أيتام فيلتمان مَن يتبنّاهم؟

ناصر قنديل

– أثار الكلام الصادر عن السفيرة الأميركية في لبنان بشكل غير رسمي تعليقاً على الكلام الرسمي لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون المتمسّك بدور سلاح المقاومة، تساؤلات عن احتمالات التصعيد الأميركي تداولتها الأوساط السياسية المنتمية للرابع عشر من آذار، خصوصاً في تيار المستقبل والقوات اللبنانية، وصلت حدّ الحديث عن وقف سفر الرعايا الأميركيين إلى لبنان وإدراج لبنان على لائحة حظر السفر إلى أميركا ووقف التعاون مع الجيش اللبناني، مستندة إلى المكانة الخاصة التي توليها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأمن «إسرائيل» والعلاقة معها.

– أن تُصنّف أميركا حزب الله على لوائحها الخاصة بالإرهاب ليس جديداً، وأن تعتبره خصماً شرساً في رؤيتها لمصالحها في المنطقة، فهذا اعتراف في مكانه، وأن تبذل مع الإدارة الجديدة كلّ ما تستطيع كي تضغط على الدولة اللبنانية لعدم تغطية سلاح المقاومة ضمن مفهوم الدعم الأميركي لـ«إسرائيل»، فذلك ما كان وما هو كائن وما سيكون، وأن تضع واشنطن ثقلَها لمقايضة روسيا لأيّ تعاون في سورية بعدم السماح بتحقيق إيران لمكاسب تؤذي «إسرائيل» والقصد السعي لإبعاد حزب الله عن النجاح في تمكين وتمتين بنية المقاومة لمرحلة ما بعد استقرار سورية، فذلك هو قانون الصراع.

– السؤال يدور في مكان آخر، وهو هل سترفع واشنطن وتيرة الضغوط لحساب رؤيتها العدائية للمقاومة والمهتمّة بصورة حيوية بأمن «إسرائيل»، لدرجة تعرّض لبنان للاهتزاز بسبب موقف رئيسه المتمسك بالمقاومة وسلاحها؟ وهل كانت هذه المواقف غائبة عن واشنطن قبل انتخابه؟ وهل واشنطن تعتبر استقرار لبنان ثانوياً والحرب على الإرهاب، خصوصاً داعش، شأناً ثانوياً أيضاً، وهي مستعدة للتضحية بهما، وتجميد هذه الحرب واعتبارها مجرد منصة للمساومات في الحرب على حزب الله، التي تتقدّم كأولوية؟ وهل واشنطن وإسرائيل بالتالي، في وضعية التصعيد نحو الحرب؟ والأهم من كل ذلك وبناء عليه، هل غامر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برفع سقف موقفه المتمسك بالمقاومة وسلاحها، وكان بمستطاعه القول إنّ السلاح شأن فوق طاقة الدولة على معالجته خارج حوار وطني شامل بدأ وسيستمر حتى بلوغ نتائج وفقاً للغة الرئيس السابق ميشال سليمان، ولعل هذا ما قصد بلوغه المتسائلون بغير براءة عن مقاصد كلام السفيرة الأميركية؟

– يأتي كلام معاون الأمين للأمم المتحدة جيفري فيلتمان الذي لم يكفّ عن كونه الأشدّ تعبيراً بأمانة عن مواقف الإدارات الأميركية المتعاقبة تجاه سلاح حزب الله ودوره المقاوم، ليقول ببساطة إنه لو كان لدى واشنطن روزنامة تصعيد، فأول منابر التحرّك ستكون الأمم المتحدة عبر بوابة لجان تطبيق القرار 1701 وربطه بالقرار 1559، وفيلتمان هو اللاعب الحاسم الذي يمتلك كلمة السر في العنوانين، فإذ بفيلتمان يخرج ليقول إنّ في لبنان معجزة قوامها أنّ وجود سلاح وازن بيد فئة وازنة خارج الدولة، هو حزب الله، وبجوار وتداخل مع أزمة وحرب بحجم ما يجري في سورية، لم يزعزع استقرار لبنان. وهذا الكلام عكس ما يُنتظر من فيلتمان عراب القرارات المعادية والحملات المعادية لحزب الله وسلاحه، وهو عكس السير بالدعوة لتنظيم حملات استهداف وتضييق أممية على لبنان ومن خلاله على حزب الله تحت عنوان السلاح، طالما أنّ هذا السلاح أثبت أهليته بعدم تحوّله عاملاً يزعزع الاستقرار، لا بل إن كلام فيلتمان يمنح كلام رئيس الجمهورية مشروعية وصدقية بوجه الكلام المتداول عن لسان السفيرة الأميركية، لأنّ أبرز ما قاله الرئيس كان أنّ هذا السلاح لا يشكل سبباً لزعزعة الاستقرار.

– كلام فيلتمان يفضح المتسائلين بـ«براءة» ويجعلهم لقطاء فيلتمان، بعدما كانوا أيتامه، وتخلّى فيلتمان عن أبوّتهم، وصاروا أميركيين أكثر من الأميركيين كي لا نقول أكثر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى