روسيا وحزب الله في سورية هما السيف والترس لدحر العدوان

اياد موصللي

المثل العامي في بلادنا يقول: «عادت حليمة لعاداتها القديمة».

أوردت الأخبار انّ لقاء عقد بين وزير خارجية السعودية والمسؤولين الروس في موسكو.. وهدف الزيارة هو للبحث في صفقة تقوم بها السعودية لوقف التدخل والتصعيد الذي يجري الإعداد له في عمّان بمشاركة الأميركيين والسعوديين والاسرائيليين عبر فتح جبهة الجنوب التي كتبنا عنها في عدد البناء أول أمس الخميس.

طرح الجبير التدخل السعودي لوقف التصعيد في جنوب سورية مقابل تفاهم مع روسيا يقضي باجراء تسوية سياسية يتراجع بموجبها السعوديون عن مواقفهم تجاه الدولة السورية ورئيسها مقابل تعهّد تقدّمه موسكو وسورية يقضي بإخراج حزب الله من سورية وتقديم ضمانات بالحفاظ على الأمن الإسرائيلي جنوب سورية ولبنان، وتأتي الغارات التي تشنّها الطائرات التركية في شمال سورية كمؤشر الى ما هو مقبل، ايّ انْ لم يتمّ الاتفاق فستكون الحرب في جبهتين شمالية وجنوبية تتولى تركيا الجبهة الشمالية بمشاركة قوات التحالف الأميركي.

وتقوم السعودية بدعم الجيش الجديد الذي يحضّر في الأردن لإشعال الجبهة الجنوبية وتدعم أميركا واسرائيل هذه الخطوة…

الموقف السعودي الذي طرح على روسيا في موسكو… قوبل بموقف روسي صريح واضح مفاده: موسكو ترفض تصنيف حزب الله إرهابياً وترفض الطعن بشرعية وجوده في سورية وتعتبر شرعيته كشرعية وجود القوات الروسية تلك الشرعية التي تتمتع بمظلة موافقة الحكومة السورية.

وأبدت روسيا استعدادها لنشر منظومة متعدّدة المستويات تؤمن الدفاع وحماية كامل المجال الجوي السوري من الشمال والجنوب وبشكل شامل.

في هذا الوقت استمرّت تركيا في عدوانها على المدن والمواقع السورية التي يتمركز فيها المواطنون السوريون الأكراد. تركيا تريد ان تضرب عصفورين بحجر… في الظاهر هي تضرب المجموعات الكردية للحدّ من اقترابها من مناطق الحدود التركية وفي الجوهر تشعر سورية بخطر يتهدّدها من الشمال لجعلها ترضخ للمطالب الأميركية والسعودية بإبعاد قواتها وقوات حزب الله من الاقتراب نحو الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة…

تركيا تمارس في جميع مراحل تاريخها العنجهية والحماقة منذ محاولات تتريك البلاد العربية ومجازر جمال باشا السفاح الى اغتصاب الاسكندرون وكامل بلدات السنجق حيث خلقت عدواً دائماً مستمراً…

وستواجه على حدودها وحيث يكثر وجودها.. وستواجه بعدوانها الأخير المستمرّ نقمة روسية إيرانية سورية عراقية..

وتجدّدت الغارات التركية على الأراضي العراقية حيث يتواجد الأكراد مما ادّى الى احتجاج عراقي ايراني..

تركيا تحتجّ وتتذرّع بأنّ ضرباتها هي موجهة ضدّ العناصر الكردية في سورية والعراق دون ان تقيم وزناً بأنّ البلاد التي تضربها هي دول ذات سيادة تتمتع بالحقوق الدولية وانّ الاكراد هم جزء من شعبها..

وتركيا اليوم تتصدّر دول المنطقة الداعمة والحاضنة للإرهاب امتداداً من السعودية وقطر وأميركا و»إسرائيل»، وهدفها البعيد من وراء كلّ هذا هو إتمام حلمها الدائم وحلفها المستمرّ مع «إسرائيل» ضدّ العرب متظللة راية الإسلام في السعي لتحقيق مطامعها التوسعية رغم العدوان التركي وسلب اللواء عن سورية بقيت سورية تحاول ان تبقي حقوقها حيّة دون ان تشهر سيف العداء ضدّ تركيا فيما تركيا لم تترك سانحة إلا واستخدمتها ضدّ سورية ومصالحها والأحداث التي تجري اليوم في الشام والعراق هي خير شاهد ودليل على النوايا العدوانية ضدّ بلادنا…

انّ الذي يجري الآن من تحضيرات وممارسات عدوانية تقوم بها تركيا مباشرة او عبر التنظيمات الإرهابية هو جزء من مشروع تفتيت البلاد وسلب أقسام منها بمشاركة «إسرائيلية» والقضاء على وجود هذا الشعب.. محاولات بائسة يائسة فاشلة.

نريد أن نعيد الوهج لعقائدنا القومية لتبقى بلادنا مدرسة الفكر الخلاق… انّ هذه المرحلة صحّت تسميتها مرحلة الاغتراب… حيث بعدت عنا كلّ قيم وفضائل أخلاقنا التي اشتهرنا بها في التاريخ… نجول في البلاد العربية فنرى أعراباً ولا نرى عروبة، نرى مسلمين ولا نرى إسلاماً، نرى مسيحيين ولا نرى مسيحية، نريد أن نعيد الروح الى معتقداتنا الروحية والفكرية والقومية، ولنتذكر دائماً أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان… فهذا المال أغرق خليجنا واتخم ناسه فامتلأت الجيوب وفرغت النفوس وخنق وجدانهم وضميرهم… فابتعدوا عن كلّ معاني الاباء العربي وساروا طبّالين في مواكب أعداء الأمة. لقد نسي قادة وملوك الخليج وبعض من أقطار العروبة معنى الحرية والسيادة. نسوا فلسطين وأهلها، انّ خيرات الله جعلتهم ينساقون وراء غذاء الجسد ونسوا غذاء الروح… انّ أجيالنا القادمة، أجيال الفاقة والحرمان، ستكون غنية بالقيم والمثل الحقيقة التي ستفرض نفسها بالأخير، وهي حقيقة انتصار هذه الأمة العظيمة، انّ أجيالنا القادمة تتبرأ من اولئك المستسلمين المستجدين الحق استجداء، لقد رفضوا الصراع فرفضوا الحرية وسلّموا أنفسهم للعبودية، فالحق ليس طلباً بل مطلباً تطلبه النفوس القادرة وتحارب في سبيله فتظفر وتسعد، كما انّ الباطل تطلبه النفوس العاجزة فيجرّها الى التهلكة. لقد وعت أجيالنا انّ الهزيمة هي درس لكلّ طموح مجدّ وهي طريق يسلكه المجدّون لبلوغ الأحسن والأفضل.

لقد أثبتت الأيام أنّ شعوبنا العربية في فلسطين حي ومهما فعل الصهاينة ومن يقف دائماً معهم فإنّ الشعوب هي الباقية. لقد جرّبنا خلال القرن العشرين على الأقل انّ ايّ مكسب يحققه نضالنا الوطني يحرّف ويسرق، فعندما نجحت الأقطار العربية خلال النصف الأول من القرن المنصرم في الحصول على الاستقلال الذي ترتبت عليه عضوية الدول العربية الناشئة في منظمة الأمم المتحدة، تجد انّ الدول الكبرى تسرق هذه المكتسبات وتشكل حكومات خانعة. وفعلت ذلك لاحقاً مع الثورات التي عملت على قلب الحكومات العميلة مثل ثورة 23 يوليو 1952 في مصر وثورة 14 تموز 1959 في العراق وانتصار ثورة الجزائر وتحرّرها من الاستعمار الفرنسي… فإنّ التآمر لم يتوقف. إلا أنّ حيوية شعبنا هي الأخرى في تصاعد مستمر.

أخيراً فإنّ ما عرف باسم «الربيع العربي» تعرّض لنفس الضغوط، إذ تعاني تونس من انعدام الأمن ومن الانشقاقات، أما مصر فإنّ الاحداث فيها لا تزال تتفاعل بشكل صراع ديني ليس له تاريخ بل هو من صنع الغرب. وفي ليبيا واليمن تستمرّ المعارك والخاسر الوحيد هو شعوب تلك البلدان، إذ تمّ تدمير معظم البنى التحتية فيهما وخصوصاً ليبيا. وإذا كانت إرادة الله قد حفظت سورية فإنّ قلوبنا ترتجف هلعاً وخوفاً على هذا البلد الحبيب الذي تكالبت عليه قوى الشرّ في العالم.

انّ الهدف من وراء كلّ ما يجري هو القضاء على سورية كدولة وخلق كيانات هزيلة.. برغم كلّ ذلك فإنّ تاريخنا يصنعه جيل جديد مؤمن ولا بدّ أن يشكل ذلك منعطفاً في التاريخ القومي والعربي.

ونذكر بما قاله سعاده: «اننا لا نريد الاعتداء على أحد ولكننا نأبى أن نكون طعاماً لأمم أخرى، اننا نريد حقوقنا كاملة ونريد مساواتنا مع المتصارعين لنشترك في إقامة السلام الذي نرضى به، وإنني أدعو اللبنانيين والشاميين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين إلى مؤتمر مستعجل تقرّر فيه الأمة إرادتها وخطتها العملية في صدد فلسطين وتجاه الأخطار الخارجية جميعها وكلّ أمة ودولة إذا لم يكن لها ضمان من نفسها من قوتها هي فلا ضمان لها بالحياة على الإطلاق.

يجب أن نعارك يجب أن نصارع، يجب أن نحارب ليثبت حقنا. واذا تنازلنا عن حق العراك والصراع تنازلنا عن الحق وذهب حقنا باطلاً، عوا مهمتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل»…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى