نصرالله: أيّ مواجهة مقبلة مع «إسرائيل» ستكون داخل فلسطين لا داعي لوجودنا على الحدود الشرقية ومستعدّون لإنجاز تسوية لمسلّحي القلمون

أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أنّ «إسرائيل» خائفة من أيّ مواجهة مقبلة، مؤكّداً أنّه «لن يكون هناك مكان بمنأى عن صواريخ المقاومة وأقدام المقاومين»، وشدّد على أنّ «الجيش الإسرائيلي يعلم جيداً أنّ أيّ مواجهة مقبلة ستكون داخل فلسطين المحتلّة»، واعتبر أنّ من دلالات تشييد «إسرائيل» الجدار بين لبنان وفلسطين المحتلّة «اعتراف بانتصار لبنان الساحق و بهزيمة «إسرائيل» ومشاريعها وأطماعها، وبسقوط مشروع «إسرائيل» الكبرى التي أرادوها من النيل إلى الفرات»، لافتاً إلى أنّ «إسرائيل» تهوّل في شأن عدوان جديد على لبنان منذ أكثر من 10 سنوت ولم تنفّذ كلامها، وتوجّه إلى اللبنانيين قائلاً: «عيشوا حياتكم».

وأكّد أنّ الحدود الشرقية بين لبنان وسورية أصبحت آمنة بدرجة كبيرة، «ولم يعد هناك أيّ داعٍ لتواجدنا».

ودعا اللبنانيّين إلى «مواصلة الحوار وتهدئة الحوار السياسي في البلد، واستنفاد كلّ المدّة الزمنيّة بهدف الوصول إلى قانون انتخاب»، معتبراً أنّ «هناك أملاً في التوصّل إلى قانون انتخابي».

جاء ذلك خلال إحياء حزب الله الذكرى السنوية الأولى لاغتيال القائد الشهيد مصطفى بدر الدين، في حفل أُقيم في مجمع «سيد الشهداء»، بحضور ممثّل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون النائب حكمت ديب، ممثّل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي النائب عبد المجيد صالح، السفيرين الإيراني محمد فتحعلي والسوري علي عبد الكريم علي ونوّاب وممثّلين عن الأحزاب الوطنيّة والفصائل الفلسطينيّة.

مقاتل في كلّ ميدان

واستهلّ السيد نصرالله كلمته المتلفزة بالقول: «عام مضى على اغتيال القائد الجهادي الكبير ذو الفقار، وتحضرنا الذكرى من جديد، فهو لم يغب عنّا يوماً لأنّه حاضر دائماً في عقولنا وقلوبنا، ونحن نعيش في بركات تضحياته، فهو القائد الجريح والأسير والمقاتل في كلّ ميدان من لبنان إلى فلسطين والعراق، وهو المجاهد في كلّ ساحة للدفاع عن المقاومة من لبنان إلى سورية وإيران. لقد كان مقداماً لا يهاب الموت، دؤوباً في الليل والنهار لا يكلّ ولا يملّ، وكان يجمع بين القوة والعاطفة. كان قائداً في تحرير الأرض واسترجاع الأسرى بكرامة، وفي الدفاع عن الوجود والكرامة، وفي الدفاع عن محور المقاومة. عاهد الله ألّا يعود من ساحة جهاده في سورية، إلّا منتصراً أو شهيداً، وقد عاد منتصراً وشهيداً، وقد خابت آمال التكفيريّين في سورية. وكان أيضاً قائد معركتنا في مواجهة عناقيد الغضب الصهيونية، التي هُزمت فيها «إسرائيل»، واتُّفق فيها على تفاهم نيسان الذي أسّس للتحرير عام 2000، وسقط فيها شيمون بيريز في الانتخابات، ما أطاح بالتسوية المذلّة. ومن الطبيعي، وهو الذي كان أيضاً شريك القيادة في عملية أنصاريّة وقائد العمليات في المقاومة على مدى سنوات، أن يسعى البعض إلى النَّيل منه ثأراً لهزائمهم».

جدران الهزائم «الإسرائيليّة»

أضاف: «شيّد الإسرائيليّون في السنوات الماضية بعض الجدران، وأقاموا شبكات إنذار متطوّرة جداً على الحدود، ولكن قبل أسابيع استطاع مواطن لبناني أن يعبر الشريط الشائك، ويمشي على قدميه، ويصل إلى محطّة الباصات في كريات شمونا، ما كشف أنّ كلّ هذه الإجراءات بالية. إذ اكتشفوا أنّ إجراءاتهم وتقنياتهم وجيشهم وأمنهم هشّة، فسارعوا إلى اتخاذ هذا القرار بالإسراع في تشييد الجدار من الناقورة إلى جبل الشيخ».

واعتبر أنّ «من دلالات هذا الجدار، الذي سيرتفع عند الحدود، اعتراف بانتصار لبنان الساحق واعتراف بهزيمة «إسرائيل» ومشاريعها وأطماعها، واعتراف بسقوط مشروع «إسرائيل» الكبرى التي أرادوها من النيل إلى الفرات»، وقال: «الإسرائيلي تعلّم أنّ أيّ مواجهة مقبلة قد تكون في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة. ولذلك، يأخذ الأمور بجدّية، ويقابل التهديد بإجراءات وخطط ومناورات وإخلاء مستعمرات وبناء جدران وما شابه، وهذا نصف المعركة. «الإسرائيلي» لا يستطيع أن يبقى في لبنان وفي غزة. لقد انتهت «إسرائيل» العظمى، الدولة الجبّارة المرعبة والمخيفة، «إسرائيل» العظمى التي تفرض شروطها على شعوب المنطقة وحكوماتها من دون تفاوض حتى سقطت، لأنّها تختبئ وجيشها ومخابراتها خلف الجدران العالية. «إسرائيل» أصبحت ضعيفة ودولة كبقيّة الدول. إذاً، هذا تطوّر استراتيجي في مشروع المقاومة».

ولفتَ إلى أنّ «ميزة المقاومة أنّها لا تهدِّد من فراغ، ولا تُطلق الكلام من أجل الكلام»، مشيراً إلى أنّ «الكلام عن الحرب «الإسرائيلية» على لبنان وحزب الله والمقاومة، هو جزء من الحرب النفسيّة والمعتادة والطبيعية، ولا يجوز أن يخضع لها الشعب اللبناني لأنّ هذا الكلام ليس بجديد»، وقال: «اليوم، بعد كلّ انتصارات المقاومة، يأتي الإسرائيلي ليشيد هذه الجدران وليعبِّر عن خوف جنوده وخوف قطعانه المستوطنين، فهذا أمر ممتاز في الحسابات النفسيّة والعسكرية. إنّ العدو «الإسرائيلي» خائف وقلق من أيّ مواجهة مقبلة».

وسأل: «لماذا إقلاق الناس وتخويفهم؟ فأقول للشعب اللبناني وكلّ المقيمين في لبنان عيشوا حياتكم الطبيعية، لأنّ هذا التهديد ليس جديداً، والعدو يقوم بحرب نفسية. ولذلك، ثقوا بالله الذي نصركم في مواقع كثيرة، وثقوا بمعادلتكم الذهبيّة».

ننحني للأسرى

وتطرّق إلى موضوع الأسرى الفلسطينيّين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال «الإسرائيلي» «، وقال: «ننحني أمام صمودهم، وندين سكوت الجامعة العربية والأنظمة العربية والمجتمع الدولي وكلّ المؤسسات الساكتة والصامتة اتجاه هذا الشعب الذي يواصل تقديم التضحيات». وسأل: «هل سيكون للأسرى الفلسطينيّين مكان في القمّة العربية والإسلامية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السعودية؟».

الحدود الشرقية آمنة

وعن الوضع اللبناني، قال: «هناك تطوّر إيجابي عند الحدود الشرقية بين لبنان وسورية، فهذه الحدود أصبحت آمنة بدرجة كبيرة، ونحن في المقاومة دخلنا إلى تلك الجبال، وقضى مجاهدونا في الجبال ليالي وأياماً صعبة، قتلوا وقدّموا الشهداء، والآن على الحدود لم يعد هناك أيّ داع لتواجدنا. لقد فكّكنا وسنفكّك بقيّة مواقعنا العسكرية على الحدود من الجهة اللبنانية، لأنّ مهمّتنا أُنجزت. منذ اليوم، تقع المسؤولية على الدولة، فنحن لسنا بديلاً عن الدولة اللبنانية والجيش اللبناني، والأمور في السلسلة الشرقية متروكة منذ اليوم للدولة».

أضاف: «إنّ بلدة الطفيل لبنانيّة، وليس لها طريق صحيح، ومن يريد أن يذهب إليها عليه أن يدخل إلى سورية أولاً، ثمّ إلى بلدة الطفيل. عندما وقعت المواجهات في السلسلة الشرقية، اضطرّ أهالي الطفيل إلى مغادرتها. واليوم، مع انتفاء السبب، تواصلنا مع أهالي الطفيل، وقلنا لهم إنّهم يستطيعون العودة إلى بلدتهم. وإذا كان أحد يعتبر أنّ تواجدنا العسكري في تلك المنطقة كان عائقاً أمام عودتهم، فأبلغناهم أنّ مهمتنا انتهت ويمكنهم العودة».

وتابع: «هناك ملف نريد أن نغلقه، وهو اتهام بعض القوى والمنابر السياسية والإعلامية حزب الله بأنّه يريد أن يقوم بتغيير ديموغرافي في بعلبك – الهرمل، في الوقت الذي كان حزب الله إلى جانب الجيش يشكّل سدّاً منيعاً لحماية كلّ البلدات في بعلبك – الهرمل، وقدّم في هذه المهمة دماء زكيّة وتضحيات. لو أردنا تغييراً ديموغرافيا لتركنا «النصرة» و«داعش» يدخلان إلى هذه القرى، ويقتلان ويدمرّان، ثمّ نحن ندخل إليها وندمرها».

وقال: «نريد أن يعود أهالي الطفيل إليها وأن يستطيع أهالي عرسال العودة إلى أعمالهم وبساتينهم، فليبقَ أهالي عرسال في عرسال، ويعود أهالي الطفيل إلى الطفيل ويبقى أهالي القاع في القاع».

وبخصوص المسلّحين في جرود القلمون، أكّد السيد نصرالله «أنّ لا أفق لمعركة المسلّحين الموجودين في جرود القلمون»، وأضاف: «نحن جاهزون لأن نضمن تسوية تخرجون بموجبها»، معلناً عن جهوزيّة حزب الله للتفاوض على الأماكن التي سيذهب إليها المسلّحون وعائلاتهم لإقفال هذا الملف. وبالنسبة إلى النازحين الموجودين في مخيمات عرسال، فنحن جاهزون لنتواصل مع النظام في سورية لإعادة أكبر عدد منهم إلى قراهم وبلداتهم، فهذا أمر لا مشكلة فيه».

وأشار إلى أنّ «هذا الملف لا يعني حزب الله فقط، بل يعني الجميع»، داعياً إلى التعاون، وقال: «إنّ التواجد المسلّح في الجرود بات عبئاً على عرسال والناس. ولذلك، الأفضل أن تعالَج هذه الأمور في هذه المناطق حقناً للدماء».

هناك أمل

وعن قانون الانتخابات، قال السيد نصرالله: «هناك أمل حقيقي في التوصّل إلى قانون انتخابي جديد، الأمور اقتربت كثيراً من بعضها بعضاً، اللاءات الجميع متمسّك بها، وأنا أقول لكلّ القوى، مهما كانت الاعتبارات يجب ألّا نترك الحوار، لأنّ لا طريق آخر للوصول إلى حلّ، ويجب تهدئة الخطاب السياسي في البلد وتهدئة البال، لأنّ تصعيد الخطاب السياسي لا يوصل إلى قانون انتخابي، بل يعقّد إمكانية الوصول إليه».

وعن الملف السوري، قال: «أخوة بدر الدين يواصلون هناك جهادهم، وعندما أعلن عن وقف إطلاق النار في سورية، قيل إنّ إيران وحزب الله يريدان تخريب هذا الاتفاق، لكنّي أقول إنّ أيّ اتفاق لوقف إطلاق النار في سورية توافق عليه الحكومة السورية نوافق عليه نحن حكماً. القيادة السورية هي التي تفاوض، وهي التي تقبل، ونحن في هذا الأمر نقف خلفها».

ردّ على محمد بن سلمان

وعلّق السيد نصرالله على كلام وليّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، وقال: «موضوع الإمام المهدي يُجمع عليه المسلمون»، وأضاف: «الإمام المهدي الذي ينتظره المسلمون جميعاً سيخرج من مكة، لا من طهران ولا من دمشق ولا من بيروت».

وأضاف: «أنت محمد بن سلمان تقول إنّ مشكلتك ليست سياسية، تخوض حرباً دينية وتحوِّل النزاع السياسي إلى نزاع طائفي ومذهبي»، وأضاف: «خروج الإمام المهدي أمر قطعيّ، وسيخرج من مكة المكرمة وسيواليه أهل شبه الحزيرة العربية، وعندما يخرج لن يبقى ملك ظالم ولا طاغية».

وكانت تخلّلت الاحتفال كلمة لنجل بدرالدين، جدّد فيها العهد والولاء للمقاومة. كما تخلّلته أيضاً أوبريت «الثائر الأممي» ومشهديّة مصوّرة بعنوان «بأس»، وعرض فيلم للإعلام الحربي عن إنجازات بدر الدين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى