن يشهد الأسبوع المقبل عودة إلى نقاش القانون الانتخابي، علماً أنّ ما يجري حالياً هو اتصالات ثنائية وثلاثية لا يفصح عنها إعلامياً وتطرح فيها بعض الأفكار الانتخابية الأساسية لكنها لا تناقش مشاريع أو اقتراحات مكتملة.

ويوضح رئيس المجلس، بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» أنه يتبنّى إحالة النقاش في قانون الانتخاب إلى مجلس الوزراء بهدف إقراره بنسبة الثلثين وإحالته من ثم إلى مجلس النواب كي تعقد له اجتماعات مفتوحة في اللجان المشتركة.

يرفض بري، فكرة التصويت على المشاريع والاقتراحات الانتخابية في ساحة النجمة من دون اعتماد آلية إحالة الحكومة، المشروع الذي تتفق عليه، إلى البرلمان. ينتقد بري أولئك الذين يستسهلون الكلام عن الفراغ، لأنّ الفراغ بالنسبة إليه انهيار لكلّ شيء.

تجري محاولة جدية وربما تكون الأخيرة للتوصل إلى قانون. قانون سيكون جوجلة لخلاصات المرحلة الماضية يمثل الحدّ الأدنى من مصالح الجميع ويقدّم عنصراً تغييرياً ولو نسبي.

فهل تنجح؟

وفق المعنيين. احتمالات التمديد التقني واردة. لكن المبرّرات لم تستوف بعد «المواصفات» المطلوبة. ويرجّح قطب بارز إذا تعذر الاتفاق على قانون جديد، إجراء الانتخابات وفق الستين، على التمديد، ويرجّح التمديد على الفراغ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى