«أستانة 4»… محك اختبار قبل قلب الطاولات

معن حمية

الكائنات المسمّاة «معارضات سورية»، تسمية مخّفضة لمجموعات مسلحة تمارس الإرهاب ، لم تفوّت فرصة حضور اجتماع «أستانه 4» الذي جرى فيه توقيع روسيا وإيران وتركيا على اتفاق إقامة «مناطق تخفيف التصعيد» في سورية. فممثلو هذه «المعارضات» أرادوا تقديم استعراض يعبّرون من خلاله عن سلوك غير أخلاقي، فهم لم يكتفوا بالصراخ بل لجأوا الى إطلاق الشتائم التي تعبّر عن غريزة الحقد والكراهية. لكن رغم أصوات النشاز، فإنّ الدول الثلاث إيران وتركيا وروسيا وقّعت الاتفاق، على قاعدة أنّ «القافلة تسير» من دون أن يعيق سيرها صراخ أو نباح.

إجراءات تطبيق الاتفاق بدأت عملياً، من خلال الشروع في رسم خرائط المناطق الأربع المنصوص عنها في الاتفاق وتحديدها بدقة، وأيضاً البدء بتطبيق وقف الطلعات الجوية للطيران السوري والحليف، ما يؤكد أنّ هناك اندفاعة قوية لتطبيق الاتفاق، هي جزء من الجهود التي تبذل في سبيل تثبيت وقف النار وبالتالي تعبيد الطريق، ربما أمام لقاءات جديدة تُعقد في جنيف لحلّ الأزمة السورية.

ما هو واضح أنّ الاتفاق الذي وافقت عليه مسبقاً الدولة السورية، لا يمنح المجموعات المسلحة فرصاً للتنصّل منه، إلا إذا قرّرت هذه المجموعات تعطيله وإفشاله، الأمر الذي ستكون له عواقب وتداعيات. خصوصاً أنّ تركيا وهي من الدول التي تساند المجموعات الإرهابية، طرحت صيغة لإقامة 6 مناطق آمنة بدلاً من 4 مناطق لتخفيف التصعيد وفقاً للمقترح الروسي، لكن الطرح التركي سقط، وبالتالي لم يعد هناك إمكانية للتأويل والتحريف.

حين يحقق الاتفاق نتائج ملموسة على الأرض، فإنّ ما سيلي «تخفيف التصعيد» هو «تخفيف التحريض»، وربما يكون الدور الذي لعبه الأتراك في «أستانة 4»، تمهيداً لسلوك هذه الطريق، بعدما خرجت السعودية عن طورها وبالغت في رفع منسوب التحريض.

نجاح روسيا الاتحادية في الاستحصال على مواقف دولية وأميركية على وجه الخصوص، داعمة لاتفاق «تخفيف التصعيد»، يؤشر الى مرحلة جديدة، قد تشكل منصة لانطلاق حراك جدّي يؤسّس لإنهاء الحرب على سورية، وبالتالي انتهاء الأزمة، وبالتأكيد ليس وفق طريقة التفكير السعودي التي لا تزال تقيم في المربّع الأول للأزمة!

الأيام المقبلة، حبلى بالتطورات وهي محك اختبار، وإذا لم تستطع المجموعات الفصل بينها وبين «النصرة» و«داعش» وفروعهما، فالفشل سيطال اتفاق «تخفيف التصعيد»، وعندها ستُقلب الطاولة على رؤوس المجموعات الإرهابية ورعاتها والداعمين…

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى