النسبية الكاملة بدوائر متوسطة… أو العودة إلى «الستين»

هتاف دهام

مَن يحضر لقاء الأربعاء النيابي يشعر أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري على خصام عميق مع صيغة التأهيل الطائفي التي كان قد أطلق فكرتها الأولى على قاعدة نسبة الـ 10 قبل أن يتلقفها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ويحوّلها صيغة متشدّدة طائفياً.

يبدو دولته مشغولاً في التفكير بالنسبية الكاملة. فهو يعتبرها الحلّ الوحيد المتبقي. يرى رئيس البرلمان أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حال إعلانه عن تبنّيه النسبية الكاملة سيحوز المجدّ كله، خاصة أنه أشبع أدبياته قبل الرئاسة في الدعوة إلى تطبيق النسبية الكاملة لتحقيق صحة التمثيل وعدالته، وبعد الرئاسة بالدعوة إلى الانتقال من الطائفية السياسية إلى المواطنة الحقيقية.

من ناحية أخرى، لفت نظر الرئيس بري ما نقله زوار رئيس الجمهورية عنه في اليومين الماضيين عن استعداده لتبني النسبية الكاملة، وما نقلته مصادر تيار المستقبل استعداد الرئيس سعد الحريري من جهته السير بالنسبية الكاملة مع المحافظات الست.

إذا ما أخذ بعين الاعتبار الاعتراضان الجنبلاطي والقواتي على مشروع الوزير باسيل التأهيلي، فضلاً عن الاعتراضات الأخرى المباشرة وغير المباشرة، يمكن القول إنّ مشروع الوزير العوني في حالة نزاع.

ينقل البعض عن حزب القوات اللبنانية أنّ الدكتور سمير جعجع أبلغ باسيل أنّ لديه سبع ملاحظات على مشروعه. منها ملاحظات تعجيزية تقوم على الدعوة إلى نقل 5 مقاعد مسيحية من مناطق إلى أخرى، كمناطق البقاع الشمالي، بيروت الثالثة، وطرابلس.

وعليه، فإنّ صيغة وزير الخارجية الانتخابية أمام معضلة. وبات متعذراً الحديث عن العودة إلى صيغ المختلط التي طُرحت من قبل الرئيس بري (انتخاب 64 نائباً وفق النظام الأكثري و64 نائباً وفق النظام النسبي) ، والثلاثي القواتي، الاشتراكي والمستقبلي (انتخاب 68 نائباً وفق النظام الأكثري و60 نائباً وفق النظام النسبي) ، والوزير باسيل (انتخاب 67 نائباً وفق النظام الأكثري و61 نائباً وفق النظام النسبي) .

لذلك، وفق المطلعين على أجواء النقاشات، تبدو النسبية مع دوائر متوسطة، مع مراعاة الخصوصية الجنبلاطية واعتماد الصوت التفضيلي المقيّد في القضاء هي المخرج الوحيد المتبقي. وإلا فإنّ التمديد واقع لا محالة في 15 أيار المقبل. فهذا الموعد قد يشكل مدخلاً للعودة إلى قانون الستين.

إنّ أوساط القصر الجمهوري التي تكرّر أن ليس هناك فراغ، تقصد، وفق المطلعين، أن الفراغ في حال حصوله، أيّ انتهاء ولاية المجلس في حزيران المقبل، تفرض الذهاب إلى انتخابات نيابية خلال فترة ثلاثة أشهر، وفق القانون النافذ، لأنّ انحلال المجلس النيابي يعطّل إمكانية إنتاج قانون انتخابي جديد.

أما الرئيس بري، فعلى حدّ قوله، يفضّل ستمئة وستين مرة التمديد على الفراغ. فالتمديد بالنسبة إلى «الأستاذ» في حال حصوله، هو إجراء الانتخابات على أساس الستين.

وكما يبدو أنّ جولات المفاوضات الماراتونية التي استهلكت سنوات وشهوراً في لجان تواصل، ولجان رباعية وثلاثية وثنائية، ومشاورات معلنة وغير معلنة بين قوى وأفرقاء، أوصلت إلى مخاض قد يكون منتجاً وقد يكون عقيماً فهل عقمه يُعيدنا إلى الستين برحمة مضاعفة؟ أم أنّ الأقطاب يدخل قبس النسبية الكاملة صدورهم فيؤمنون بها، وتكون الخلاص؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى