هولندا – تركيا: أردوغان سيتراجع

حميدي العبدالله

عصفت بالعلاقات الهولندية – التركية أزمة جديدة افتعلها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من خلال سعيه لتحويل الدول الأوروبية إلى ساحات للدعاية لنهجه الديكتاتوري.

بعد الألمان قامت هولندا بمنع مسؤولين أتراك بمخاطبة مهرجانات ينظمها أردوغان للحصول على الدعم في استفتاء تعديل الدستور، وحدها فرنسا رضخت لضغوط أردوغان وسمحت بمخاطبة مسؤولين في الحكومة التركية لمهرجانات دعائية لمصلحة أردوغان وتعديل الدستور التركي.

حتى هذه اللحظة تبادلت تركيا وهولندا التحديات، وكما وجه للمسؤولين الألمان تهمة النازية وجه أردوغان للمسؤولين في هولندا التهمة ذاتها، وتبادل الطرفان التهديد بفرض عقوبات على بعضهما البعض.

لكن السؤال من سيربح هذه الحرب، ومن سيتراجع في النهاية، ألمانيا وهولندا أم الرئيس التركي وحكومة حزب العدالة والتنمية؟ لا شك أنّ الأوضاع بشكل عام لا تعمل في مصلحة الرئيس التركي وحكومته. فعلاقات تركيا مع دول الجوار، وتحديداً سورية والعراق واليونان وإيران وأرمينيا في أسوأ أحوالها. والعلاقات التركية الأميركية تشهد توتراً غير مسبوق على خلفية دعم الولايات المتحدة لأكراد سورية ، وتحديداً «وحدات الحماية الكردية» بالسلاح، حيث يعتقد أردوغان أنّ «وحدات الحماية الكردية» هي امتداد لحزب العمال الكردستاني في تركيا، وبالتالي تشكل تهديداً للأمن القومي التركي ووحدة الأراضي التركية.

افتعال أزمة مع بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا وهولندا، سيدفع دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة للوقوف إلى جانب هذين البلدين الأوروبيين بسبب ما تنص عليه قوانين الاتحاد الأوروبي، ومن هنا فإنّ أيّ عقوبات يمكن أن يفرضها أردوغان على هولندا أو ألمانيا، سوف يدفع الدول الأوروبية الـ 28 للردّ بعقوبات مماثلة. وبديهي أنّ مستوى اندماج الاقتصاد التركي بالاقتصاد الأوروبي يجعله في وضع غير قادر على تحمّل نتائج أيّ عقوبات قد تفرضها الدول الأوروبية مجتمعة.

في ضوء هذا الواقع، فإنّ الأزمة مرشحة للبقاء في إطار تبادل الاتهامات والحملات الإعلامية من الآن وحتى إجراء الاستفتاء على تعديل الدستور، لأنّ أردوغان بحاجة إلى معركة مفتعلة لاستقطاب العناصر القومية التركية إلى جانبه، والتصويت لصالح تمرير التعديلات الدستورية، وبعد ذلك سوف يتراجع أردوغان، لأن ليس لديه قدرة على مواصلة المعركة مع الاتحاد الأوروبي أو أيّ دولة من دول الاتحاد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى