جدوى القمم العربية

حميدي العبدالله

القمة العربية في عمان عاصمة الأردن لا تختلف عن القمم العربية التي عقدت بعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر.

يمكن الاستنتاج بوضوح أنّ جميع القمم العربية التي عقدت منذ آخر قمة عربية ترأسها الرئيس جمال عبد الناصر وعقدت في القاهرة، وكانت مكرّسة لوقف القتال بين المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني، لم يكن وراءها هدف واحد قابل للتنفيذ. جميع القمم التي عقدت كانت تكتفي بإصدار البيانات، والإعلانات، ولكن جميع ما تنص عليه البيانات والإعلان يظلّ حبراً على ورق.

القمم العربية بعد رحيل عبد الناصر، كانت قمماً للكلام وحسب، وبهذا المعنى بات وجودها مبرّراً رمزياً، فهو عاجز عن تحقيق أيّ هدف، سواء كان سلبياً أو إيجابياً. صحيح أنه داخل القمم العربية التي عقدت بعد عبد الناصر كان دائماً هناك تياران داخلها، التيار الأول، حليف الغرب والولايات المتحدة، ويسعى إلى تحقيق أهداف السياسة الأميركية في المنطقة، بما في ذلك حماية الكيان الصهيوني، وترسيخ وجوده على حساب الشعب الفلسطيني، وتعزيز السياسات الغربية الساعية لربط المنطقة العربية بالسياسات الغربية بقيادة الولايات المتحدة، لكن هذا التيار لم ينجح في تحقيق أيّ هدف من الأهداف التي تسعى إليها الحكومات الغربية، اللهم إلا إذا كان المقصود منع النظام العربي من أن يكون داعماً فعلياً للقضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. ولكن ما عدا ذلك لم تحقق القمم العربية لهذا التيار، ما كان يسعى إليه، وحتى قرارات الجامعة العربية والقمم العربية التي استهدفت سورية خلال حرب السنوات الست الماضية لم تكن لها آثار عملية جدية، ومع وجود قرارات القمة العربية أو من دون وجودها كان متوقعاً أن تستمرّ الأوضاع على ما كانت عليه في السنوات الست الماضية، أيّ أنّ قرارات القمم العربية ظلت حبراً على ورق ، وحتى طلبها التدخل الأجنبي في سورية في أعوام 2012 و2013 لم يجد أيّ صدى لـه حتى عند الولايات المتحدة التي اكتفت بالتأييد السياسي لمواقفها من قبل القمم العربية دون الاستجابة لمطلبها التورّط العسكري المباشر في سورية.

طبعاً في المقابل كان من المستحيل على القمم العربية، بعد عبد الناصر أن تقدّم أيّ شيء إيجابي للقضايا العربية، سواء لجهة توطيد التعاون بين الدول العربية في كافة المجالات، أو لجهة نصرة القضايا العربية في المحافل الدولية، وفي مقدمة هذه القضايا، القضية الفلسطينية.

بهذا المعنى، القمم العربية لا جدوى منها على امتداد حوالي خمسة عقود، وبالتالي هذه المؤسسة شاخت وتحتاج إلى الإصلاح أو الدفن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى