موسكو: الاتهامات الفرنسية لسورية باستخدام الكيميائي مثيرة للشكوك.. منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مستعدّة لإرسال خبرائها إلى خان شيخون

أكّدت وزارة الخارجية الروسية أمس، أنّ الاتهامات التي ساقتها فرنسا ضدّ الحكومة السورية، والتي تزعم استخدامها السلاح الكيميائي في خان شيخون، تكتنفها التناقضات وتثير الكثير من الشكوك بشأن كيفيّة حصول خبراء فرنسيّين على عيّنات من التربة من مكان الحادث.

وجاء في بيان للخارجية الروسية، نقلته وكالة سبوتنيك: «إنْ كانت المخابرات الفرنسية حصلت على العيّنات بنفسها، فهذا يعني أنّ لديهم حرّية التنقّل في تلك المنطقة التي تقع تحت سيطرة مسلّحين تابعين لتنظيم القاعدة الإرهابي، وإنْ تمّ الحصول على العيّنات بطريقة أخرى فهذا يثير بالطبع الشكوك في صحّتها ويقلّل من مصداقية التقرير الفرنسي».

وشكّكت مجموعة من الخبراء الفرنسيّين في الاتهامات الفرنسية لدمشق بهذا الشأن، وقال أحدهم وهو المحلّل السياسي جاك هوغارد: «إنّ هدف الساسة الفرنسيّين من هذه الاتهامات الإساءة للدولة السورية»، مضيفاً: «أرى أنّ الساسة الفرنسيّين لا يزالون مهووسين بفكرة إسقاط الحكومة السورية بدل تدمير «داعش»، ولهذا بدؤوا الادّعاء بامتلاك أدلّة إدانة ضدّ دمشق، الأمر الذي لا يمكن لأحد أن يثبته».

وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين أول أمس، بشدّة، حملة التضليل والكذب المسعورة والادّعاءات المفبركة التي ساقها وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت إزاء جريمة خان شيخون، مؤكّدة أنّ أكاذيب وادّعاءات الحكومة الفرنسية تمثّل اعتداءً صارخاً وانتهاكاً فاضحاً لصلاحيات المنظمات الدولية المختصة بهذا الشأن، وذلك في محاولة لإخفاء حقيقة هذه الجريمة ومن يقف وراءها.

وفي السّياق، أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن استعدادها لإرسال خبراء إلى خان شيخون بريف إدلب، مشيرةً إلى أنّها لم تتمكّن بعد من تحديد الجهة المسؤولة عن الاستخدام المزعوم للسلاح الكيميائي هناك.

ونقلت وكالة «تاس» عن أحمد أوزومجو، مدير عام المنظمة، قوله للصحافيّين في لاهاي أمس، إنّ «المنظّمة مستعدّة لإرسال خبرائها إلى خان شيخون»، مضيفاً أنّ «الفريق أصبح جاهزاً للتوجّه إلى خان شيخون، ولدينا متطوّعون».

وكانت أغلبيّة أعضاء منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية رفضت الأسبوع المنصرم اقتراحاً تقدّمت به روسيا وإيران لتشكيل فريق جديد للتحقيق في مزاعم استخدام السلاح الكيميائي في خان شيخون بريف إدلب، ولزيارة مطار الشعيرات الذي اعتدت عليه الولايات المتحدة والتحقّق من مزاعمها بتخزين أسلحة كيميائية فيه.

وأشار أوزومجو إلى أنّ الحكومة السورية أعربت عن دعمها إرسال فريق من الخبراء، موضحاً أنّ «المشكلة التي تعرقل إرسال الفريق تتعلّق بكون هذه المنطقة تقع في ريف إدلب، وتخضع لسيطرة فصائل معارضة مسلّحة، وأنّه من الضروري التوصّل إلى تفاهمات مع تلك الفصائل قبل إرسال الخبراء».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسيّة عن أوزومجو قوله، إنّ منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تحقّق في تقارير حول «استخدام الأسلحة الكيميائية 45 مرة منذ العام الماضي في سورية، تمّ الإبلاغ عنها لقسم العمليات في المنظّمة».

على صعيد محادثات أستانة، أعلنت السفارة الأميركيّة في كازاخستان، أنّ وزارة الخارجية الأميركيّة تلقّت دعوة للمشاركة في الجولة الجديدة من المحادثات حول سورية في أستانة.

ونقلت وكالة نوفوستي للأنباء عن مصدر في البعثة الدبلوماسيّة الأميركية في أستانة قوله، إنّ «وزارة الخارجية تلقّت دعوة من حكومة كازاخستان للمشاركة في عملية أستانة حول سورية الأسبوع المقبل بصفة مراقب».

وكان نائب وزير الخارجية الكازاخستاني مختار تليوبيردي، أعلن أول أمس أنّ اجتماع أستانة المقبل حول سورية والمرتقب انعقاده يومَي الـ 3 والـ 4 من أيار المقبل سيكون «عالي المستوى».

واستضافت أستانة ثلاثة اجتماعات حول الأزمة في سورية، عُقد الأول يومَي الـ23 والـ24 من كانون الثاني الماضي، وصدر في ختامه بيان أكّد الالتزام بسيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية، وشدّد الاجتماع الثاني الذي عُقد في الـ16 من شهر شباط الماضي على تثبيت وقف الأعمال القتالية في سورية، بينما عُقد الاجتماع الثالث يومَي الـ14 والـ15 من آذار الماضي بغياب وفود ما يسمّى «المعارضة المسلّحة».

ميدانياً، أكّد وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان، أنّ الضربات التي وجّهتها كلّ من أميركا و«إسرائيل» لسورية، ليست سوى عملية تشجيعية للإرهاب والإرهابيّين ومنحهم القوة.

وقال دهقان في مقابلة مع قناة «RT» في موسكو، على هامش مؤتمر الأمن في دورته السادسة: «الحكومة السورية في حالة من التقدّم، والجيش السوري يحرّر المناطق من الإرهابيّين، لتأتي الضربات لتقول للإرهابيين نحن معكم ونحميكم»، وأضاف: «باعتقادي أنّ هذه الضربات تهدف إلى منح الإرهابيّين القوة والقدرة على الاستمرار».

وأشار الوزير الإيراني، أنّ كلّاً من «إسرائيل» والولايات المتحدة مخطئتان، وأنّ الإرهاب غير قادر على البقاء والتخريب، وأنّهما «تتدخّلان بشكلٍ سافر لإيجاد ذريعة لتبرير تصرّفاتهما، كأن تقولا إنّ الجيش السوري استخدم السلاح الكيميائي».

وأوضح دهقان، أنّ سورية لا تمتلك سلاحاً نووياً، وأنّها سلّمت مخزوناتها من المواد الكيميائية «باعتراف الغرب والمؤسسات الدولية».

وقال: «أمّا مسألة الكيميائي في خان شيخون، فالدولة السورية لم تدرج السلاح الكيميائي في الحرب، فمن أين جاء هذا السلاح؟ نحن نعتقد أنّ «داعش» يمتلك أسلحة كيميائية… والآن عملية عسكرية نُفّذت بالصدفة على قاعدة لهم تحتوي على أسلحة كيميائيّة».

وشدّد على أنّ بلاده طالبت لجنة التحقيق بالقيام بمهامّها، وأنّ الغرب يعترض طريق هذا الأمر، مؤكّداً أنّ إيران ستُدين الحكومة السوريّة في حال استخدم السلاح الكيميائي، على حدّ تعبيره.

وأضاف: «نحن نقول لـ«إسرائيل» أن تتعلّم من دروس الماضي، وحربها في الجنوب اللبناني وتحريره، وغزة. «إسرائيل» الآن ليست كما في السابق، وهي تعاني أزمة في الهويّة… إنّها تبحث عن هويّتها لإثبات وجودها. هناك تغيير كبير في المنطقة سيحدّد معالمها المقبلة».

وفي السياق الميداني، قضى الجيش السوري على عشرات المسلّحين من «جبهة النصرة» والفصائل التابعة لها في درعا وريفها، ودمّر 3 مقارّ للقيادة ودشمتي رشاش وجرّافة و 6 سيارات إحداها مزودة برشاش، في أحياء طريق السد شرق سجن الكرك جنوب تجمع المدارس الحراك الرجوم جنوب بلدة الوردات في منطقة اللجاة.

وفي دير الزور وريفها، استهدف الجيش السوري تجمّعات وتحرّكات تنظيم «داعش» في المكبّات كوع الميادين محيط المقابر تلّة الـ17 جنوب معسكر الفوج 137- منطقة الثردة منطقة مدرسة حقل التيم في دير الزور، وقضى على عشرات الإرهابيّين ودمّر 7 دشم رشاشات ومدافع و3 عربات وصهريج، واغتنم أسلحة وذخائر.

كما تحدّثت تنسيقيّات المسلّحين في الرقة وريفها، عن استعداد وحدات من الجيش التركي للتوغّل داخل الأراضي الزراعية شمال مدينة تلّ أبيض بريف الرقة الشمالي الخاضعة لسيطرة «قوات سورية الديمقراطية». وأشارت هذه التنسيقيات إلى وصول رتل عسكري تركي إلى بلدة «اقجاق قلعة» الحدوديّة المحاذية لمدينة تلّ أبيض، وأنّ بعض الدبابات اقتلعت السلك الحدودي الشائك وسط تحليق مكثّف للطيران التركي.

ودارت اشتباكات عنيفة بين مسلّحي «جيش الإسلام» من جهة، ومسلّحي «جبهة النصرة» و«فيلق الرحمن» من جهةٍ أخرى في بلدات «حزة» و«عربين» و«بيت نايم» في الغوطة الشرقية، أسفرت عن سيطرة «جيش الإسلام» على بلدة «حزة» بشكل كامل، ودفعت هذه الاشتباكات مسلّحي «جبهة النصرة» إلى الانسحاب من حيّ القابون.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى