روحاني.. يجدّد الروح الإيرانية

Hitaf1هتاف دهام

احتدم المشهد الانتخابي الرئاسي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع انسحاب رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف لتعزيز حظوظ المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي، وانسحاب مساعد رئيس الجمهورية اسحاق جهانغيري كوشائي لصالح الرئيس الإصلاحي حسن روحاني.

مع خروج قاليباف وجهانغيري انحسرت المنافسة بين روحاني ورئيسي وإنْ كان الوزير الأسبق مصطفى هاشمي طبا ووزير الثقافة الأسبق المحافظ مصطفى ميرسليم لا يزالان مرشحَين.

تقول مصادر مطلعة على الملف الإيراني لـ«البناء» إنّ انسحاب القائد السابق للقوات الجوية في الحرس الثوري، لا يعكس فقط خوف المحافظين من الهزيمة، إنما يحقق إفادة لروحاني الموجود في المقلب الآخر. فاستطلاعات الرأي لا ترجح انتقال أصوات قاليباف كلها إلى كفة رئيسي، فداعمو قاليباف مختلفون. بعضهم يفضله لصفته التكنوقراطية وبعضهم الآخر لدوافع سياسية «محافظة»، بيد أنّ داعمي رئيسي من المتديّنين وبعض الفقراء.

يدرك المحافظون أنّهم سيُهزمون في الانتخابات، لكنّهم يفضلون هزيمة مرشح بـ 11 مليون صوت مثلاً بدلاً من توزيع هذه الأصوات على مرشحيْن أو أكثر خاسرين، تقول المصادر. إذ إنّ استطلاعات الأيام القليلة الماضية بعد المناظرة الأخيرة، رصدت انخفاضاً شديداً في شعبية قاليباف، مع تحسّن ظروف المرشح الرسمي للائتلاف المنضوي تحت اسم «جمنا» الجبهة الشعبية للقوى الثورية.

لا يصوّت الإيرانيون حزبياً. لا توجد أحزاب سياسية. كلّ الدورات الانتخابية أظهرت ذلك. وسط هذا المشهد ستتوزّع أصوات الشعب الإيراني يوم الجمعة المقبل بين صناديق اقتراع الإصلاحيين والمحافظين، رغم أنّ الأمور لم تُحسم بعد. وأفادت المعلومات الواردة يوم أمس أنّ روحاني حصل على تأييد 40 في المئة ورئيسي على تأييد 30 في المئة أما نسبة 30 في المئة المتبقية فلم تحسم موقفها بعد. أسود أم أبيض. لا تزال آراؤها تتراوح ضمن الدائرة الرمادية. لكن محصلتها ستتوضح ليلة الانتخابات التي ستشهد حالات مدّ وجزر.

ومع ذلك، تؤكد المصادر نفسها أنّ روحاني سيفوز بالانتخابات في الجولة الثانية بنسبة تتراوح بين 60 و65 في المئة، فضلاً عن أنّ الدستور الإيراني يجيز إمكانية أن يتولى رئيس الجمهورية الرئاسة ولايتين متتاليتين.

ما هو سائد من قناعات عند الإيرانيين أنّ فترة أربع سنوات غير كافية ليتمكّن الرئيس من تطبيق ما وضعه من برامج إصلاحية وتغييرية، فهو بحاجة إلى فترة أكبر لكي يُعطى فرصة لإنجاز ما يريد إنجازه من خطط اقتصادية وبرامج عسكرية وسياسات اجتماعية ومشاريع صحية وخدمية وتحقيق الرخاء والمنعة للمجتمع.

تعود المصادر إلى الانتخابات النيابية في إيران العام 2015. كان روحاني في بداية عهده. كانت وعوده لا تزال حبراً. لكنه وأنصاره والمعتدلين فازوا بمقاعد طهران الثلاثين، في حين فقد المحافظون الغالبية في البرلمان.

وسط احتدام السباق الرئاسي، توقف المراقبون عند انتقاد المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، حكومة الرئيس روحاني، لتوقيعها وقبولها خطة تعليم طرحتها «اليونسكو» بوصفها «متأثرة بالغرب»، واستهجانه تصريحات روحاني «إنّ سياسة الوفاق التي اتبعها مع الغرب ساهمت في تلاشي التهديد بالحرب».

وإذ اعتبر المراقبون أنّ هذه المواقف تعكس دعم المرشد للسيد المعمَّم، دحضت مصادر مطلعة على الملف الإيراني ذلك بقولها إنّ المرشد لم يدل بأيّ تصريح يعلن فيه تزكية رئيسي. وقرأت في دعوة حفيد الإمام الخميني مؤسّس الجمهورية الإسلامية جموعَ الإيرانيين لانتخاب المرشح الإصلاحي، تحفيزاً على انتخاب روحاني.

كثرت التحليلات السياسية والتكهّنات حول ما يمكن أن تكون عليه إيران في عهد الرئيس الجديد. لكن الثابت أنّ الخطوط الاستراتيجية الكبرى لا تتبدّل.

السياسة الخارجية الإيرانية يرسمها المرشد الأعلى وليس الرئيس الذي يتحرك تحت سقف هذه القرارات، بغضّ النظر عن امتلاكه مرونة وحرية في اختيار وابتداع الأسلوب.

الاتفاق النووي خير دليل. هذا الاتفاق ما كان ليبصر النور لو لم يحظَ توقيعه بتأييد الخامنئي. قائد الحرس الثوري قاسم سليماني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف يتناغمان ويتبادلان الأدوار.

فهل يجدّد روحاني الروح الإيرانية بولاية ثانية؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى