ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…

ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…

تُخصّصُ هذه الصفحة صبيحة كل يوم سبت، لتحتضنَ محطات لامعات من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة من مسار الحزب، فأضافوا عبرها إلى تراث حزبهم وتاريخه التماعات نضالية هي خطوات راسخات على طريق النصر العظيم.

وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا تفصيل واحد، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.

كتابة تاريخنا مهمة بحجم الأمة.

إعداد: لبيب ناصيف

رحيل الرفيق المرّبي حسن ابرهيم عبد الرحيم

– تحيا سورية رفيق حسن.

نظر إليّ، ممدّداً فوق سريره، تمتم ووجهه يطفح بالبشر والفرح: تحيا سورية.

انحنيت مقبّلاً جبينه مردّداً مرّة ثانية التحية الحزبية، وانسحبت.

تلك كانت كلماته الأخيرة عندما زرته في بيته في منطقة الجعيتاوي.

جاء ذلك بناء على اتصال هاتفيّ وردني من رفيق عرفته في الستينات مقيماً في جديدة المتن، بطرس شمعون 1 أوضح لي أن الرفيق حسن بات في المرحلة الأخيرة من حياته. لا يزوره أحد ولا يتفقده رفقاؤه 2 .

بعد اتصالي بالمنزل، توجّهت إلى منطقة الجعيتاوي. ثم اتصلت بالمنزل أكثر من مرّة، إلى أن بلغني خبر وفاته.

كنتُ سمعت عن الرفيق حسن عبد الرحيم، وأذكر أني التقيت به في حفل تقديم «وسام الثبات» للرفيق يعقوب عكر 3 في قاعة الشهيد خالد علوان البريستول وبديهيّ أني سمعت أكثر عن كل من والده الرفيق الشيخ ابراهيم عبد الرحيم، شقيقه الرفيق الشهيد يونس عبد الرحيم، وعرفت جيداً وتعاونّا حزبياً في سبعينات القرن الماضي ، شقيقه الأمين ياسين 4 .

عن الرفيق حسن عبد الرحيم هذه المعلومات التي قدّمها لنا الرفيق وليد يعقوب عكر:

ـ درس الرفيق حسن في منتصف الأربعينات في مدرسة الياس ملحم من كفرحزير ـ الكورة وكانت قائمة في طرابلس، ساحة الكيال.

ـ باشر تدريس مواد التاريخ وعلم الاجتماع واللغة العربية.

ـ سعى والد الرفيق حسن، الشيخ ابراهيم عبد الرحيم، إلى جلب المدرسة الأميركية إلى القرية، وشكّل دخوله الحزب خرقاً للتقاليد وثورةً بحد ذاتها كونه كان شيخاً دينياً.

ـ عندما وصل الزعيم إلى بيروت 2 آذار 1947 تمّت المناداة على الشيخ ابراهيم عبد الرحيم في منزل نعمة ثابت بناءً على طلب الزعيم الذي أراد رؤيته والسلام عليه.

ـ كان الرفيق حسن قد نزل إلى بيروت لملاقاة الزعيم يوم العودة مع مجموعة من الطلاب في مدرسة «ملحم» في طرابلس.

ـ عام 1954 ترشح الرفيق حسن للانتخابات النيابية في منطقة صافيتا وذلك مع المرشح الثاني الرفيق صادق طيّار. كان الرفيق حسن طالب حقوق في دمشق.

ـ عام 1948 القى الرفيق حسن كلمة بوجود الزعيم خلال احتفال في بلدة دّدة ـ الكورة وذلك في منزل نبيه وفايز الزاخم وكان حاضراً منفذ عام طرابلس آنذاك أنيس فاخوري.

ـ درّس الرفيق حسن عبد الرحيم اللغة العربية ومادة التاريخ حتى صف البريفيه في مدرسة «النظام الجديد» في بلدة «السودا». كان الرفيق فيليب حموي مسؤولاً عن القسم الداخلي وعن تأمين الطعام إضافة إلى كونه المالك الرسمي للمدرسة، لكن الملكية الحقيقية والقرارات الأساسية كانت للحزب القومي، وكانت مدرسة «النظام الجديد» مدرسة مختلطة وقد ادارها فترة الرفيق سهيل الياس وهو محامٍ من بانياس.

ـ كما درّس في قرية «الرقمة» وهي مدرسة حكومية في مصياف وذلك لسنة واحدة.

ـ درّس أيضاً في مدرسة «حزور» في مشتى الحلو 1954 ـ 1955 وكان مديرها رفيق قوميّ من آل شريح، هو الرفيق فهمي شريح .

ـ كان من المفترض أن يتقدم الرفيق حسن إلى الامتحانات النهائية في أيار 1955 لنيل شهادة الحقوق في دمشق، لكن حادثة اغتيال عدنان المالكي في 22 نيسان 1955 اطاحت بحلمه.

ـ كان شقيق حسن، يونس عبد الرحيم شرطياً وكانت هناك علاقة وطيدة بين حسن وشقيقه يونس، وكان الاثنان يلتقيان بشكل متواصل.

ـ يذكر الرفيق حسن انه، قبل اغتيال المالكي، كان هناك اجتماع للبعثيين في مقهى في دمشق وقد رأى الرفيق حسن، وكان يمرّ صدفة بالمكان شقيقه الرفيق يونس مع الرفيقين بديع مخلوف وعبد المنعم دبوسي يراقبون المكان والمجتمعين فيه.

ـ ارتبك الرفيق يونس عندما شاهد شقيقه حسن، وعلى غير عادة. وعلم الرفيق حسن ان الثلاثة كانوا يراقبون اكرم حوراني.

ـ كان الرفيق حسن يلتقي شقيقه الرفيق يونس في منزل شقيقتهما في دمشق، ولدى اغتيال المالكي تم اعتقال الرفيق حسن مع شقيقتيه جميلة والمانيا وقد اخذت الشرطة الرفيق حسن لمشاهدة جثة يونس مضرجة بالدماء وذلك للمزيد من التأثير النفسي عليه.

ـ سيق الرفيق حسن إلى السجن وهناك أجبروه على الوقوف في الحمّام لفترات طويلة في سجن «المزّة» ثم أخذوه إلى القاووش حيث كان نزار محايري الأمين لاحقاً وأمين في الحزب من الجنوب السوري فلسطين .

من الفاضلة ابنته سنا اسكندر

حسن عبد الرحيم أو الأستاذ، هذا اللقب الذي رافقه طوال حياته. كلهم عرفوه بالاستاذ، حتى بات اللقب هو الإسم. خرّج آلاف التلاميذ، منهم من صار من أهم شخصيات لبنان وسورية والعالم العربي. وزراء ونواب ومناضلين من كافة الاتجاهات، وأدباء وفنانين… كلهم أحبوا الأستاذ لأنه ترك دائماً في قلوبهم نسمة حب وفرح، كمشة كبرياء وتصميم ومبادئ والتزام وصدق. كان عنيداً بمحبة، ثائراً على التقاليد بمحبة، مجدّداً باللغة العربية، وفيّاً للمبادئ. حياته لم تكن سهلة لكنه كان منسجماً مع نفسه، يأبى أن يخون أفكاره أو أن يساوم عليها.

كل من تعرّف إليه قال عنه إنه إنسان مرهف، مرجع في اللغة العربية، واسع الثقافة والمعرفة. يتقبل بإيجابية الرأي الآخر ويحترم الآخر من دون أفكار مسبقة.

ربطته بالكتاب علاقة متينة إلى حدّ الهوس، علاقة جعلته يملك أوسع مكتبة غطت مساحة بيته كله، من غرف النوم إلى المدخل والبلكون. تراوحت كتبه بين التاريخ والأدب والفلسفة والدين وأصول اللغة…

وتضيف السيدة سنا المعلومات التالية عن والدها الرفيق حسن:

إضافة إلى دراسته الحقوق على مدى ثلاث سنوات ومن دون الحصول على الشهادة، تخرّج عام 1964 بإجازة في اللغة العربية وآدابها من الجامعة اللبنانية – كلية الآداب.

درّس مادة اللغة العربية في مدرسة «High School» في برمانا حيث أقام في بداية حياته الزوجية.

انتقل مع عائلته إلى بيروت حيث أمضى عمره، ودرّس، حتى سن التقاعد، في كل من مدرسة «الفرير» الجميزة، و«الفرير» مون لاسال.

ألّف كتباً مدرسية في أصول اللغة وقواعدها، من الصفوف الابتدائية وحتى صف البريفيه.

كان هدفه من هذه الكتب أن يقرّب التلاميذ من مادة اللغة العربية. وذلك بتبسيط القواعد وتبويبها وفقاً لكل عمر ولكل صفّ. من خلال كتبه هذه تمكن من جعل اللغة العربية مادة سهلة ومحببة لدى التلميذ.

هدفه من التدريس لم يكن يوماً هدفاً مادياً بحتاً. على العكس اشتهر باندفاعه لكل تلميذ مقصّر أو عاجز فيدعوهم إلى بيته ويقدم لهم دروساً خاصة من دون مقابل مادي. وكم من المرات كان يذهب إلى بيوتهم في حال عجزوا عن القدوم إلى بيته.

وفاته

وافت المنية الرفيق حسن عبد الرحيم يوم الاحد الواقع فيه 26 شباط 2017 وقد وردت المعلومات أدناه في النعي الصادر عن عائلته:

ـ زوجته: إيلين البيطار

ـ ابنتاه: سنا، عقيلة أمجد اسكندر وعائلتها. ورنا، عقيلة برنارد رنو وعائلتها.

ـ أشقاؤه: علم الدين وعائلته، عائلة المرحوم محمد، عائلة المرحوم محمود، عائلة المرحوم الشهيد يونس، عائلة المرحوم الأمين ياسين.

ـ شقيقاته: عائلة المرحومة جميلة، عائلة المرحومة خديجة، عائلة المرحومة المانيا.

وعموم عائلات: عبد الرحيم، البيطار، اسكندر، رنو، حسن وكل من ينتسب إليهم في الوطن والمهجر ينعون الاستاذ حسن ابراهيم عبد الرحيم، المنتقل إلى رحمته نهار الاحد الواقع فيه 26 شباط 2017.

تبيّن من النعي الصادر ان الرفيق حسن اعتنق الديانة المسيحية، بدليل ان المراسيم أجريت في كنيسة سيدة الملائكة ـ بدارو. وتقبلت العائلة التعازي في صالون الكنيسة أيام الاحد، الاثنين والثلاثاء.

الرفيق ابراهيم عبد الرحيم… من الأوائل في منطقة صافيتا

يورد الأمين جبران جريج في الصفحتين 71 و372 من الجزء الاول من سلسلة «من الجعبة» المقطع التالي:

«جئت صدفة إلى عيادة منفذ عام طرابلس الرفيق الدكتور سميح علم الدين لأجده منشغلاً مع شخصين. أحدهما مطربش والآخر معمّم. تعارفنا. المطربش طبيب أسنان من صافيتا، صادق الطيار، والمعمّم شيخ دين علوي: ابراهيم عبد الرحيم من بعمرة المجاورة لصافيتا.

حمل هذا التعارف مفاجأة سارة لي ولهما كما عبّرا عنها في حديثهما، إذ إنهما تعرّفا إليّ أنا، الشخص الذي أوصل الدعوة السورية القومية الاجتماعية إلى صافيتا وأدخل من أدخلهما، أي الرفيق أديب الطيار.

كان الرفيق أديب الطيار صاحب همة ونشاط. لم يتقاعس ولم يستكن، فمنذ ان انتمى إلى الحزب بدأ ينشر التعاليم السورية القومية الاجتماعية، وإن من دون تكليف او تفويض، فضمّ إلى الحزب، من دون مراجعة أيّ مسؤول حزبي، ان محلياً او مركزياً، حوالى أربعين شاباً من شباب صافيتا وجوارها، وأبقى هذا الامر مكتوماً حتى هذا الحين الذي قرّر فيه هذان الاثنان القيام بهذا الاتصال مع المراجع المسؤولة وفك هذا الطوق عن الشباب الاربعين.

تفاهمنا على كيفية الاتصال ورفعنا الخبر السار إلى الزعيم وبدأ التفاعل يأخذ مجراه مع هذا الفرع الجديد أسوة بفرع طرطوس الجديد».

عن الرفيق الشيخ ابراهيم عبد الرحيم، يُحكى الكثير. سنعمل على جمع ما يتوفر في أدبيات الحزب آملين من الرفقاء في منطقة صافيتا، أو خارجها، أن يزوّدوا اللجنة بمعلوماتهم عنه مع صور مناسبة، كذلك بالنسبة إلى كل من الرفيق الراحل حسن، إغناء لهذه النبذة، والأمين ياسين عبد الرحيم وكان تبوأ مسؤوليات محلية ومركزية، منها عمدة الداخلية، وانتخب عضواً في المجلس الاعلى.

هوامش:

1 بطرس شمعون: من بلدة كفرحورة بلدة الرفيق الشهيد ساسين الديك . نشط في منفذية الضاحية الشرقية. غادر إلى الولايات المتحدة، مقيماً فيها.

2 توضح الفاضلة عقيلته، السيدة إيلين: صحيح ان قلّة من رفقائه زاروه، انما كان محاطاً بالاحبّة من أهل واصدقاء وجيران وابناء الحي واساتذة زملاء له وتلاميذ. فهم كانوا يزورونه ويطمئنون على صحته، هو الذي كان دائماً يسأل عنهم في الحزن وفي الفرح.

3 يعقوب عكر: من كفرحزير، وكان زميلاً للرفيق حسن في مدرسة «النظام الجديد» في بلدة السودا طرطوس وبقي على تواصل مستمر معه.

4 الأمين ياسين عبد الرحيم: تولّى في الحزب مسؤولية عميد الداخلية وكان عضواً في المجلس الاعلى. للاطلاع على النبذة المعمّمة عنه الدخول إلى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى