نتنياهو الخميس وأردوغان الجمعة يحملان لبوتين همومهما السورية السلسلة بين السرعة السياسية والتأني التشريعي… والتعيينات أولاً

كتب المحرّر السياسي

كشفت الاختبارات العملية التي تعرضت لها إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، عدم تناسب التصريحات الصاخبة لرئيسها مع قدرة تحويلها أفعالاً، فكما فرضت مقتضيات الحرب في العراق إعادة النظر بشمول العراقيين بقرار حظر السفر إلى أميركا، اقتضى عدم مجاراة إيران بالتصعيد تراجع السفينة الأميركية «يو اس أس» أمام الزوارق الإيرانية في مضيق هرمز، واقتضت الخيارات الصعبة في منبج وسط تصادم الحليفين التركي والكردي قبول انتشار الجيش السوري.

موسكو المرتاحة لهذه الاختبارات مرتاحة لمتانة حلفها مع إيران التي يزورها رئيسها الشيخ حسن روحاني بعدما تكون فرغت موسكو من سماع الهموم السورية لكل من الرئيس التركي رجب أردوغان ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وهي هموم مشبعة بالقلق من إيران وقوى المقاومة.

أردوغان سيكون أمام الخيارات الصعبة بعد منبج وتسارع إيقاع التقرّب من الرقة التي يبدو التعاون بين الجيش السوري والأكراد عنواناً لمعركتها يحظى بمباركة روسية وعدم ممانعة أميركية، بعد الفشل التركي في كسب ثقة الأميركيين والروس، بسبب التقلبات والانقلاب على العهود، وسيحاول أردوغان استعادة الثقة الروسية بتقديم اوراق اعتماد جديدة لدعم العملية السياسية في سورية ومسار أستانة، ولكن هذه المرة يبدو من أجواء موسكو أن الثمن يجب أن يسدّد نقداً لا بالوعود، وربما يكون على شكل التطبيع مع الدولة السورية بعد إشارات منبج، والإصرار التركي على اعتبار الطيار السوري الذي هبط بمظلته في الأراضي التركية بعد إسقاط طائرته، ضيفاً وليس أسيراً أو معتقلاً.

عقدة نتنياهو هي الأصعب وقد صرّح أمام وزرائه أنه سيفتح مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هاجس «إسرائيل» الكبير من تغلغل إيراني جنوب سورية لا تستطيع حكومته تحمّل وجوده، حاملاً سلة مقترحات تتصل بإحياء صيغة فك الاشتباك برعاية الأمم المتحدة على حدود الجولان، بينما تلمح الأوساط العسكرية «الإسرائيلية» بإمكانية اللجوء لعمل عسكري معين هناك تحت شعار إبعاد من تصفهم بجماعات إيران وحزب الله لعمق ستين كليومتراً عن خط الحدود، وصولاً لجنوب العاصمة دمشق.

لبنانياً، تبدو الموازنة موضوعاً سينال من طريق قانون الانتخاب أكثر مما توقّع له السياسيون، فالسرعة السياسية لإنجاز الموازنة بدأت تصطدم بأرقام تحتاج للتأني التشريعي لإنجاز جداولها ومقارناتها تفادياً لأزمات مواجهات ما بعد الإقرار. وهذا ما بدا أنه محور مناقشات اللجان النيابية التي ستمتد أبعد من التقديرات، خصوصاً بشأن سلسلة الرتب والرواتب ومطابقتها مع معايير العدالة بين القطاعات وفئاتها من جهة، ومطابقة نفقاتها بموارد تمويلها من جهة أخرى.

على ضفة موازية تبدو التعيينات كسلة للمناصب العسكرية والأمنية والقضائية قد سلكت طريقها للإقرار غداً في جلسة مجلس الوزراء، وبدأت اللقاءات البروتوكولية لوداع قائد الجيش جان قهوجي من السراي بإشادة رئيس الحكومة سعد الحريري بأدائه وأداء المؤسسة.

الحكومة تُنهي التعيينات غداً

يُنهي مجلس الوزراء يوم غدٍ ملف التعيينات الأمنية والعسكرية والقضائية الذي حالت الخلافات السياسية دون إنجازه في حكومة الرئيس تمام سلام، والذي أدى يومها الى أزمة حكومية وتعليق بعض الوزراء حضورهم الجلسات.

وفي جلسة يعقدها مجلس الوزراء يوم غد الأربعاء في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يقرّ خلالها سلّة التعيينات التي قالت مصادر وزاية لـ«البناء» إنها نضجت وتمّ التفاهم على التعيين في المواقع والأشخاص المناسبين لها، وتشمل السلة قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي وجهازي الأمن العام وأمن الدولة والمجلس الأعلى للجمارك وأمين عام المجلس الأعلى للدفاع ورئيس هيئة التفتيش القضائي ومفوض الحكومة لدى مجلس شورى الدولة.

وبحسب ما علمت «البناء»، فقد حسم تعيين العميد جوزيف عون قائداً للجيش مكان العماد جان قهوجي والعميد عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي مكان اللواء ابراهيم بصبوص والإبقاء على اللواء عباس ابراهيم في منصبه في الأمن العام بصفة مدنية بعد تقديم استقالته من السلك العسكري، كما سيتمّ تعيين العميد طوني صليبا مديراً عاماً لأمن الدولة، والعميد سمير سنان نائباً له.

وأعلن وزير المال علي حسن خليل أنه «سيتم تعيين المجلس الأعلى للجمارك وسنحلّ وضع جهاز أمن الدولة من خلال تعيين مدير عام ونائب له يوم جلسة الأربعاء».

.. ولقاءات وداعية في السراي

وعشية التعيينات، وفي لقاءات وداعية للقادة الأمنيين والعسكريين تقديراً لجهودهم، استقبل رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الحكومي العماد قهوجي، وأثنى على «جهوده الدؤوبة التي بذلها طوال فترة توليه المسؤولية في المرحلة الصعبة والدقيقة التي مرت على لبنان وتجنيب الوطن نيران الحروب والأزمات المشتعلة في المنطقة». كما استقبل الحريري اللواء بصبوص، منوّهاً بـ«الدور المهم والاستثنائي الذي قام به في تحمّل المسؤولية في أدق المراحل وأصعبها والحفاظ على أمن المواطنين واستقرارهم وملاحقة الشبكات الإجرامية والمخلين بالقانون في لبنان كله». والتقى الحريري تباعاً كلاً من اللواءين ابراهيم وقرعة، مشيداً بدوريهما في «المحافظة على الأمن والاستقرار وتسهيل أمور المواطنين».

.. والموازنة الجمعة

واستكمل مجلس الوزراء أمس في جلسة عادية عقدها في السراي الحكومي برئاسة الحريري، البحث في ملف الموازنة، وناقش نفقات الوزارات واستعرض البنود الضريبية، وقال مصدر وزاري لـ«البناء» إن «الموازنة تحتاج الى جلسة أو جلستين للنقاش قبل إقرارها وإحالتها الى المجلس النيابي، لكن هناك شبه اتفاق بين مكوّنات الحكومة على إنجازها ولا عقبات مستعصية أمام ذلك»، ولفت الى «أننا حققنا تقدماً في الجلسة وتمت إعادة البحث بالبنود الضريبية وهناك انقسام بين الوزراء حولها ولم ننته من دراستها»، وأوضح أن «هناك بعض الوزارات لا تحتاج الى نقاش طويل، لأن نفقاتها وواراتها معروفة ومحددة»، ورجّح المصدر أن «تقر الموازنة في جلسة الجمعة المقبل».

وبعد الجلسة، أكد وزير الثقافة غطاس خوري «أن المجلس أقر البند الأول من الموازنة كلياً، ثم انتقل البحث الى أبواب الموازنة المتعلقة بالوزارات المختصة وتمّت مناقشة موازنات بعض الوزارات بالتسلسل والموافقة عليها، وما زال المجلس بحاجة لمناقشة بقية الموازنات، ولكننا أنجزنا قسماً كبيراً من المشروع ولن تحتاج الى كثير من الوقت وتكون الموازنة قد أصبحت جاهزة كلياً».

وعن إيرادات الموازنة، أوضح خوري أنه «تم إقرار الجزء الأول من الموازنة والذي يتضمّن ايضاً تعديلات في بعض البنود كالإيرادات، لكن في موضوع الضرائب، فغالبية ما كنّا نتكلم عنه هو ضمن إقرار سلسلة الرتب والرواتب في المجلس النيابي، وهذا الأمر متروك للمجلس النيابي وهناك نقاش فيه».

.. واللجان تستكمل بحث السلسلة اليوم

وفي موازاة جلسات الحكومة حول الموازنة، عقدت اللجان النيابية المشتركة جلستها أمس، برئاسة نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، لمتابعة درس سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام، وبعد مناقشات عامة تناولت موضوع الموازنة وإيرادات السلسلة أكد مكاري «ضرورة البدء بدرس سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام بحسب نص الدعوة الى هذه الجلسة».

وأقرّت اللجان من المواد المعلقة المادة السادسة وظلت المادة الثانية معلقة.

وفي حين رفعت اللجان جلستها إلى اليوم لاستكمال البحث بالسلسلة، أكدت مصادر اللجنة لـ«البناء» أن «العمل جارٍ من خلال جلسات مكثفة ستعقدها اللجان لإحالة السلسلة قبل 15 الشهر الى الهيئة العامة»، ولم تحدّد المصادر مصيرها في الهيئة العامة، متوقعة أن «تأخذ أكثر من جلسة لبتها».

وأكدت مصادر نيابية مستقبلية لـ«البناء» أن «السلسلة حق مكتسب للأساتذة وموظفي القطاع العام ولا مشكلة لدى المستقبل بإقرارها، لكن وفق آلية معينة وأن تترافق مع تأمين إيراداتها وبعض الإصلاحات في الإدارة»، لكن المصادر أبدت استغرابها إزاء ربط رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل الموازنة بقانون الانتخاب، مشيرة الى أن «ذلك من شأنه أن يعطّل إقرار الموازنة في المجلس النيابي ويعرقل السياسة المالية والاقتصادية للحكومة وبالتالي يعطّل السلسلة ويضرّ بمصلحة مليون موظف».

وأوضح النائب كنعان بعد الجلسة أن «تعليق المادة الثانية جاء على خلفية الجداول الجديدة التي بين أيدينا وهي تعود إلى عام 2014، وهناك تطوّر في الإدارة والجيش والمعلمين. وقد طلبنا من وزارة المال تزويد اللجان لائحة جديدة تتضمّن جدولاً جديداً للبحث فيه والتصويت عليه في الجلسات المقبلة، ووضع الجدول أمام اللجان يشكل خطوة مهمة الى الأمام».

وفي تصريح له شدّد الوزير خليل على أن «لا شيء يجب أن يجعلنا نتراجع عن إقرار السلسلة فهي حق للموظفين العاملين في الإدارة والمؤسسات العسكرية، ويجب أن تتم مناقشتها والأخذ بعين الاعتبار التداعيات التي تحصل بشكل جدّي، ومن هنا أدعو إلى مواكبة إقرار السلسلة مع إجراءات وزارة الاقتصاد للحفاظ على مستوى الأسعار حتى لا يحصل استغلال لهؤلاء»، مضيفاً أن «هناك عملاً على خطوط متوازنة، والموازنة قد نضجت وأنا متفائل بالوصول الى تفاهم حول هذه المسألة».

وعلى إيقاع جلسات اللجان، نفّذ أساتذة التعليم الثانوي اعتصاماً حاشداً في رياض الصلح، وحذرت الهيئة الإدارية لرابطة الأساتذة المسؤولين من المماطلة والتسويف في إقرار مطالب أساتذة التعليم الثانوي، وتحمّلهم مسؤولية ونتائج قرار الرابطة بإعلان الإضراب المفتوح.

.. والقانون يراوح مكانه

وفي غضون ذلك يراوح قانون الانتخاب مكانه مع تقدم ملفي الموازنة والتعيينات، ولا تقدّم جدي بانتظار الاتصالات التي من المفترض أن تبدأ هذا الأسبوع، وقالت مصادر مستقبلية لـ«البناء» إن «المفاوضات والتوصل الى قانون انتخاب جديد مرتبط بالإرادة السياسية للاطراف والتي يجب عليها التنازل عن مصالحها الانتخابية والسياسية»، ولفتت إلى أن «المستقبل منفتحة على الصيغ كافة»، ونفت المصادر أن يكون الرئيس الحريري قد «أعلن موافقته على النسبية الكاملة بشكلٍ رسمي أو تحدّث في تفاصيل الدوائر والتقسيمات».

سلمان في لبنان؟

على صعيد آخر، وفيما تردّدت معلومات عن امتعاضٍ سعودي حيال مواقف الرئيس ميشال عون الداعمة والمؤيدة لحزب الله وسلاح المقاومة، أفادت قناة الـ«OTV» أن «السلطات اللبنانية تلقت في اليومين الماضيين كتاباً رسمياً من الرياض يؤكد أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وافق على تلبية دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون لزيارة بيروت».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى