شكراً ترامب… ذكّرتنا بتاريخ بلدك الإجرامي

رضا حرب

قبل أيام طالبت حكومة ترامب الطفيلية، بكلّ سفاهة ووقاحة، حكومة بنوم بنه الكمبودية بتسديد ديون بلغت 500 مليون دولار تعود إلى زمن العدوان الأميركي على فيتنام وكمبوديا في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، علماً انّ المبلغ 273 مليون دولار والباقي فوائد. كانت تلك الفترة المعروفة من الحروب الأميركية في تلك المنطقة غنية بالأحداث خصوصاً الجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة، جرائم ضدّ البشرية وجرائم حرب وجرائم إبادة، فضلاً عن استخدام الأسلحة الكيماوية، إلا انّ المرابي دونالد ترامب لم يتذكر منها سوى الديون.

بدأ القصف الهمجي لكمبوديا عام 1969 بناء على أوامر الرئيس ريتشارد نيكسون لمستشار الأمن القومي آنذاك هنري كيسنجر «أريد كلّ شيء يطير ان يدخل هناك ويدمّرهم… هل هذا واضح؟» نقل كيسنجر أوامر الرئيس إلى مستشاره العسكري ألكسندر هيغ»، «الرئيس يريد حملة من القصف الشامل على كمبوديا. الرئيس لا يريد سماع ايّ شيء. انها أوامر يجب تنفيذها. كل شيء يطير يضرب كلّ شيء يتحرك على الأرض».

الأوامر واضحة وضوح همجية نيكسون ومستشار الأمن القومي، ولا تحتاج الى توضيح او تفسير، ولا تستدعي أيّ تأويل. الاعتراض ممنوع والتردّد مرفوض. الرئيس لا يريد سماع أصوات الانفجارات وصراخ الأطفال الذين تحرق أبدانهم قنابل النابالم، لا شيء آخر. وحتى لا يشتعل الشارع المناهض للحرب، لم يرجع نيكسون الى الكونغرس المعني الوحيد بقرار الحرب أجريت تعديلات على القانون في عهد رونالد ريغان .

بناء على أوامر الرئيس بدأت القاذفات الاستراتيجية بي 52 بقصف جوي غير مسبوق في تاريخ الحروب من القصف السجادي Carpet Bombing لقطع خطوط الإمداد التي كان يستخدمها ثوار الفيتكونغ. أطلقوا على العملية السرية اسم «قائمة الطعام – Menu». كان الرئيس ومستشار الأمن القومي يستهزئون ويطلقون الطرائف على ضحاياهم «هل نالوا وجبة الإفطار؟ ماذا سيأكلون على الغداء؟» بعد الغداء هناك العشاء والعشاء المتأخر، فضلاً عن الوجبات الخفيفة Snacks بين الوجبات الرئيسية.

القصف السجادي الذي استمرّ لغاية 1975 ترك خلفه 700 ألف قتيل كمبودي، إضافة الى نصف مليون كمبودي ماتوا من الجوع والأمراض. كلهم في نظر قائدة العالم الحرّ وراعية حقوق الانسان «أضرار جانبية».

من المعروف انّ قاذفات بي 52 تطير على ارتفاع 60 ألف قدم فيصعب التمييز بين ما هو مدني وما هو عسكري، ايّ أنها مصمّمة ومجهزة للقتل الجماعي. تحمل القاذفة بي 52 أكثر من 32 طنا من القنابل فيمكن تخيّل حجم الدمار الذي تخلفه وراءها، فضلاً عن ذلك، القصف السجادي لا يترك مجالاً للهرب.

بالأرقام، بين عامي 1969 و 1975 ألقت القاذفات الاستراتيجية ضعف ما ألقته على مسرح العمليات في المحيط الهادئ خلال الحرب العالمية الثانية، وفي آخر 200 يوم فقط من الإجرام الأميركي، ألقت القاذفات الأميركية ضعف ما ألقته على اليابان في الحرب العالمية الثانية. يمكن لأيّ عاقل أن يتخيّل حجم الدمار الذي خلفته وراءها واليوم بكلّ وقاحة تطالب بديونها بدلاً من دفع تعويضات.

شكرا لك ترامب على سفاهتك ووقاحتك لأنك ذكرتنا بتاريخ بلدك الإجرامي.

المركز الدولي للدراسات الامنية والجيوسياسية

www.cgsgs.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى