موسكو تعتبر سورية الخط الأمامي لمواجهة «داعش» و«النصرة».. ودمشق تُدين العدوان التركي وتحذّر من المساس بسيادتها

أكّد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أنّ الإرهاب الدولي يبقى الخطر الرئيسي الذي يواجهه العالم، وأنّ سورية في مقدّمة الدول التي تحارب تنظيم «داعش» الإرهابي.

وقال شويغو خلال افتتاح أعمال مؤتمر موسكو الدولي السادس للأمن بمشاركة 85 دولة، إنّ «الإرهاب لا يزال يشكّل خطراً أساسياً يهدّد العالم، ما يتطلّب إعادة رسم الاستراتيجية الشاملة لمحاربة الفكر الإرهابي لتنظيم داعش».

وأوضح شويغو، أنّ سورية هي الخط الأمامي لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، وأنّ روسيا اتّخذت قرارات لتقديم المساعدات العسكرية لسورية بما فيها الجوّية، كما أنّها تعمل مع حلفائها من أجل الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ولإقامة حوار بين الحكومة السورية و«المعارضة».

وبيّن شويغو، أنّ العدوان الأميركي الأخير على سورية يُعدّ خرقاً فظّاً للقانون الدولي، ويشكّل تهديداً للقوات الروسية هناك. وأشار إلى تقويض القدرات العسكرية للإرهابيين بقدر كبير بعد تحرير حلب، حيث تواصل القوّات السورية بدعم من القوّات الجوّية والفضائية الروسية توجيه الضربات إلى تنظيمَي «داعش» و«جبهة النصرة».

وأكّد شويغو ضرورة التعاون بين واشنطن وموسكو في محاربة الإرهاب، معيداً إلى الأذهان أنّ موسكو لا تتخلّى عن محاولات إقامة التعاون مع واشنطن والتحالف الدولي الذي تتزعّمه الأخيرة، لكنّ هذه المساعي لم تنجح حتى الآن في التوصّل إلى تفاهم، وأنّ الخلافات السياسية ما زالت تشكّل عقبات أمام تشكيل تحالف واسع، محذّراً من أنّ الإرهابيين في سورية يستغلون عدم تنسيق العمليات العسكرية الأميركية مع القوات السورية، ومؤكّداً في ذات الوقت استحالة القضاء على تنظيم «داعش» إلّا بجهود موحّدة من قِبل كافّة الدول المعنيّة.

بدوره، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال افتتاح المؤتمر إلى تشكيل تحالف دولي واسع لمكافحة الإرهاب، مبيّناً أنّ استخدام المعايير المزدوجة لبعض الدول يحول دون تشكيل هذا التحالف، وقال إنّ «الضربة الأميركيّة ضدّ سورية تؤجّل آفاق تشكيل جبهة واسعة لمكافحة الإرهاب».

كما دعا لافروف إلى منع انتشار إيديولوجيا الإرهاب والتطّرف في العالم، وإلى فرض الحظر الاقتصادي والتجاري على تنظيم «داعش» الإرهابي، مؤكّداً أنّ الإرهاب اتّخذ أبعاداً لا مثيل لها في الوقت الحالي.

واعتبر أنّ ما جرى في خان شيخون استفزاز يتطلّب تحقيقاً شفّافاً ومفتوحاً ومفصّلاً، وقال: «نرى محاولات محاصرة التحقيق، ولاستخدام هذا الحادث لتغيير الأجندة الدولية ومن أجل تغيير النظام في سورية». كما أشار إلى أنّ إطلاق عملية أستانة يُسهم في تسوية الأزمة في سورية.

ودعا لافروف إلى إقامة العلاقات الدوليّة على أساس المساواة في الحقوق، واحترام السيادة واستقلال كلّ الدول واستئناف الثقة المتبادلة.

في سياق متّصل، أعلنت هيئة الأركان الروسية أنّ الطيران الحربي الروسي نفّذ أكثر من 23 ألف طلعة جوّية ونحو 77 ألف غارة منذ بداية مشاركته بالحرب على الإرهاب في سورية.

ولفت النائب الأول لرئيس هيئة الأركان الجنرال سيرغي رودسكوي في كلمة ألقاها في المؤتمر، إلى أنّ «الجيش السوري تمكّن بدعم من القوّات الروسية من القضاء على 7 آلاف إرهابي قرب حماة، معظمهم من تنظيم «جبهة النصرة» المدرج على لائحة الإرهاب الدولية».

وأشار المسؤول العسكري الروسي، إلى أنّ الجيش السوري «تمكّن خلال العام الحالي من القضاء على مجموعة كبيرة من إرهابيّي تنظيم «داعش» شمال حلب، ولا يزال يطوّر عمليّاته لاجتثاث التنظيم التكفيري شمال شرقي المدينة».

في السياق، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في رسالة للمشاركين في المؤتمر، تلاها أمين مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، إلى توحيد الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب، مشدّداً على أنّ محاربة هذا الخطر في «الشرق الأوسط» وتسوية الأزمات تتطلّبان وضع مقاربات متّزنة وموحّدة.

ونقلت وكالة تاس عن بوتين، قوله إنّ «أجندة مؤتمرنا هذا تتضمّن مجموعة من القضايا الجدّية والمهمّة التي تتطلّب وضع مقاربة متوازنة وموحّدة للتعامل معها، وتتضمّن بشكل أساسي محاربة الإرهاب الذي يشكّل تهديداً رئيسياً وكبيراً للاستقرار والأمن الإقليمي والدولي، إضافة إلى المسائل المتعلّقة بالتسوية السياسية والدبلوماسيّة لعدد كبير من النزاعات، وبالدرجة الأولى في «الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا».

وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي مع وزير خارجية النظام السعودي عادل الجبير في موسكو، أمس: «إنّ مبادرة إطلاق اجتماعات أستانة كان لها دور حاسم في التحفيز لاستئناف عملية جنيف، ونحن نريد أن نطوّر العمليّتين الاثنتين بشكل منسّق»، لافتاً إلى أنّ هدف عملية أستانة إيجاد آليّات لاحترام نظام وقف الأعمال القتالية الذي تمّ التوصّل إليه.

وأشار لافروف إلى أنّ القوّات الجوّية الروسية إلى جانب المستشارين الإيرانيين وحزب الله يسهمون بمحاربة الإرهاب في سورية بطلب من الحكومة السورية، لافتاً إلى أنّ المصالحات التي جرت مؤخّراً في سورية سمحت بحماية المدنيّين، كما جرى في الأحياء الشرقية لمدينة حلب بمساعدة روسيا.

وجدّد لافروف دعوة بلاده لإجراء تحقيق كامل وموضوعي من قِبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، عبر آليّة متوازنة لتحديد المسؤولين عن الهجوم الكيميائي المزعوم في خان شيخون بريف إدلب.

وردّاً على سؤال حول الخلاف بين روسيا والنظام السعودي بشأن الأزمة في سورية، قال لافروف: «نحن نعرف أنّ هناك تبايناً في الموافق بيننا وبين السعودية، ومع ذلك نتّفق على إيجاد حلّ للأزمة في سورية»، مؤكّداً أنّه لا بُدّ من إشراك جميع الأطراف السورية والقوى الخارجية التي لها تأثير على تلك الأطراف، باستثناء التنظيمات المصنّفة إرهابيّة على لوائح مجلس الأمن كتنظيمَي «داعش» و«جبهة النصرة».

وأشار لافروف إلى أنّ قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2254»، الذي ينصّ على المبادئ الأساسية لتسوية الأزمة في سورية، بما في ذلك المبدأ الذي يؤكّد أنّ الشعب السوري هو الوحيد الذي يحدّد مستقبل بلاده، «كانت السعودية قد شاركت بالجهود الدولية لصياغته»، موضحاً أنّ كيفيّة تطبيق هذه المبادئ هي موضوع النقاش بين الحكومة السورية وكلّ أطياف «المعارضة».

على صعيدٍ آخر، أدانت سورية بأشدّ العبارات العدوان التركي على الأراضي السورية أوّل أمس الثلاثاء.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين: تدين الجمهورية العربية السورية بأشدّ العبارات العدوان الصارخ الذي قام به نظام أردوغان على الأراضي السورية بتاريخ 25-4-2017، حيث قامت الطائرات الحربية التركية بقصف مواقع في شمال شرقي سورية، الأمر الذي أسفر عن سقوط عشرات الضحايا المدنيّين الأبرياء من أبناء الشعب السوري».

وأضاف المصدر: «إذ تؤكّد الجمهورية العربية السورية أنّ هذا العدوان يتناقض مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومبدأ حسن الجوار، فإنّها تحذّر من المساس بسيادتها ووحدة أرضها وشعبها».

وتابع: «إنّ الجمهورية العربية السورية تدعو المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة إلى إدانة هذا العدوان وسياسات النظام التركي الداعمة للإرهاب».

وفي السياق، ارتفعت حصيلة الشهداء جرّاء القصف التركي على مقرّ لوحدات حماية الشعب في شمال شرقي سورية إلى 28 شخصاً من المقاتلين والعاملين في مركز إعلامي، وفق ما أفاد المرصد السوري المعارض أمس.

وأحصى المرصد ارتفاع حصيلة القتلى «جرّاء القصف التركي على مقرّ قيادة وحدات حماية الشعب في محافظة الحسكة إلى 28 شخصاً غالبيّتهم من المقاتلين الأكراد، بالإضافة إلى عاملين في المركز الإعلامي» التابع لهم. وأوضح أنّ بين القتلى قياديّة في وحدات حماية المرأة الكردية، مشيراً إلى إصابة 19 آخرين بجروح، بعضهم في «حالات حرجة».

إلى ذلك، شُيّع في موكب مهيب وبمشاركة شعبيّة ورسميّة أمس، في بلدة السيدة زينب بريف دمشق، جثامين كوكبة من أبناء بلدتَي كفريا والفوعة الذين ارتقوا جرّاء التفجير الارهابي الذي استهدف حافلات كانت تقلّهم في منطقة الراشدين غرب مدينة حلب.

وخلال مراسم التشييع، أكّد محافظ ريف دمشق علاء إبراهيم في تصريح صحافي، أنّ دماء الشهداء الطاهرة «تكتب النصر لسورية على الإرهاب، ونقول لأرواح الشهداء الذين قضوا على أيدي الإرهاب التكفيري، إنّنا صامدون بفضل تضحياتكم حتى تحقيق النصر المؤزّر، ودحر الإرهاب عن ربوع وطننا الغالي».

وترحّم المعاون البطريركي لبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، المطران لوقا الخوري، على شهداء سورية الذين رووا الأرض بدمائهم الزكية، مؤكّداً أنّ سورية ستبقى منتصرة لأنّها ارتوت بدماء الشهداء.

ميدانيّاً، واصل الجيش السوري تعزيز مواقعه بريف حماة الشمالي، واستهدف مقارّ وتحرّكات «جبهة النصرة» والعصابات التابعة لها في المنطقة، ودمّر 29 سيارة مختلفة و3 مستودعات ذخيرة و3 دبابات، وأوقع العديد من المسلّحين بين قتيل ومصاب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى