دي ميستورا حرّض على التصعيد لتعديل التوازن والجواب سيكون خلال جنيف في الميدان والتفاوض

ناصر قنديل

– ليس لتفجير جبهات القتال في سورية مجرد وظيفة تفاوضية وقد وضعت لها معادلات ممتدة من واشنطن إلى الرياض وتل أبيب وصولاً إلى أنقرة، وصارت حرب وجود بالنسبة لجبهة النصرة التي تقود الحرب ويلتحق بها بإمرة أسيادهم المشاركون في التفاوض، بشقيه الأمني في أستانة والسياسي في جنيف، لكن الأكيد أن التصعيد الذي تشهده سورية بمبادرة من جبهة النصرة وبتغطية وشراكة سياسية وعسكرية من المشاركين في جنيف عن مقاعد المعارضة سيكون الحاضر الأول في جنيف.

– ليس خافياً أن ثلاثية المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا للتفاوض استثنت بند الإرهاب الذي أصرّ الوفد السوري الرسمي على إضافته بنداً رئيسياً، كما ليس خافياً أن نجاح الوفد السوري بدعم روسي في فرض هذا البند عطفاً على اتهامه مشاركين في جنيف بالإرهاب واشتراطه حسم مصيرهم بين معسكري الإرهاب وأعدائه للانضمام إلى المسار التفاوضي الجدي، قد تمّ بقوة ما تم إنجازه في معارك حلب التي شكلت هزيمة مدوية لمشروع الحرب على سورية.

– تواطأ دي ميستورا بقدر ما تتيح موازين القوى لتخديم جماعة الرياض، وحاول التمادي على بنود التفاوض التي حصرها القرار الأممي 2254 بالسوريين، عبر ترويج صيغ للشق الداخلي من حلول تفاوضية تخدم المشروع المعادي لسورية فاستحق رفض دمشق لاستقباله، لكن دي ميستورا لم يكن الوحيد صاحب النصيحة لجماعة الرياض والفصائل بضرورة تغيير موازين القوى قبل جولة جنيف الجديدة وإلا سيكون وضعهم التفاوضي صعباً، وهو مَن قال لهم ستشهد الجولة ضغوطاً روسية سورية لضم ممثلي منصات القاهرة وموسكو لوفد موحّد ومعهم ممثلون للأكراد، وسيكون التفاوض في بند الإرهاب قاسياً ومتعباً، وسيكون السقف السياسي الذي يريد الروس أن تخرج به المفاوضات هو حكومة موحّدة في ظل الدستور السوري والرئيس السوري ، ونصيحة دي ميستورا هي المسعى السعودي والنصيحة الأميركية ذاتهما منذ استرداد الجيش السوري والمقاومة مدينة القصير وكلمة وزير الخارجية الأميركية آنذاك جون كيري من الدوحة، لا عودة للتفاوض قبل تعديل التوازن العسكري.

– دمشق ليست بعيدة عن التقاط الرسالة ولا عن حرفية ومهارة إرسال الأجوبة المناسبة، وأولها رفض استقبال دي ميستورا، والتتمة بالتتابع، من معاملة دي ميستورا بصورة باهتة وجافة في جنيف بمحاسبته على النقطة والفاصلة وفقاً للقرار الأممي وقرار تفويضه ومهمته وصلاحياته وضوابطه كموظف أممي، وسيراً بجدول الأعمال بحسم هوية المفاوضين وتأكيد عدم تشابكها بهويات إرهابية، وفقاً لمواقفها من التنظيمات الإرهابية المصنفة أممياً، وليس لاجتهادات متناقضة للأطراف المشاركة. وهنا لا توجد إلا العلاقة بجبهة النصرة، فمن يقاتل معها ومن يتبنّى قتالها لا مكان له على مائدة الحل السياسي، ومَن يتبرأ من حروبها وتفجيراتها وحده الجدير بالتفاوض.

– ستطول جولة جنيف الخامسة بكلام كثير وشروط وبيانات وخطابات، لكن الرد السوري سيكون في الميدان كفيلاً بتغيير المناخ والأجواء، ووضع دي ميستورا ومفاوضي مسميات المعارضة أمام الحائط المسدود والخيارات الصعبة، ومثلما نجح الهجوم المعاكس في مداخل دمشق بحسم سريع، فقد بدأ الهجوم المعاكس في ريف حماة والساعات والأيام المقبلة تتكفّل بالجواب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى