مستشفى صور الحكومي يصارع من أجل البقاء.. فهل من ينقذه؟

صور ـ محمد أبو سالم

لا تزال المستشفيات الحكومية في لبنان تقبع تحت خط الحاجة إلى أبسط المقومات التي يضمها أي مستشفى ليكون قادراً على تقديم الخدمات اللازمة لمرضاه ولكي يستطيع، على الأقلّ، أن يكسب ثقتهم للتوجه إليه والاستفادة من طبابته، فكيف إذا كان هذا المستشفى يعاني اللامبالاة بكلّ أشكالها على صعيد المعدات والمبنى والغرف والموظفين والرواتب وغيرها، ما يجعل هذه المسشفيات الخيار الأخير للجميع، ولو كان لغيرها أفظع وجود لفضلوا اختيار الغير كحلّ أفضل فقناعتهم بعدم أهليتها غلب على قرارهم، ورغم ذلك نجدهم يطالبونها بأفضل الخدمات، فمن أين تأتي بهذه الأفضلية من دون التفاتة المعنيين ودعمهم؟

هذا المثال بات حقيقة، فإذا توجهنا إلى مستشفى صور الحكومي نجده يعاني الأمرّين وهو يحاول جاهداً الوقوف على قدميه والاستمرار في العطاء حتى آخر نفس، فهذا المستشفى العتيق بوجوده والذي أنشئ منذ العام 1958 والذي كان لصدى اسمه ضجة قوية في السابق وكان له دور بالغ الأهمية وقت الحروب، خصوصاً في حرب تموز 2006 بات اليوم يُسمع فيه صدى الأشجار المُحيطة بفراغ داخله، فهو يمتلك غرفة للعناية الفائقة وبداخلها خمسة أسرة لكنها بحاجة إلى تمويل، كما حال معظم الغرف الأساسية فيها، فيما الأشعة لا تملك المقومات المطلوبة لإعطاء صورة صحيحة تماماً، أمّا موظفوه فأغلبهم تعدوا الستين من عمرهم لكنّ حاجتهم إلى رواتبهم حالت دون تركهم الوظيفة، مع أنّ هذه الرواتب لا تزال دون الحد الأدنى للأجور ومن حقهم المطالبة برفعها، الأمر الذي لا يمكن تلبيته نظراً لوضع المستشفى المتردي.

يُحكى منذ فترة وفي كلّ الأرجاء عن إنشاء مبنى جديد لمستشفى صور الحكومي، لكننا لم نشهد حتى اليوم وضع حجر أساس له، الأمر الذي بات يثير الشكوك في صحة الأمر الذي وإن كان حقيقة سينفذ فإنه على الأغلب سيأخذ ما يقارب الخمس سنوات لإتمامه، وخلال هذه الفترة يكون المبنى القديم قد أغلقت أبوابه في وجه من تبقى من المرضى الفقراء الذين هم أكثر حاجة لاستمراره.

ورغم المصير المحتوم الذي يتجه نحوه المستشفى إلا أنه ومنذ حوالي الستة أشهر تمّ انتخاب رئيس جديد لها وهو العقيد علي دمشق الذي تمنّى أن لا نصل إلى مرحلة إغلاق المستشفى فوضعه يظهر اتجاهه نحو الإفلاس. وهو بحاجة إلى الدعم من المسؤولين في وزارة الصحة، لأنّ الظروف ستكون صعبة على الجميع، وطالب بالحصول على سقف معين كباقي المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة.

وأكد أهمية الثقة بالطبيب وعدم الالتفات إلى المستشفى إذا ما كان خاصاً أو حكومياً، لأنّ الطبيب يستطيع جذب مرضاه إلى أي مكان إذ وثقوا بقدراته، مؤكداً وجود أطباء كفوئين، لكنّ إمكانيات المستشفى غير مشجعة لهم.

أمّا بالنسبة إلى هيكل المستشفى، فأكّد الدكتور دمشق تواصله مع مجلس الجنوب الذي وعده بتشكيل وفد لترميم المستشفى قدر المستطاع.

يُذكر أنّ الدكتور العقيد علي دمشق من مواليد 1961 هو طبيب أسنان دخل إلى الجيش عام 1992، بعد أن تخرّج من الاتحاد السوفياتي في مدينة بيسك بشهادة دبلوم في طب الأسنان، فتدرّج من رتبة ملازم حتى وصل إلى رتبة عقيد. زاول عمله كطبيب أسنان لفترة ثم تحوّل ضابطاً إدارياً وتسلم المستشفى العسكري بمكتب الدخول ضمن جهاز مراقبة الاستشفاء حوالي ثمانية عشر عاماً وخدم أيضاً في مستوصف تابع لثكنة هنري شهاب حوالي خمس سنوات.

هذه الخبرات تستحق أن تنال المكانة التي تليق بها في مستشفى مجهز وكامل وله اسمه. فأين نحن من نيل المراد وأين حقوق المستشفيات الحكومية برفع مكانتها وإمكانياتها في الوجود؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى