كيف تقرأ واشنطن: تدمر وتادف والرقة؟

ناصر قنديل

– نتج عن التواصل الروسي الأميركي الذي أعقب غارات روسية سورية على تلال شمال شرق مدينة تادف التي دخلها الجيش السوري وحلفاؤه ويتقدّم منها صعوداً نحو الشمال بعد تخطّيه نقاط انتشار الجيش التركي في مدينة الباب، ما أثار قلقاً أميركياً لقربها من مناطق انتنشار قوات يدرّبها الأميركيون، تفاهمٌ أفضى بعد بيانات اتهام ونفي متبادلة إلى تعاون روسي أميركي لمنع أي حادث عائد لنقص التنسيق بين الجيش السوري وحلفائه من جهة والوحدات العاملة تحت المظلة الأميركية أو قوات سورية الديمقراطية ولجان الحماية الكردية من جهة أخرى.

– عبّر الأميركيون، كما تقول مصادر متابعة ومعنية عن دهشتهم لسرعة تقدّم الجيش السوري وحلفائه ومهنيّتهم العالية عسكرياً وخططهم الاستراتيجية بتوقيت ذكي لمعارك الشمال ومعركة تدمر ووصفوا طوق تدمر وتادف على الرقة، بمعادلة دخول عملية إلى معركة الرقة من جانب الجيش السوري لم يعُد ممكناً تفاديه خلالها كشريك، وكيف أن هذا الجيش الذي يقاتل على عشرات الجبهات المنتشرة منذ سنوات على الجغرافيا السورية لا يزال يملك هذه الكفاءات والقدرات والحيوية والقدرة على وضع الخطط المرتبطة برؤى استراتيجية وليست مجرد محاكاة انفعالية لواقع الميدان دفاعاً وهجوماً.

– تقول القيادات الكردية المعنية بمعركة الرقة بالتنسيق مع الأميركيين أن التعقيدات الفنية والعملية والبشرية التي تعترض طريق هذه المعركة بنظر الأميركيين كانت مبرّر الأميركيين لعرض التعاون مع تركيا، وأن الأكراد رفضوا هذا التعاون وطلبوا موقفاً أميركياً حاسماً، خصوصاً لجهة عدم استعداد الأكراد لمغادرة منبج، وحصلوا على تعهّد أميركي واضح ترجم بنشر وحدات أميركية هناك تقارب ثلاثمئة جندي، ولبّوا طلباً كردياً بصواريخ مضادة للطائرات يعرف الأميركيون انها ستستخدم ضد الطائرات التركية في حال تعرّض الأكراد لمخاطر مواجهات جديدة. وينفي القادة الأكراد فرضية التوصل لتفاهم ثلاثي كردي تركي برعاية أميركية لضمان معركة الرقة، كما ينفون بشدة ما يُشاع عن نجاح محادثات مدير المخابرات الأميركية في أنقرة حول هذا الشأن، ويصفون معركة الباب من الجانب التركي بالفخ الذي نصبه الجيش السوري وتركهم يعلقون فيه ليغلق عليهم طريق الباب إلى الرقة عبر منبج. ويضيف القادة الأكراد أنه إذا وصلت الأمور لساعة صفر وكان يجب اختيار قوة حليفة تشارك معركة الرقة، فهم سيبلغون الأميركيين أنهم يفضلون التعاون مع الجيش السوري ضمن تعاون روسي أميركي على أي قبول بالدور التركي.

– دخول الجيش السوري وحلفائه إلى قلعة تدمر وتقدّمه منها لإحكام السيطرة على المدينة، يجعله على بوابتي الرقة ودير الزور، ومع دخوله مدينة السخنة في وقت لاحق ستلتقي قواته التي وصلت تادف بقواته الصاعدة من تدمر شمالاً، وتصير الرقة بين فكّي كماشة، الجيش السوري جنوباً وغرباً والأكراد شرقاً وشمالاً، ومثلها تصير دير الزور بين الجيش السوري غرباً وجنوباً والأكراد شمالاً والحشد الشعبي العراقي شرقاً، ويصير الأتراك عملياً أمام خيارات صعبة لفرض حضورهم، بحجم تحدّي عملية اجتياح عسكري لمناطق سيطرة الأكراد، وهو أمر مستحيل في ظل التغطية والوجود الأميركيين، ويصير الأميركيون أمام تحدّي خوض معارك صغيرة غير مضمونة ومعرضة للفشل، أو الرضوخ للحاجة الميداينة والتعاون مع الجيش السوري بعدما صار مسمّى الجيش الحر مجرد ظل للجيش التركي بعد معارك حلب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى